غيوبوليتيكا : هل تتحمل واشنطن ولندن مسؤولية موت الأطفال تسمما في سورية؟
تناول الكاتب أندريه بالونين، في مقال نشرته صحيفة “غيوبوليتيكا”، مع أحد الخبراء البارزين اتهام دمشق الولايات المتحدة وبريطانيا بتزويد المعارضة السورية بالسلاح الكيميائي.
جاء في المقال:
اتهمت دمشق على لسان نائب وزير خارجيتها فيصل المقداد الغرب بتزويد الإرهابيين بالمواد الكيميائية السامة، التي استخدمها الإرهابيون لأغراض عسكرية في سوريا. وبحسب كلمات المقداد، فإن هذه المواد السامة الأمريكية والبريطانية الصنع، عثر عليها الجيش السوري في مستودعات أسلحة الإرهابيين التي استولى عليها بعد فرارهم، وهي عبارة عن قنابل يدوية وقذائف لقاذفات قنابل، تحتوي على مواد من الغاز السام.
ووفقا لما قاله نائب وزير الخارجية السوري، فإن الذخيرة الكيميائية من إنتاج شركة Federal Laboratories في الولايات المتحدة، والمواد السامة من إنتاج شركة Chemring Defence UK البريطانية وNonLethal Technologies الأمريكية. كما اتهم المقداد أيضا الولايات المتحدة وبريطانيا بانتهاك معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية” بتقديمهما أشكال الدعم كافة إلى المنظمات الإرهابية في سوريا.
وفي هذا الصدد، أعربت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن دهشتها لهذا النبأ، وكتبت على صفحتها في فيسبوك إنه “أمر عصي على الفهم… يستخدمون صور الأطفال القتلى، للتغطية على تزويدهم الإرهابيين بالمواد السامة”.
بأي حال، لا تستعجل واشنطن ولندن في إظهار الندم. بل إن الطرفين الأمريكي والبريطاني على المستوى الرسمي والقطاع الخاص نفيا أي دور لهما في تزويد المعارضة السورية بالسلاح الكيميائي.
لكن، ماهي تبعات هذه الفضيحة المدوية، وهل من الممكن وضع واشنطن ولندن تحت طائلة المسؤولية لارتكابهما هذه الجريمة؟
كبير الخبراء في مركز الدراسات العسكرية-السياسية بمعهد موسكو للعلاقات الدولية ميخائيل ألكسندروف يقول: “نلاحظ تغييرا في نهج روسيا في العمل الدعائي للسياسة الخارجية. فبعدما كنا سابقا نكتفي بالرد على الاتهامات التي يوجهها الغرب إلينا، والتي كانت تضعنا دائما في موقف الدفاع والتبرير، نحاول الآن الأخذ بزمام المبادرة، وهذا شيء يبعث على السرور، … لأننا إذا بقينا في موقع الدفاع في الصراع الإعلامي مع الغرب، فسيكون محكوما علينا بأن نخسر. ولماذا علينا ألا نهاجم، وخاصة إذا كانت بين أيدينا حقائق لا تحمل سوى تفسير واحد”.
ويضيف ألكسندروف أن “الغرب استخدم حادثة الهجوم الكيميائي المزعوم في مدينة إدلب، والتي ذهب ضحيته أكثر من 80 شخصا لمصلحته من أجل تشويه سمعة روسيا. واتهمت الولايات المتحدة السلطات السورية بارتكاب هذا الهجوم الكيميائي، وفي الوقت نفسه، اتهموا روسيا بدعم نظام بشار الأسد. ونتيجة لذلك، قصفت القوات الأمريكية مطار الشعيرات، الذي عدته موسكو “عملا عدوانيا”. بيد أن التطورات التي تحدث الآن، تثبت أن الولايات المتحدة نفسها قد تكون وراء هذا الحادث الكيميائي–الإرهابي في إدلب، والذي كانت تهدف من ورائه إلى ترتيب عمل استفزازي، وإن الوقائع الجديدة الموجودة الآن في يد دمشق تدعم صدق هذا الرأي”.
هذا، ويدعو الخبير البارز إلى “إجراء تحقيق شامل في الوقائع، التي أبلغت عنها دمشق”. ويشير إلى أن “من الضروري إثارة هذه المسألة باستمرار في الأمم المتحدة. كما أن من الضروري تشكيل لجنة مستقلة تُجري تحقيقا خاصا بشأنها، ونشر تقارير منتظمة عن نتائج أعمال هذه اللجنة… بالتأكيد، إن من السذاجة انتظار معاقبة الغرب، أو أن الغرب سيذهب للتعاون في التحقيق أو الاعتراف بالذنب، ولكن هناك شيئا آخر مهما، إذ إن عملية التحقيق بنفسها تمنحنا تفوقا إعلاميا، ويجب عدم تفويت ذلك”.
ويخلص ميخائيل ألكسندروف إلى القول إن “الغرب يلعب ضدنا في سوريا، ومن دون أن يتعب نفسه بمراعاة قواعد اللعبة. لذلك من المهم ألا نترك أي فرصة له، على الأقل في الساحة الإعلامية”، – كما أكد الخبير.
سيريان تلغراف