مرجلة ترامب ؟ .. بقلم سلام مسافر
لم يجد الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة غير مطار وسط سوريا لإثبات رجولته أمام منتقديه.
فدونالد ترامب الذي توعد وهدد، وأزبد وأرعد، لا يختلف عن أسلافه من آل بوش، الكبير منهم والصغير؛ حين صدّر جورج بوش الأب، أزمة مالية كادت تعصف بالولايات المتحدة مطلع تسعينيات القرن الماضي، فهاجم العراق لتحرير الكويت من قواته، وحصلت واشنطن على مليارات الدولارات دفعها العرب، لحرب ،كتبت سيناريوهاتها في أقبية الاستخبارات العالمية وعلى رأسها سي اي ايه، وجاء بوش الابن ليثبت مرجلته في الحرب على “الإرهاب” باحتلال العراق عام 2003.
وفيما كان ترامب، المغرم، بتغيير النساء، مثل المناديل، يتحدث عن أن واشنطن لا تكترث لمصير الرئيس السوري بشار الأسد، وأنها تركز على محاربة داعش، كانت مخيلته ترسم، خطة على طريقة أفلام الكارتون، لتوجيه ضربة محدودة في سوريا، مستفيدا من مجزرة استخدام السلاح الكيميائي في بلدة خان شيخون السورية.
وقبل أن ينتظر الرئيس “التكتيكي” نتائج التحقيق في الحادث المروع، أغرق تويتر، بتغريدات توحي أن دونالد ترامب، يستعد لارتكاب حماقة، كان استكثرها على سلفه أوباما حين لوح عام 2013 باستخدام القوة ضد سوريا، بعد أول هجوم كيميائي . وحذره من القيام بمغامرة غير محسوبة النتائج!
واذا كانت روسيا في تلك الأزمة، لعبت دورا أفضى إلى إنهاء ملف سوريا الكيميائي، وتصفية دمشق لمخزوناتها من الأسلحة الكيميائية، فإن موسكو كانت تنتظر من ترامب تعاونا في تسوية الأزمة الجديدة، باعتبار أن الرئيس الأمريكي، أكد قبل وبعد انتخابه، بمناسبة ومن دونها ، الحرص على التعاون والتنسيق مع الكرملين في الشأن السوري وفي مكافحة الإرهاب وخلق أجواء من الثقة بين روسيا والولايات المتحدة .
بيد أن ترامب، لم يجد فكاكا من الاتهامات المضحكة لخصومه، بأن اعضاء في فريقه، ” يتخابرون” مع الروس، غير أن يوجه ضربة” تكتيكية” لحليف الكرملين، بشار الأسد، لتأكيد أن الرئيس الأمريكي لا ” يتخابر ” مع موسكو.
ومع ذلك فقد كان مرغما على التخابر، إذ أن الجانب الأمريكي، أبلغ الجانب الروسي، نيته توجيه ضربة لمطار سوري، وحدد له الاحداثيات، تحسبا من وجود قوات روسية في مطار الشعيرات.
وهنا يبرز السؤال، ماهي الأهداف الحقيقية للهجوم الصاروخي الذي كلف زهاء المئة مليون دولار، لا شك أن الملياردير ترامب،لا يدفعها من جيبه؟
هل أراد إثبات الوجود، والقول” نحن قادمون يابشار !!” ؟ أم لتخويف الرئيس السوري الذي تتلقى بلاده الضربات، منذ ست سنوات ولم تبق غير جزر الواق واق لم تتدخل عسكريا أو سياسيا في بلاده؟
هل أراد اختبار قوة أنظمة الدفاع الروسية المنتشرة في سوريا؟
وهل أن ترامب بهذا القدر من ضيق الأفق، بحيث يتوقع ردا روسيا مكافئا، ينذر بمواجهة بين العملاقين النوويين؟!
لا شك أن معارف ترامب العسكرية والسياسية لا ترقى حتى إلى مستوى الباحثين والمحللين العسكريين والسياسيين المتكاثرين، مثل الفطر بعد يوم ممطر في العالم العربي والذين لا يخجلون من تسمية أنفسهم “محللون استراتيجيون”.
واضح أن ترامب انتقى من بين الخيارات التي عرضها مساعدوه، الأقل ضررا، الأكثر قعقعة.
59 توماهوك، تضيء السماء في هزيع الليل، لتدمر طائرات “ميغ23” في مهاجعها، وتقتل ستة عسكريين سوريين.
سيذهب ترامب مع ميلانيا، أو من دونها لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في مكان ما خارج واشنطن. وربما سيعتكف في خيمة ويناجى النجوم كي يستلهم منها “تكتيكا” جديدا لإثبات المرجلة.
نسأل الله أن يختار هذه المرة هدفا في العالم الافتراضي الذي يعشقه الرئيس الأمريكي. فقد تدمرت شعوب العراق وليبيا واليمن وسوريا، من مرجلات الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين، بدءا من بوش الأب مرورا بكلينتون عشيق مونيكا، وبوش الصغير، وليس ترامب كما يبدو آخر العنقود.
“أبو إيفانكا” إلعب غيرها!
سيريان تلغراف