التلغراف : البوسنة مسرح لـ”داعش” على تخوم أوروبا
باتت البوسنة مبعث قلق جدي لجيرانها الأوروبيين من احتمال أن تتحول إلى ” بيت آمن” للمتطرفين بعد تحذيرات متكررة من انهيارها وقيام دولة للإرهابيين على أراضيها في البلقان.
وفي تعليق بهذا الصدد، كتبت صحيفة “تلغراف” أنه ومنذ أن تحول “داعش” لشن هجماته في قلب أوروبا، أدرك الأوروبيون حقيقة أنهم صاروا في مرمى أهداف “ذئاب” التنظيم، لاسيما بعد اعتداءات باريس وبروكسل الدامية، ما يسوغ إمعان الأجهزة الاستخبارية في دول أوروبا في تقصي منافذ الأخطار المحدقة بأمن أوروبا، بما يحول دون تنفيذ التنظيم هجمات أو اعتداءات تطال أراضيها.
واعتبرت الصحيفة أن القلق الغربي حيال تسلل “داعش” إلى أوروبا وتثبيت أقدامه هناك، سيزيد من وتيرة العمليات الانتحارية ويضع أوروبا على صفيح ساخن من الإرهاب.
البوسنة ” بيت آمن للإرهابين”
هذه الأسباب وغيرها، أيقظت جيران البوسنة الأوروبيين حسب الصحيفة، ليواجهوا هاجسا جديدا من أن تتحول البوسنة المطلة على جنوب شرق أوروبا، إلى بوابة للإرهابين الوافدين من معسكرات القتال في مناطق النزاع في سوريا والعراق وأفغانستان.
واستندت “تلغراف” في تقريرها إلى شهادات خبراء في قضايا الإرهاب، حذروا من فرضية أن تصبح البوسنة أرضا خصبة للإرهابيين علما بأن التقديرات الرسمية تشير إلى انضمام ما بين 250 و300 بوسني إلى تنظيمات إرهابية تتبع لـ”داعش” أو “القاعدة”.
فبين أبرز القياديين في تلك المجموعات الإرهابية، كما ذكرت الصحيفة، بايرو ايكانوفيتش، قائد أكبر معسكرات التدريب التابعة لـ”داعش” شمال سوريا، ونصرت اماموفيتش، القيادي في “جبهة النصرة” ذراع “القاعدة”.
رايات “داعش” السوداء في قرى بوسنية نائية
حذرت الشرطة الأوروبية “يوروبول” مطلع 2016 من وجود معسكرات تدريب يديرها “داعش” على أطراف الاتحاد الاوروبي وفي منطقة البلقان تحديدا، ونقلت مجلة “شبيغل” الألمانية عن محققين قولهم إن نحو 12 منطقة في البوسنة ينشط فيها متشددون بعيدا عن أعين السلطات، فيما راجت أنباء حول انتشار رايات “داعش” السوداء في قرى بوسنية نائية.
البوسنة، وبعد 20 عاما على انقضاء الحرب فيها، لا تزال تعاني صعوبات اقتصادية تعطل مسار التنمية، ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب تخطت الـ50% حسب إحصائيات رسمية، الأمر الذي يسهم في انتشار الفقر وتسهيل إغواء العاطلين من الشباب وجرهم إلى مستنقع الإرهاب.
ومما يثير مخاوف الخبراء وفقا للصحيفة، احتمال أن تؤدي نزاعات إقليمية عرقية محتملة في البوسنة والهرسك بالدفع هناك نحو ترسيخ “تطرف إسلامي” قد يؤدي إلى تقسيم البلاد ونشوء مرتع خصب للإرهابيين في أوروبا على الأراضي البوسنية.
“بصمات بوسنية” في مسرح جرائم بروكسل وباريس الإرهابية
كشفت التحقيقات في الاعتداء الإرهابي الذي تعرضت له مجلة “إيبدو” الفرنسية مطلع 2015، وحسب تقرير لوزارة الأمن البوسنية، عن أن ذخيرة مصدرها البوسنة استخدمت في الهجوم على المجلة كما أن بعض الأسلحة التي استخدمت في هجمات ما يعرف بـ”نوفمبر باريس” الدموي كان مصدرها البوسنة كذلك.
ومما يعزز مخاوف الخطر البوسني، كما اعتبرت “تلغراف”، موافقة بروكسل مؤخرا على السماح للبوسنة باتخاذ الخطوة الثانية لاستكمال آليات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي سيمنح مواطنيها حرية أكبر في دخول أراضي الاتحاد الأوروبي.
وخلصت الصحيفة إلى القول إن تنظيم “داعش” الذي كان الغربيون ينظرون إليه في الأمس القريب كـ”ظاهرة” نائية عن واقعهم، قد أخذ اليوم يتسلل بالتدريج إلى قلب أوروبا، بعد انتكاساته المتوالية في سوريا والعراق، لتصبح القارة العجوز في مواجهة مباشرة مع “الشيطان الأعظم”.
سيريان تلغراف