أرغومينتي إي فاكتي : أسئلة ساذجة عن الحرب في سورية
طرحت صحيفة “أرغومينتي إي فاكتي” أسئلة عن سبب قتال المجموعات الراديكالية بعضها بعضا؟ ومن يرعاها؟ ولماذا تستخدم هذه القسوة المتفننة في قتل المدنيين؟
وأجاب على هذه الأسئلة وغيرها ليونيد إيسايف، المستعرب، والأستاذ في مدرسة الاقتصاد العليا.
حول سبب القتال بين المجموعات الراديكالية، رغم وحدة أهدافها.
يقول إيسايف إن مصالح هذه المجموعات، في حقيقة الأمر، مختلفة تماما؛ حيث إن كل مجموعة راديكالية تسعى للوصول إلى السلطة في سوريا، وهذا ما يثير بينها منافسة شديدة. إذ إنها رغم اتحادها أحيانا في مواجهة العدو المشترك، وهذا ما نلاحظه في سوريا خلال سنوات الحرب الخمس، فإن كل مجموعة تسعى لتحقيق أهدافها الأساسية، التي لا علاقة لها بالشعارات الدينية.
ولكن، كيف برزت فكرة محاربة الكفار، التي يتستر بها الراديكاليون؟
في وقت ما بدأ يتساءل المسلمون: كيف أن “الحضارة الإسلامية التي أبهرت العالم في الماضي” هي اليوم في ظلام دامس؟ وكيف يمكن إعادة مجدها السابق؟
الكثيرون أدركوا أن “العصر الذهبي” للإسلام تميز بتطور المستوى الفكري، حين كان الشرق الأوسط أحد المراكز العلمية في العالم. ولكن بعضا آخر يمتلك وجهة نظر مختلفة. فهو يعتقد أن الكفار هم سبب مشكلات المسلمين كافة. والسبب الرئيس لظهور هذه الأفكار هو انتشار الجهل في العديد من بلدان المنطقة.
طبعا، هناك من يرعى وجهات النظر والأفكار هذه؛ لأنها تتطابق مع أفكاره أو قريبة من وجهات نظره. فمنهم من يعتقد بضرورة حمل السلاح ومحاربة من يعدّهم كفارا. ومنهم من يعمل وسط الجماهير وعبر شبكات التواصل الاجتماعي من أجل تجنيد أكبر عدد من الأنصار.
كما أن هناك في الوقت نفسه في العالم كثيرين ممن يرفضون العمل مع الإرهابيين وقتل الكفار، لكنهم على استعداد لتزويدهم بالسلاح والمال، لمحاربة الكفار.
ويشير إيسايف إلى أن من الخطأ اتهام الدول بدعم المجموعات الإرهابية، كما يحصل حاليا؛ لأن دعم هذه المجموعات يتم من خلال مؤسسات وبنى مختلفة. وليس مستبعدا أن يكون بين العاملين فيها من يدعم هذه المجموعة الإرهابية أو تلك. ولكن هذا لا يعني أن الدولة تدعم هذه المجموعات.
ولكن، لماذا ازدهرت جميع هذه المجموعات في سوريا؟
المجتمع السوري معقد من الناحية الطائفية. ومن السذاجة الاعتقاد بأن ظهور العلويين والمسيحيين والمسلمين بمختلف مذاهبهم في سوريا في بؤرة النزاع كان عفويا. طبعا، هناك مرتزقة قدموا من بلدان أخرى، ولكن غالبية المنضوين تحت راية المعارضة المعتدلة هم سوريون. لقد تسببت انتقائية المجتمع السوري في عدم تجانس الأطراف المتنازعة وتوسع طيفها الإيديولوجي والسياسي.
وأصبح “الربيع العربي” في هذا السياق “زناد الإطلاق” في سوريا. فتحت تأثير ما يجري في العراق بعد عام 2003، وسقوط أنظمة عام 2011 نتيجة الاحتجاجات، برزت المشكلات التي يعانيها المجتمع السوري: فكم من مرة طالب الأكراد بمنحهم حكما ذاتيا؟ وكانت السلطات ترفض الاستماع إليهم، وعندما كانوا يستخدمون أساليب أخرى لتحقيق مطالبهم، كانت السلطات تقمعها بقوة. وهناك أمثلة عديدة غيرها.
تصطدم في سوريا نظرا لموقعها الاستراتيجي مصالح العديد من الدول: تركيا، الولايات المتحدة، روسيا، إيران، إسرائيل، أوروبا والصين وغيرها.
وقد اختارت “داعش”، التي ولدت في العراق بعد اندلاع الحرب الأهلية هناك، ومن هناك انتشرت إلى الدول الأخرى. ولكي تبسط هذه “الدولة” سيطرتها، بدأت تتفنن في طرق وأساليب قتل معارضيها ومن يقف ضدها، بهدف إرهاب الآخرين وترويعهم.
ويضيف إيسايف أن أكراد سوريا يريدون الحصول على حقهم في حل المشكلات التي تظهر في مناطق سكناهم، وهم يحاولون الاتفاق مع المركز لمنحهم هذه الصلاحيات. وحاليا، أصبحت الظروف ملائمة لحصولهم على الحكم الذاتي. ولكنهم في حال رفضِ النظام المركزي منحهم هذا الحق، فسيضطرون إلى انتهاج أساليب أكثر راديكالية لتحقيق هدفهم، وقد يعلنون الانفصال.
وهذا ما يثير أردوغان الذي يحاول الدفاع عن مصالحه ومصالح تلك القوى السورية التي تدور في فلكه. فأردوغان يكره الأكراد ويحقد عليهم، رغم أنهم يشكلون نسبة عالية من سكان تركيا، ومن حقهم الحصول على الحكم الذاتي. ولكن تركيا مع ذلك تعارض مشاركة الأكراد كطرف في مفاوضات جنيف.
ويؤكد المتحدث أن الدول الإسلامية – تركيا والمملكة السعودية وقطر وإيران، تحاول قبل كل شيء تحقيق أهدافها الجيوسياسية وتعزيز نفوذها في سوريا. وهي تحاول الخروج منها من دون خسائر على اقل تقدير، إذا لم تحقق طموحاتها هناك. أما بالنسبة إلى العراق ومصر والأردن ولبنان، فهذه الدول تأمل بتسوية النزاع السوري ليحل الاستقرار، ولا ينتقل النزاع إلى أراضيها.
سيريان تلغراف