فزغلياد : “معركة تدمر هي حرب من أجل النجاح الإعلامي”
رأت صحيفة “فزغلياد” أن نجاح “داعش” في “تدمر”، جاء نتيجة لحسابات استراتيجية خالصة لإدارة الرئيس الاميركي الحالي أوباما.
جاء في مقال الصحيفة:
مرة أخرى يشن تنظيم “داعش” هجومه على مدينة تدمر الأثرية، وتضطر القوات السورية إلى الانسحاب من مركز المدينة وخوض القتال في المناطق المحيطة. في حين أن هجمات الإرهابيين قبل يوم فقط تم صدها بنجاح، ومني “داعش” بالهزيمة بفضل العمل المنسق بين القوات السورية والقوة الجو-فضائية الروسية، لولا أن تدخلت “الحسابات الاستراتيجية الخالصة” لإدارة أوباما.
وقد صرح محافظ مدينة حمص طلال البرازي، يوم الأحد مساء 11/12/2016، بأن الجيش السوري وحلفاءه انسحبوا من وسط تدمر، وانتقلوا إلى المواقع المحيطة بالمدينة؛ موضحا أن “هذا القرار قد اتخذته القيادة السورية”.
وفي وقت سابق من يوم الأحد، ذكر المركز الروسي للمصالحة أن إرهابيي “داعش” نقلوا عدة ألوف من المسلحين من مدينة الموصل إلى منطقة الرقة ودير الزور بهدف التقدم نحو مدينة تدمر. وأشار المركز الروسي إلى أنه “بعد إعادة التجميع، حاول أكثر من 4 آلاف مسلح من تنظيم “داعش” احتلال مدينة تدمر”.
ومن الجدير ذكره أن المجموعات المسلحة الخاضعة للولايات المتحدة والتحالف الدولي علقت في الأيام الاخيرة عملياتها العسكرية ضد إرهابيي “داعش” في منطقة الرقة. ونجم عن ذلك أن الإرهابيين نقلوا من مدينة الرقة إلى تدمر قوة لا يستهان بها. هذا، إضافة إلى الاحتياطيات الكبيرة من العربات المدرعة وغيرها، والتي جيء بها من منطقة دير الزور. ولذا خاضت القوات الحكومية السورية معارك ضارية مع مسلحي التنظيم على مشارف تدمر.
وقد نقلت صحيفة “فزغلياد” عن المركز، في يوم السبت الماضي 10/12/2016، أن الوضع متفاقم في محافظة حمص، وأن تدمر التي جرى تحريرها بمساعدة القوة الجو-فضائية الروسية أصبحت مهددة. وفي يوم السبت مساءً، استطاعت القوات الحكومية السورية بمساندة من القوة الجو-فضائية الروسية صد هجوم الإرهابيين ضد المدينة. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن “الارهابيين استخدموا في هجومهم بشكل حثيث السيارات المحملة بالمتفجرات، التي يقودها الانتحاريون والعربات المدرعة والمدفعية الصاروخية”، كما ذكر المركز.
وكما ذكر المكتب الإعلامي العسكري لوزارة الدفاع السورية، فإن التنظيم بعد أن أعاد تنظيم صفوفه، شن هجوما آخر للسيطرة على تدمر. وذكرت وسائل الإعلام الغربية والعربية أن المسلحين سيطروا على قلعة الأمير فخر الدين المعني في تدمر، والتي تقع على قمة أحد الجبال، حيث يمكن رؤية تدمر كلها ومحيطها.
وقالت وكالة “سانا” السورية للأنباء إن القوات السورية صدت هجمات الإرهابيين في المناطق المحيطة بتدمر، وأن الارهابيين يشنون هجماتهم من الاتجاهات كافة.
والحقيقة، التي أثارت دهشة الكثيرين من وسائل الإعلام والخبراء، تتمثل في فرار الإرهابيين من العراق بسبب الهجوم الذي يشنه الجيش العراقي والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لتحرير الموصل، وكذلك خروج الإرهابيين من الموصل بحرية مطلقة وعبور الحدود السورية، من دون أن يتعرضوا لأي ضربات جوية من قبل قوات التحالف.
وتشير غالبية التقديرات إلى أن قوات التحالف منحت إرهابيي “داعش” الفرصة للخروج من الموصل.
ووفقا لأستاذ معهد العلوم الاجتماعية المساعد سيرغي ديميدينكو، فإن “الوضع الذي تكوَّن حاليا مرتبط وإلى حد كبير برغبة الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة أوباما في تحقيق أي نتائج كانت في مجال مكافحة الإرهاب” من أجل الإعلان عنها. وأضاف الخبير أن الحرب هي “في المقام الأول حرب إعلامية ناجحة ضد “داعش”، إذ من الأسهل لهم إخراج الإرهابيين من الموصل وإعلان النجاح، وهو أمر ضروري لإدارة أوباما بطبيعة الحال”.
وأشار كذلك إلى أنه في الوقت الحالي تأتي الأنباء عن نجاحات القوات الحكومية السورية والقوة الجو-فضائية الروسية في حلب، و” التحالف الغربي يحاول تحقيق نجاح كبير في هذ الصدد، عبر فرض سيطرته على مدينة كبيرة تقع في نطاق مسؤوليته مثل مدينة الموصل.
وقال أيضا إنه “كان من الطبيعي أن يعمل إرهابيو “داعش” على نقل قواتهم من الموصل إلى منطقة الرقة ودير الزور، حيث تشكل هاتان المدينتان القاعدة الرئيسة للإرهابيين، وخاصة الرقة التي تعدُّ العاصمة غير المعلنة للتنظيم. لذا، كان معروفا أن الإرهابيين سيفرون إلى هناك”، كما لخص الخبير.
من الجدير بالذكر أن الجيش الحكومي السوري حرر مدينة تدمر من الإرهابيين في 27 مارس/آذار بمساعدة القوة الجو-فضائية الروسية، وبعد ذلك شارك المهندسون الروس في إزالة الألغام من المدينة ومعالمها التاريخية.
هذا، وإن المحاولات الجديدة لسيطرة الإرهابيين على تدمر تشكل مخاطر جسيمة من حيث الحفاظ على سلامة التراث الثقافي الفريد في هذه المدينة. كما قال الأكاديمي نيقولاي ماكاروف، مدير معهد علم الآثار: “نحن شاهدنا ماذا فعلوا بهذه الآثار وبقايا المعابد، خلال فترة سيطرتهم عليها. ومن الواضح أن عودتهم إلى هناك تعني عودة الهمجية وتدمير الآثار”، كما ذكر الخبير.
سيريان تلغراف