حبائل الخطة “B” في سورية !
إلى أين تسير الأوضاع في سوريا؟ وهل يمكن أن تجازف الولايات المتحدة وحليفاتها الإقليمية بإشعال حرب كبرى غير مأمونة العواقب لإرضاء طموحات ومصالح آنية من بينها إسقاط الأسد؟
لا ترى قوى الغرب وفي طليعتها الولايات المتحدة ما يُسر في الأوضاع الجديدة في سوريا مع تقدم قوات الأسد والقوات الكردية وتحقيقها انتصارات مهمة نحو الشمال.
أما أكثر القوى الإقليمية الحليفة للولايات المتحدة حنقا مما يجري فهي تركيا التي لم تعبأ، ولم تنزعج لفترة طويلة من رؤية مسلحي “داعش” وهم يسرحون ويمرحون قرب سياجها الحدودي، لكنها ما إن تقدم الأكراد السوريون في ريف حلب حتى دقت طبول الحرب وأرسلت حمم مدفعيتها على مواقعهم.
وهي لم تكتف بذلك بل أغلقت حدودها أمام اللاجئين في خطوة يراد بها زيادة حدة الأزمة الإنسانية في المنطقة، والتذرع بها بعد ذلك لتمرير خطط التدخل المباشر ضد الأكراد لمنعهم من السيطرة على مناطق من شمال سوريا.
وانضمت السعودية هي الأخرى إلى الحديث عن تدخل عسكري انطلاقا من الحدود التركية، وأعلنت عن استعدادها لإرسال قوات برية بالتزامن من إرسالها طائرات حربية إلى قاعدة إنجرليك بهدف معلن هو محاربة “داعش”.
واللافت أن التطورات المتلاحقة الراهنة تهدد فعلا بنشوب حرب إقليمية في سوريا وربما ما هو أكثر خطورة، حيث اختلط الحابل بالنابل الأكراد بالدواعش، المعارضة المسلحة السورية المعتدلة بالمتطرفة، ولم يعد يعرف من سيقاتل من في هذه الفوضى.
وما يزيد الطين بلة، أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لم يعر أي انتباه لكل هذه النذر الخطرة عشية المباحثات التي جرت بينه وبين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن سوريا في ميونيخ، وقال في تصريح صحفي: “نحن نختبر مدى جدية إيران وروسيا من خلال أعمالهما. إذا كانتا تخادعان، فيجب علينا النظر في الخطة “B”.. وإلا فلا معنى للجلوس مكتوفي الأيدي”.
روسيا بدورها تتابع هذه التطورات عن كثب، حيث حذر رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف في حوار أجرته معه مؤخرا صحيفة”Handelsblatt” الألمانية، الولايات المتحدة والدول العربية الحليفة من عواقب هذا التصعيد، داعيا هؤلاء إلى التفكير مليا فيما إذا كانوا في حاجة إلى حرب دائمة، لافتا إلى أنه من الأجدى جلوس جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات بدلا من إثارة حرب عالمية جديدة.
ويجدر هنا في هذا المقام، وفي ظل هذه التطورات والاستقطاب الخطر التساؤل: أين هي إذن الحرب على الإرهاب، وعلى “داعش” تحديدا في جدول أعمال الغرب وحلفائه الإقليميين؟
الولايات المتحدة وحليفاتها بالطبع لا تخلو جعبتهم أبدا من ذرائع، فهم يؤكدون أنها ستجري كما ينبغي بعد الإطاحة بالأسد.
و يبدو استيعاب مثل هذا الحجة بهذه المناسبة في غاية الصعوبة، وذلك بالنظر إلى نموذج آخر هو ليبيا حيث تم إسقاط نظام القذافي، واستشرى لسنوات تنظيم “داعش”، وأقام دويلة له في سرت وتحصّل على ملاجئ آمنة في مناطق أخرى شمال وجنوب هذه البلاد الممزقة والمنهكة بالفوضى العارمة، ومع ذلك لا نرى ما يزعج “داعش” هناك منذ 5 سنوات، وطبعا بذريعة أخرى تقول إن الحرب على الإرهاب في انتظار تشكيل حكومة توافق وطني. وتبين لسوء الحظ أن مخاضها عسير جدا!
سيريان تلغراف | محمد الطاهر