السينما السورية تفجع بمبدع “اللجاة”
غيب الموت مساء الأربعاء 14 يونيو/حزيران المخرج السينمائي السوري رياض شيا عن عمر ناهز 62 عاما بعد صراع طويل مع مرض عضال في أحد مستشفيات باريس.
والراحل شيا من مواليد السويداء عام 1954 درس في معهد السينما بموسكو وأنجز خلال دراسته فيلما تسجيليا قصيرا عن أحد مجاهدي الثورة السورية الكبرى وأنتجت له المؤسسة العامة للسينما فيلمه الروائي الوحيد بعنوان “اللجاة” عام 1995 والتي اختار لها حكاية من بيئة محافظته السويداء اقتبست عن قصة لممدوح عزام وأعاد المخرج والمؤلف التصرف بها في سياق فني تعاونا في كتابته.
ونال الراحل شيا عن فيلمه اليتم العديد من الجوائز منها الجائزة الفضية في مهرجان دمشق السينمائي عام 1995 وثلاث جوائز في مهرجان الاسكندرية السينمائي لأفضل تصوير ومونتاج وإخراج.
انتزع شيا فرصة إنتاج هذا الفيلم” بعد اشتغاله كمساعد مخرج ومستشارا في فيلمي “نجوم النهار” لأسامة محمد و”الطحالب” لريمون بطرس، مسجلاً لقطة طويلة عن بيئة صخرية بركانية، منعزلة وصامتة كانت تُعتبر ملجأً للثوار الهاربين أيام الاحتلال العثماني.
الفيلم الذي مرّ تحت رقابة المرجعية الدينية لجبل العرب، كان مثار جدل وقتها من جهة تطرقه لعادات وتقاليد بيئة لم يتم تناولها من قبل بهذه الجرأة والشاعرية المتناهية، ربما هذا ما جعل رياض شيا دائم البحث بعد هذا الفيلم عن تجربة ثانية لن تبصر الضوء، لا من المشاهدات المطولة التي صوّرها برفقة صديقه الفوتوغرافي محمد الرومي عن بيئة البدو وضفاف الفرات في الجزيرة السورية، ولا حتى رواية “جهات الجنوب” لممدوح عزام أيضاً التي شغلته لسنوات، ليظل هذا المخرج وفياً للتفكير بمعنى السينما وقدرتها كفنّ على نبش دلالات مغايرة لما هو سائد في الواقع والحياة اليومية، مثله في ذلك مثل تجارب رفاق عمره من سينمائيين سوريين آثروا تخليص أفلامهم من عناصر مفروضة عليها معتنين بالتشكيل والموسيقى وأداء الممثل إلى حد التخفيف منه لمصلحة جعله عنصراً في لغة تتجاوز المشهدية ذات الدلالة الأحادية في التعبير والتواصل، نحو تكوين فهم خاص عن الإنسان في المكان.
أواخر التسعينيات كان رياض شيا قد عقد العزم على تحقيق فيلم مقتبس من أجواء الممثلين العاملين في استوديوهات الدوبلاج؛ لكن حتى هذا الحلم لم يتبلور بما يكفي، ليمر الزمن سريعاً وصولاً إلى سنوات التقاعد الأخيرة التي آثر فيها الرحيل إلى باريس عام 2012، تاركاً ذكرياته مع أصدقائه وندمائه بعد اشتداد وطأة الحرب في البلاد، وحاجته للمعالجة من السرطان الذي أصاب حنجرته وكتم طموحه إلى الأبد.
سيريان تلغراف