ازفيستيا : فكرة فدرلة سورية ليست ذات راهنية
تطرقت صحيفة “ايزفيستيا” الى مسألة فدرلة سوريا فقالت إنها ليست واقعية في المرحلة الحالية، مشيرة الى أن روسيا تقترح ان يحل الشعب السوري بنفسه مسألة هيكلية الدولة.
وجاء في مقال الصحيفة:
بعد أسابيع على توقف المفاوضات في جنيف بين الحكومة السورية والمعارضة، تبدأ يوم الاثنين 14 مارس/آذار الجاري جولة جديدة من المفاوضات. ورغم عدم وجود أي وضوح لما ستؤدي اليه هذه الجولة، إلا ان وسائل الاعلام علمت ان مسألة فدرلة سوريا ستعقد المفاوضات بشأن مستقبل الدولة السورية.
وتشير وكالة رويتر استنادا الى مصدر في الأمم المتحدة، الى أن روسيا والدول الغربية تناقش مسألة فدرلة سوريا، ببقاء حدودها الحالية ولكن تقسيمها الى كيانات على أساس عرقي مع منحها صلاحيات واسعة. وهذا الخيار بحسب قولها سيساعد على المحافظة على وحدة سوريا.
من جانبه يقول نائب وزير خارجية روسيا المبعوث الخاص للرئيس الروسي الى أفريقيا والشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، إن هذا هراء بهراء، فنحن لم نناقش مثل هذه الأفكار، لأن هذا الأمر يجب ان يطرحه السوريون أنفسهم، وعليهم هم الاتفاق بشأن ذلك.
هذا إضافة الى الأكراد الذين يسيطرون حاليا على المناطق الشمالية – الشرقية من سوريا، وسيطالب بالحكم الذاتي كذلك العلويون والأقليات الأخرى. كما أن المسيحيين والدروز ليسوا ضد هذا الأمر أيضا.
سيناريو فدرلة سوريا الآخر قد يكون على أساس سياسي: فهناك المناطق التي يسيطر عليها النظام الحالي، والمناطق الشمالية التي تسيطر عليها المعارضة، والمناطق التي يسيطر عليها الأكراد. ومع هذا هناك شائعات تفيد بأن الولايات المتحدة وروسيا تقاسمتا سوريا، ولهذا سوف يحل السلام.
حسب رأي رئيس مجلس شؤون السياسة الخارجية والدفاع، فيودر لوكيانوف، قد تؤثر التغيرات في الهيكلة الإدارية لسوريا إيجاباً في عملية تسوية الأزمة السورية.
عمليا ليس هناك حاليا دولة سورية موحدة. لأنها مقسمة الى مناطق واقعة تحت سيطرة هذه القوى أو تلك، وليس بالإمكان حتى الآن تصور ان تكون إحدى هذه القوى قادرة على حسم الموقف لصالحها. لذلك يجب البحث عن هيكلية جديدة للمحافظة على حدود سوريا الحالية المعترف بها دوليا. هذا الأمر إما تقرره نتائج استفتاء عام، وإما صيغة جديدة لدستور الدولة.
يذكر ان مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا أيد فكرة فدرلة سوريا خلال تصريحات أدلى بها الى قناة “الجزيرة” القطرية يوم 8 مارس/آذار الجاري، حيث قال “يرفض السوريون كافة مسألة التقسيم، لذلك قد تكون الفيدرالية هي موضع النقاش في المفاوضات”.
أما دمشق فترفض القبول بفقدان أي جزء من البلاد. فقد أعلن وزير خارجية سوريا وليد المعلم في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم 12 مارس/آذار الجاري: “انا أتحدث كمواطن سوري: نحن ضد فكرة الفيدرالية. نحن مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والمجتمع السوري”.
وكان نائب وزير خارجية روسيا سيرغي ريابكوف قد أعلن في مؤتمر صحفي يوم 29 فبراير/شباط الماضي، أنه إذا تكللت المفاوضات والمشاورات بالاتفاق على فكرة موحدة بشأن خيار الفيدرالية كخيار يحافظ على سوريا موحدة وعلمانية ومستقلة وذات سيادة، فلا يمكن لأحد ان يعترض على ذلك. ولكن إذا تم اختيار نموذج آخر فنحن لن نعترض إذا كنا واثقين من أنه لم يكتب بإملاء من على بعد آلاف الكيلومترات من سوريا، بل تم التوصل اليه خلال المفاوضات.
هذا التصريحات اعتبرتها بعض الدوائر على انها موافقة روسية على فدرلة سوريا. فبعد مضي عدة أيام، مثلا، أعلن رئيس اقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني انه يساند فكرة فدرلة سوريا. ونفس هذا الموقف اعلنه الرئيس المناوب لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي صلاح الدين ديمرتاش.
أما القائد العام السابق لقوات الناتو في أوروبا جيمس ستافريدس فذهب إلى أبعد من ذلك في مقال نشرته مجلة Foreign Policy حيث ان فكرة تقسيم سوريا حسب رأيه الى ثلاثة أجزاء على اساس طائفي – سني، علوي، كردي، أمر ذو راهنية.
أما ليونيد ايسايف الاستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد فيعتقد ان الفيدرالية قد تستخدمها بعض القوى في نهاية المطاف لتكريس انهيار سوريا.
وهذا دواء خطير، لأنه من جانب يمكن ان يشفي البلاد التي انهكتها الحرب، ومن جانب آخر يمكن ان يدمرها. فالفيدرالية هي محاولة من ناحية للمحافظة على وحدة التراب السوري، ومن ناحية ثانية، لتقسيم سوريا الى مناطق نفوذ. أي ان الهدف من هذا الخيار يبقى هو نفسه في النهاية: فبعض الأطراف تستخدمه للحفاظ على وحدة سوريا ولخيرها، والبعض الآخر لتدميرها.
سيريان تلغراف