كوميرسانت : دونالد ترامب أمر بتوجيه ضربات إلى سورية
تطرقت صحيفة “كوميرسانت” إلى الضربات الصاروخية الأمريكية، التي وجهت إلى سوريا، مشيرة إلى اعتبار دمشق إياها “عملا عدوانيا”.
جاء في مقال الصحيفة:
شدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقفه من الأزمة السورية، حتى أنه تجاوز سلفه باراك أوباما بعيدا. فقد أصدر ترامب أوامره بمهاجمة قاعدة الشعيرات الجوية الواقعة شرق حمص، والتي تقع تحت سيطرة قوات سوريا الحكومية بصواريخ توماهوك. وبحسب مصادر سورية، فقد تسبب الهجوم بسقوط ضحايا بشرية وأدى إلى تدمير بنية القاعدة التحتية. وإضافة إلى ذلك، قال وزير خارجية الولايات المتحدة ريكس تيلرسون إن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات معينة لإطاحة الأسد. وقد تقضي السياسة الجديدة لترامب على أي أمل بالتعاون بين واشنطن وموسكو في سوريا، خاصة أن البيت الأبيض لم يُعلم الكرملين بهذه الهجمات قبل تنفيذها، واكتفى بإبلاغ العسكريين في سوريا بها عبر خط الاتصال الخاص بدرء وقوع الحوادث.
فقد أطلقت السفن الحربية الأمريكية المرابطة في شرق البحر الأبيض المتوسط 59 صاروخا مجنحا يصل مداها إلى 2000 كلم، باتجاه قاعدة الشعيرات الجوية السورية. وكان هدف هذه الغارات مدرجا مطار القاعدة والطائرات الحربية ومحطات تزويدها بالوقود. وبحسب المعلومات المتوفرة، بنتيجة ذلك أصيب المطار بأضرار كبيرة ودمرت جزئيا أو كليا المعدات والطائرات والبنية التحتية فيه.
وقد نفذت القوات الأمريكية الضربة الصاروخية ضد سوريا عقب مشاورات بين ترامب ومجلس الأمن القومي، وجاءت ردا على الهجمة الكيميائية المزعومة على إدلب، والتي تتهم واشنطن بها الطائرات السورية والرئيس السوري.
وأكد ترامب في خطابه، أنه أعطى الأوامر للعسكريين بتنفيذ هذه الهجمة الصاروخية على القاعدة الجوية السورية. وبحسب رأيه، فإن الطائرات السورية التي هاجمت إدلب بالسلاح الكيميائي أقلعت من هذه القاعدة، وقال: “أنا أدعو البلدان المتحضرة كافة إلى وضع حد للمذابح وسفك الدماء في سوريا”، – (حسب رويتر). وأشار ترامب إلى أن “المصالح الحيوية للولايات المتحدة تحتم منع استخدام السلاح الكيميائي وانتشاره. وليس هناك شك في أن سوريا استخدمت السلاح الكيميائي المحرم دوليا، منتهكة بذلك قرارات عديدة لمجلس الأمن الدولي. وأن جميع المحاولات الرامية لتغيير سلوك الأسد باءت بالفشل”.
والجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي يتهم دمشق بشن هجوم كيميائي على إدلب يوم 4 ابريل/نيسان الجاري، سماه “إهانة للبشرية جمعاء”، مشيرا إلى أن موقفه سيتغير جدا من الأزمة السورية والأسد. وفي هذا السياق طلب وزير خارجية الولايات المتحدة تيلرسون من روسيا “التفكير بجدية” بشأن دعم الأسد مستقبلا. وقد رد عليه المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف بالقول إن دعم روسيا نظام السيد الأسد “ليس من دون قيد أو شرط”.
ومع ذلك، فلم يُرض موقف موسكو واشنطن، وصرح تيلرسون بأن الولايات المتحدة ستتخذ التدابير اللازمة لإزاحة الأسد. وبحسب قوله، فالحديث يدور عن إجراءات ضمن إطار مفاوضات جنيف. وإضافة إلى ذلك، انتقد تيلرسون موسكو، لأنها بزعمه كانت تستطيع منع الأسد من استخدام السلاح الكيميائي، ولأن سوريا لم تنفذ اتفاقية عام 2013 تماما بشأن إتلافه. ومن جانب آخر أكد المسؤول الأمريكي أن واشنطن لم تُعلم موسكو بهذه الهجمات الصاروخية، واكتفت بإبلاغ القيادة العسكرية الروسية في سوريا عبر خط الاتصال العسكري لأنهم لم يشاؤوا إصابة الطائرات الروسية هناك.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن وزارة الدفاع الروسية أكدت أن الطائرات السورية هاجمت مستودعا للذخيرة في إدلب يعود إلى المجموعات الإرهابية، التي لا يشملها اتفاق الهدنة. ونتيجة لهذه الغارة دُمرت مستودعات للسلاح الكيميائي، ما تسبب في وقوع المأساة. كما أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية مارينا زاخاروفا أن شريط الفيديو المنشور عن الضحايا، هو شريط ملفق.
وقد أشار الباحث العلمي الأقدم في معهد الاستشراق التابع للأكاديمية الروسية للعلوم فلاديمير سوتنيكوف في حديثه إلى الصحيفة إلى أنه “بعد استلام ترامب السلطة، كان الكثيرون يأملون بتحسن العلاقات الأمريكية–الروسية. ولكننا الآن سنرى كيف ستفتر هذه العلاقات. وستكون الظروف صعبة، لأن ترامب أظهر استعداده لاتخاذ قرارات صعبة حتى من دون موافقة الكونغرس. وهذا ما يحثه عليه الجناح اليميني في الإدارة الأمريكية، وفي مقدمتهم العسكريون. وسوريا هي فقط ذريعة لتحويل نهج البيت الأبيض نحو اليمين”.
وأضاف المتحدث، “على تخوم مئة يوم من تنصيبه، حدد ترامب مع من سيكون نهجه بشأن المسائل الأساسية في السياسة الخارجية. أي أنه الآن سيصر على نفس النقاط التي كان الأمريكيون يصرون عليها، ومن بينها استقالة الأسد. ومع ذلك لا أعتقد أنه سيرسل قوات أمريكية إلى سوريا قريبا أو حتى أنه سيعلن الحرب على سوريا. لأن هذا يعني تدهورا تاما للعلاقات الروسية–الأمريكية. وإضافة إلى أن هذا يحتاج إلى موافقة الكونغرس، بيد أن استمرار الهجمات الجديدة غير مستبعد”.
سيريان تلغراف