إيزفيستيا : دفء مصري إزاء دمشق
تطرقت صحيفة “إيزفيستيا” إلى المباحثات، التي أجراها رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي المملوك في القاهرة على خلفية فتور العلاقات السعودية-المصرية.
جاء في المقال:
ذكرت وكالة “سانا” السورية الرسمية للأنباء أن اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني السوري زار القاهرة ليوم واحد في الـ 17 من الشهر الجاري بدعوة من الجانب المصري، وأجرى مباحثات مع خالد فوزي، نائب رئيس جهاز الأمن القومي، وعدد من الشخصيات الأمنية رفيعة المستوى.
لقد كانت هذه هي الزيارة الأولى بهذا المستوى، التي جرى الإعلان عنها لمسؤول رسمي سوري، يزور القاهرة خلال فترة السنوات الخمس الأخيرة، منذ اندلاع الأزمة في سوريا. وجاءت على خلفية توتر العلاقات بين القاهرة والرياض. وذلك خلافا لزيارات أخرى قام بها مملوك إلى القاهرة، وأصبحت معروفة فقط بعد إعلان مصادر مطلعة عنها.
وصرح عضو لجنة الشؤون العربية والدولية في مجلس الشعب السوري عن حزب “البعث” العربي الاشتراكي الحاكم ساجي طعمة لصحيفة “إيزفيستيا” بأن زيارة السيد مملوك، الذي يعدُّ أحد أقرب المقربين من الرئيس بشار الأسد إلى مصر، تعكس تغييرا جذريا في سياسة القاهرة إزاء الأزمة السورية.
وقال طعمة إنه لم يعد سرا أن عددا من اللاعبين، والرياض أولهم، بذلوا جهودا كثيرة لزرع بذور الشقاق بين القاهرة ودمشق. ولكننا الآن، ونحن نلاحظ فتورا واضحا العلاقات المصرية-السعودية، بدأت القاهرة تدرك ألَّا بديل عن سوريا وضرورة التعاون معها في حقل السياسة والأمن والاقتصاد. وبصورة عامة، فإن زيارة السيد مملوك، التي أعلن عنها، تؤكد حدوث تغيرات جذرية في الموقف المصري من التعامل مع سوريا؛ ما سوف يترك أثره في تعزيز التعاون المشترك بين الطرفين في مكافحة الارهاب، كما أكد طعمة.
وزيارة اللواء مملوك، جاءت على خلفية فتور حاد في العلاقة بين القاهرة والرياض، ولا سيما إذا أخذنا بالاعتبار أن السعودية تعدُّ أحد الرعاة الرئيسين للمسلحين الذين يخوضون حربا ضد السلطة في دمشق.
لقد أيدت مصر مشروع القرار الروسي، الذي أفشله فيتو أمريكي في مجلس الأمن يوم (08/10/2016)، وكان من الممكن أن يكون في حال نجاحه لمصلحة الحكومة السورية. وبسبب ذلك تعرضت القاهرة لانتقادات حادة من الجانب السعودي، ووصف عبد الله المعلمي، مندوب السعودية في المنظمة الأممية هذا التصرف المصري بأنه “يستحق الأسف”، ولم يمض على ذلك يومين، حتى جاء رد الفعل السعودي في يوم (10/10/2016) عبر إعلان الرياض عن وقف تزويد مصر بالمحروقات كما يوجب العقد الموقع بين الطرفين في شهر أبريل/ نيسان من العام الجاري، والذي تبلغ قيمته 23 مليار دولار، وينص على توريد 700 ألف طن من المنتوجات النفطية السعودية شهريا إلى مصر خلال فترة 5 سنوات.
وعلى الرغم من أن القاهرة حاولت إلى حد ما عدم الربط ما بين الحدثين، كما جاء في تصريح للرئيس السيسي؛ لكن، وكما ذكرت بعض وسائل الإعلام العربية، فإن السيسي وجه يوم (15/10/2016) اعتذارا للشعب اليمني بسبب تصرفات قوات التحالف الذي تقوده السعودية، وكان آخر هذه التصرفات الدموية، ما جرى في العاصمة اليمنية صنعاء يوم (08/10/2016)، عندما وجهت الطائرات الحربية السعودية ضرباتها إلى مجلس عزاء، ما أدى إلى مقتل أكثر من 200 مواطن يمني.
شريف فياض عضو المكتب السياسي لحزب “التجمع” المصري، أكد بدوره لصحيفة “إيزفيستيا”، أنه وعلى ضوء فتور العلاقة مع السعودية، بدأت القاهرة العمل على مراجعة نهجها حيال مسألة إيجاد حل للأزمة في سوريا، وقال فياض:
“في مصر يؤمنون بأن مستقبل عموم المنطقة يعتمد على كيفية تطور الوضع في سوريا. وفي حال انتصار ما يسمى “المعارضة المعتدلة”، فإن هذا سوف يؤدي إلى تقوية مواقف الحركات الإسلامية-الراديكالية والاسلام السياسي، وهذا بعمومه بالنسبة لمصر أمر غير مقبول بالمطلق. وللأسف الشديد، إن مصر إلى الفترة الأخيرة كانت تتعرض لضغوط من قبل السعودية التي بدورها ترعى المسلحين في سوريا، وبسبب ذلك لم تستطع القاهرة تحديد موقفها بوضوح. ولكن الوضع تغير الآن. ويشير إلى ذلك تصويت القاهرة على مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن، وكذلك زيارة اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني السوري إلى القاهرة، كما أكد المتحدث لصحيفة “إيزفيستيا”.
سيريان تلغراف