كيف يحصل الحلبيون على الكهرباء في زمن الحرب ؟
الـ “أمبير” مصطلح جديد اقتحم حياة المواطنين الحلبيين وبات محور أحاديثهم اليومية، رغم ظروف الموت والدمار التي تلاحق الجميع في مدينة صنفت كأخطر بقعة في العالم.
اعتاد الحلبيون على غياب التيار الكهربائي “النظامي” المغذي لمساكنهم ومواقع عملهم منذ وقت طويل ليستبدلوها بآخر “استثماري” يتم تزويدهم به عبر مولدات ضخمة تعمل على الديزل تتمركز في الحدائق والمساحات الشاغرة في كل حي وزاوية، مقابل مبالغ مالية مرهقة.
يقول ميشيل من سكان حي السليمانية: “الكهرباء النظامي (الحكومي) يطل علينا في المناسبات فقط، ولا يمكن الاعتماد عليه اطلاقاً، لذلك قمنا بالاشتراك في الأمبير (المولدة الكهربائية) بشروط مجحفة تبدأ بالسعر الباهظ ولا تنتهي عند تجاوز المستثمر”.
وانقطعت التغذية الكهربائية عن مدنيي حلب بشكل كامل منذ ما يقارب الشهر، وهي ليست المرة الأولى التي يغيب فيها التيار الكهربائي كل هذه المدة عن المدينة، في وقت لم تتجاوز فيه ساعات وروده في أفضل الأحوال الـ 6 ساعات يومياً سابقاً.
فاطمة، والدة 3 أبناء، المرأة الخمسينية من سكان حي الموكامبو تصف حال الكهرباء في المدينة بالقول: “لا أتذكر متى كانت المرة الأخيرة التي استعملت فيها المصعد للوصول إلى منزلي في الطابق الثالث، نعتمد على الامبير حتى ساعات الليل الأولى، ثم نستعين بالليد (اضاءة تعتمد على البطارية) لإكمال سهرتنا”.
وتبلغ كلفة الأمبير الواحد 1000 ل.س.(2 دولار) وفق التسعيرة الرسمية التي بدأ تطبيقها مؤخراً بعد أشهر من حالة عدم ضبطها. وبحساب بسيط فإن الكمية المطلوبة لتشغيل الأساسيات المنزلية تبلغ 10 أمبير اسبوعيا، ما يعني حوالي(90 دولاراً) شهرياً من أجل الحصول على 10 ساعات كهرباء يومياً، ما يعتبر مبلغاً مجهداً بالمقارنة مع دخل الفرد المتدني في سورية نتيجة للحرب.
وتهمس فاطمة أن سبب عدم ضبط أسعار وساعات تشغيل بعض الأمبيرات في حلب يعود لكونه مستثمراً من قبل “أناس متنفذون” في المدينة، التي لا يكاد يمر يوم دون أن تنزف بعشرات الضحايا من قتلى وجرحى بسبب سقوط القذائف على أحيائها السكنية أو نتيجة للاشتباكات الدائرة على الجبهات المحيطة بها.
كلام يرد عليه أحد أصحاب المولدات بالقول أن “السعر المفروض من قبل المحافظة في حلب لا يحقق الا هامشاً بسيطاً من الربح، مع الأخذ بعين الاعتبار صعوبات تأمين المازوت (الديزل) وقطع التبديل اللازمة لإصلاح المولدات”.
ويضيف المستثمر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه “كثيراً ما نلام على توقف المولدة نتيجة عطل ما، دون الأخذ بعين الاعتبار أن هذه المولدات تعمل لساعات طويلة دون توقف وبالتالي كمثل أي محرك او جهاز ميكانيكي فهي عرضة للأعطال التي قد يطول تصليح بعضها”.
وبين المستثمر والزبون ينتظر الحلبيون إعادة اصلاح الشبكة البديلة التي تعطلت مؤخراً بسبب الاشتباكات الدائرة على محور الراموسة جبهة المدينة الجنوبية، بعد خروج الشبكة الرئيسية عن الخدمة بعد بدء الأحداث في حلب بوقت قصير.
سيريان تلغراف