“داعش” يهيئ أنصاره لاحتمال انهيار إمبراطوريته
تطرقت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” إلى احتمال انهيار “دولة الخلافة”، في ضوء النجاحات التي تحرزها القوات العراقية في نينوي.
جاء في مقال الصحيفة:
تستعد “دولة الخلافة”، التي أُعلنت قبل سنتين للسقوط، على خلفية نجاحات القوات العراقية، التي تهاجم مدينة الموصل. وإذا كان هذا جليا للعين المجردة في العراق، فإنه في سوريا بدأ بالتباطؤ، وذلك نتيجة استمرار المواجهات بين القوات الحكومية والمتمردين. لهذا السبب يتوجه وزير خارجية الولايات المتحدة إلى موسكو لكي يطرح على روسيا “آخر مقترح بشأن سوريا”.
وتشير صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن زعماء “داعش” أصبحوا يعترفون في تصريحاتهم في الفترة الأخيرة بالهزائم التي يتكبدونها في ساحات القتال، من دون الاشارة إلى تحرير المدن التي كانت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي. وتنشر الصحيفة تصريحات لممثل “داعش” جاء فيها أن بنى التنظيم التحتية تتعرض “للهجوم في العراق وسوريا، ومع ذلك تمكنَّا من التوسع، ومن نقل بعض مقار القيادة والإعلام والموارد المالية إلى بلدان أخرى”. وكان “الجهاديون” قد أغلقوا الانترنت، وأمروا بتدمير أجهزة التلفزيون وصحون استقبال البث التلفزيوني في إحدى القرى، التي يسيطرون عليها، ما يعدُّ دليلا على أنهم بدأوا بوقف نشاطهم تدريجيا.
لقد خسر التنظيم منذ بداية السنة الجارية 12 في المئة من الأراضي التي كانت تحت سيطرته، ولا يُستبعد أن يفقد قريبا البقية الباقية منها؛ حيث أصبحت “عاصمتاه” المنتحلتان: الموصل في العراق والرقة في سوريا في دائرة الخطر. والموصل هي أضخم مدينة تمكن التنظيم الإرهابي من السيطرة عليها، ومنها بدأ بناء “دولة الخلافة”. لذلك لا ينوي “داعش” التخلي عنها بسهولة، وإن العمليات الإرهابية في اسطنبول وبغداد كانت ردا على هزائمه في جبهات القتال. ويؤكد الخبراء أن هذه الهجمات ستستمر وتتكرر. أي أن “دولة الخلافة” ستتحول إلى شبكة منتشرة ذات فروع وخلايا في ثلاث قارات على أقل تقدير.
من جانبهم، يؤكد المسؤولون في الأجهزة الأمنية الأوروبية وجود الخطر، وأن المرحلة الجديدة للنشاط الارهابي مقبلة.
ومع ذلك، يدعو الخبراء إلى عدم دفن “الخلافة” قبل الأوان.
يشكك مدير مركز شراكة الحضارات في معهد موسكو للعلاقات الدولية، فينيامين بوبوف بقرب زوال “داعش”. ويقول: “يجب أن نكون واقعيين: تدفق الشباب إلى صفوفه لم ينقطع، ومع تحقيق نجاحات عسكرية، علينا أن نتعايش مع وجود “داعش” فترة من الزمن. لأن النصر في الجبهة لا يسمح باقتلاع هذا الشر من جذوره فورا، وخاصة مع وجود هذه النسبة من البطالة والعدد الكبير من الشباب المسلم المهمش، وهؤلاء يرون في “داعش” أملهم ومستعدون للقتال تحت رايته. كما أنه ليس سرا وجود مقار احتياطية لـ “داعش” في ليبيا وأفغانستان وبلدان إفريقية. كذلك ليس سرا قوة تنظيم “داعش” الذي نفذ العمليات الإرهابية في تركيا والعراق في شهر رمضان المبارك”.
وقد صدرت مقالة واشنطن بوست في نفس اليوم، الذي أعلن فيه وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي عن “إحكام الطوق” حول مدينة الموصل، حيث تمكنت القوات الحكومية من السيطرة على المداخل الجنوبية للمدينة واحتلت القاعدة الجوية في القيارة التي ستكون النقطة الرئيسة خلال الهجوم على المدينة. وكان وزير دفاع الولايات المتحدة آشتون كارتر قد أعلن قبل ثلاثة أيام عن إرسال 560 عسكريا إضافيا إلى العراق لتقديم مساعدات لوجستية للقوات العراقية.
ويذكر أن رئيس وزراء العراق حيدر العبادي كان قد وعد بتحرير الموصل قبل نهاية السنة الحالية. وتشير وكالة “رويتر” إلى أن نشاط السلطات العراقية هو رد على الهجمة الإرهابية في بغداد التي أودت بحياة نحو 300 شخص وأدت إلى سقوط مئات الجرحى.
وإذا كانت الأمور تجري على ما يرام في العراق، فإنها تتعرقل في سوريا، نتيجة استمرار الاشتباكات بين المتمردين المطالبين باستقالة بشار الأسد والقوات الحكومية.
وتؤكد صحيفة “واشنطن بوست” أن وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري سيقترح في موسكو تشكيل مجموعة مشتركة لتبادل المعلومات الاستخبارية والعملياتية، لمتابعة نشاط “جبهة النصرة” الارهابية. كما سيحاول كيري إقناع موسكو بضرورة تزامن الغارات الجوية للطائرات الروسية والأمريكية على مواقع “داعش”، ما سيسمح بتجنب وقوع اصطدامات في الجو.
هذا، ويذكِّر بوبوف بأن روسيا تدعو منذ نصف سنة الولايات المتحدة إلى القيام بعمليات مشتركة في سوريا؛ ولكن البيت الأبيض لم يرغب في التعاون. أما الآن، فيبدو أن الولايات المتحدة نفسها تعيش “أوضاعا بالغة التوتر”: فهي تواجه أزمة قيادة ومستقبلا ضبابيا، وهذا ما يفسر “التقلبات الدائمة في مواقف الغرب”. ولذا، لم يبق أمامنا سوى انتظار النتائج الرسمية للمباحثات في موسكو.
سيريان تلغراف