الأسد : ما نراه أكثر من حرب باردة وأقل من حرب فعلية
اعتبر السيد الرئيس بشار الأسد أن التصعيد الأخير في سوريا والذي جاء في ظل مشاركة لاعبين خارجيين بينهم روسيا وأمريكا، يمثل مرحلة من مراحل حرب “أكثر من حرب باردة وأقل من حرب فعلية”.
وفي مقابلة مع صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” الروسية، نشرت بالكامل يوم الجمعة 14 أكتوبر/تشرين الأول، سئل الأسد، ما إذا كان يخشى من أن تنجم عن الصراع السوري حرب عالمية ثالثة أم أن حربا عالمية ثالثة قد بدأت فعلا.
ورد الأسد قائلا: “فيما يتعلق بالحرب العالمية الثالثة فإن هذا التعبير استخدم كثيراً في الآونة الأخيرة خصوصاً بعد التصعيد الأخير فيما يتعلق بالوضع في سوريا، يمكن القول إن ما نشهده الآن، ما شهدناه خلال الأسابيع، وربما الأشهر القليلة الماضية، هو أكثر من حرب باردة وأقل من حرب فعلية، لا أعرف كيف أسميها، لكنها ليست شيئاً ظهر مؤخراً وحسب لأني لا أعتقد أن الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة أوقف حربه الباردة حتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي”.
وتابع أن سوريا تمثل إحدى هذه المراحل المهمة في هذه الحرب التي ليس لها اسم، واعتبر أن القضية برمتها تتعلق بالمحافظة على الهيمنة الأمريكية على العالم وعدم السماح لأي كان بأن يكون شريكاً على الساحة السياسية أو الدولية سواء كان روسيا أو حتى أحد حلفاء أمريكا الغربيين.
وتابع أن هذا هو جوهر هذه الحرب التي توصف بأنها حرب عالمية ثالثة. واستدرك قائلا: “إنها حرب عالمية لكنها ليست حرباً عسكرية، جزء منها عسكري وجزء يتعلق بالإرهاب والأمن والجزء الآخر سياسي”.
وأصر على أن جوهر القضية السورية هو الإرهاب. وأضاف: “بصرف النظر عمن يتدخل في سوريا الآن فإن الأمر الأكثر أهمية هو، من يدعم الإرهابيين بشكل يومي وعلى مدار الساعة، هذه هي القضية الرئيسية، إذا تمكنا من حلها فإن هذه الصورة المعقدة التي وصفتها لن تكون مشكلة كبيرة وبوسعنا حلها”.
وأكد أن روسيا وإيران وحزب الله “حلفاؤنا وأتوا إلى سوريا بشكل قانوني، إنهم يدعموننا ضد الإرهابيين بينما تقوم الدول الأخرى التي تتدخل في سوريا بدعم أولئك الإرهابيين”. وشدد قائلا: “بالتالي فإن المسألة لا تتعلق بالعدد بل بالقضية الجوهرية المتمثلة في الإرهاب”.
الأسد: بإمكان الروس أن يقلصوا الضرر الذي يتسبب به أردوغان
كما أصر الرئيس الأسد على أن عملية “درع الفرات” التي أطلقتها أنقرة في المناطق السورية المتاخمة للحدود، تعد غزوا. وشدد قائلا: “سواء كان على جزء صغير أو كبير من الأراضي السورية، إنه غزو ويتعارض مع القانون الدولي ومع الأخلاق ويشكل انتهاكا للسيادة السورية”.
وأضاف أن الهدف من هذا الغزو، يكمن في تبييض صفحة الحكومة التركية، وتغليف “داعش” والنصرة” بغلاف جديد كي تتمكن أنقرة من التحدث عن قوات معتدلة جديدة.
وفي الوقت نفسه، أكد الأسد أنه ينظر بإيجابية إلى التقارب الروسي التركي الأخير.
وأوضح قائلا: “من خلال هذا التقارب بين روسيا وتركيا فإن أملنا الوحيد نحن في سوريا أن تتمكن روسيا من إحداث بعض التغييرات في السياسة التركية، هذا أملنا وأنا متأكد أن هذا هو الهدف الأول للدبلوماسية الروسية حيال تركيا هذه الأيام لتتمكن من تقليص الضرر الذي حدث بسبب تجاوزات الحكومة التركية على الأراضي السورية، آمل أن يتمكنوا من إقناعهم بأن عليهم التوقف عن دعم الإرهابيين ومنع تدفقهم عبر حدودهم ووصول الأموال إليهم”.
لكنه حذر من أن أردوغان “كشخص ينتمي إلى الأيديولوجيا العنيفة والمتطرفة للإخوان المسلمين لا يمكن أن يكون شخصاً مستقيماً إذا توخينا الصراحة والواقعية”. وأعرب عن أمله في تعديل الموقف التركي ولو بقدر ضئيل، مؤكدا “لن يحدث تغيير كامل بالضرورة وليس لدينا مثل هذه الآمال، إننا لا نرفع كثيراً من سقف توقعاتنا وخصوصاً فيما يتعلق بشخص كأردوغان وعصبته، لكن أي تغيير في هذه اللحظة سيكون جيداً”.
الأسد: روسيا لم تطلب منا أي مقابل
وبشأن مشاركة روسيا في عمليات محاربة الإرهاب بسوريا، قال الأسد إنه في عام 2014، عندما بدأ التوازن يتغير لمصلحة الإرهابيين بدعم من الغرب، باتت موسكو مستعدة للتدخل بشكل مباشر، مؤكدا أن الجانب الروسي لم يطلب أي مقابل حتى الآن. وأوضح: “لهذا السبب دعوناهم، ولأننا نثق بهم بالطبع، إننا نثق بسياستهم فسياستهم تقوم على الأخلاق قبل المصالح، نثق بهم لأننا نعرف أنهم أرادوا أن يدعمونا لأنهم أرادوا التخلص من الإرهابيين وليس لأنهم أرادوا أن يطلبوا منا أي شيء بالمقابل فهذا ما لم يفعلوه أبداً، حتى هذه اللحظة لم يطلبوا منا أي شيء بالمقابل، كل هذه العوامل شجعتني والحكومة والمؤسسات السورية على طلب المساعدة الروسية.”
وأصر الرئيس السوري على أن الطريقة الوحيدة للتعامل مع “المقاتلين الأيديولوجيين أو الإرهابيين الذين يقاتلون جيشنا” هي قتالهم والتخلص منهم، ما من طريقة أخرى. وشدد على أن هؤلاء ليسوا مستعدين لأي حوار.
وأشار إلى أنه بعد بدء الغارات الروسية، تقلصت مساحة المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيين. واستطرد قائلا: “بالتالي فإن الواقع يتحدث عن نفسه، هذا هو الأثر الرئيسي وأي أثر آخر يعد هامشياً إزاءه، لقد غيروا ميزان القوى على الأرض لغير مصلحة الإرهابيين”.
الأسد: لم أفكر أبدا في نقل أسرتي إلى مكان آمن
وقال الأسد إنه أصر على بقاء أسرته في سوريا طوال الأزمة السورية، “حتى عندما لوحت واشنطن بتوجيه ضربات إلى سوريا في خريف عام 2013، كان طبيعيا”. وشدد قائلا: “في الواقع لم نفكر أبداً بهذا.”
وأوضح الرئيس السوري بقاء أفراد أسرته في سوريا، قائلا: “كيف يمكن أن تقنع السوريين بالبقاء في بلادهم بينما تطلب من أسرتك مغادرة البلد، لا تستطيع ذلك، ينبغي أن تكون الأول، بكل المعاني، فيما يتعلق بالعنوان الوطني، ينبغي أن يكون المرء هو الأول كرئيس، وفيما يتعلق بأسرته وبكل من يحيط به في الحكومة وبموظفيه، لا يمكن أن تقنع الناس في بلدك بأنك تستطيع الدفاع عن بلدك بينما لا تثق بجيشك في الدفاع عن أسرتك.”
سيريان تلغراف