أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن قرار موسكو الاستجابة لطلب دمشق الرسمي وإطلاق عملية عسكرية في سوريا ضد الإرهاب ساعد فعلا في تغيير الوضع بشكل جذري في هذه البلاد.
وأضاف الوزير خلال مؤتمره الصحفي السنوي الكبير المكرس لنتائج عمل الدبلوماسية الروسية في عام 2015، أن موسكو تدرك تماما مسؤوليتها عن الوضع في العالم، وتتصرف على الساحة الدولية انطلاقا من هذا الشعور بالمسؤولية.
وأشار لافروف في هذا الخصوص إلى المبادرة التي طرحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتشكيل جبهة موحدة لمواجهة الإرهاب.
وأضاف لافروف أن العملية الروسية في سوريا ساعدت أيضا في توضيح الوضع حول القضية بشكل عام، إذ رأى الجميع “مَن يحارب الإرهابيين فعلا، ومَن يلعب دور أعوانهم، ومَن يحاول استغلالهم لتحقيق أهداف أحادية وأنانية”.
وفي الوقت نفسه أكد لافروف أنه من المستحيل إلحاق الهزيمة بالإرهاب بالوسائل العسكرية فقط، مشددا على ضرورة اعتماد وسائل سياسية واقتصادية، بما في ذلك التصدي للأيديولوجية المتطرفة وقطع قنوات تمويل الإرهاب، ومنها تهريب النفط من المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيين بطرق غير شرعية.
وأردف قائلا: “من الواضح أنه من المستحيل إلحاق الهزيمة بالإرهاب بالوسائل العسكرية فقط، بل يجب التكامل بين العمليات القتالية والخطوات السياسية الرامية إلى تسوية النزاعات، والإجراءات الرامية إلى منع الإرهابيين من استخدام البنية التحتية الاقتصادية، مثلما يعمله تنظيم “داعش” في العراق وسوريا إذ يورد النفط المهرب وسلع أخرى إلى تركيا لتسويقها هناك”.
كما أشار لافروف إلى أن الدور الروسي النشط في محاربة الإرهاب ساهم في تبني عدد من القرارات المهمة في مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك قرارات ترمي إلى وضع حد لتمويل الإرهاب والتصدي للإرهابيين المرتزقة. وتابع الوزير الروسي أن موسكو تصر على ضرورة تطبيق تلك القرارات بنزاهة وتقديم تقارير شفافة ومفصلة بهذا الشأن إلى أمانة الأمم المتحدة.
وفي هذا الخصوص حذر الوزير الروسي من الخطر المحدق بالعالم برمته بسبب خطط إرهابيي “داعش” لإقامة دولة “خلافة” تمتد من باكستان إلى البرتغال، وأكد: “إنه خطر واقعي يهدد ليس الأمن الإقليمي فحسب، بل والأمن العالمي”.
لافروف: مفاوضات سلام سورية بلا تمثيل للأكراد لن تأتي بأي نتائج
أعرب وزير الخارجية الروسي عن قناعته بأن مفاوضات سلام سورية لا يشارك فيها الأكراد السوريون، لن تؤدي إلى أي نتائج.
وأوضح: “نحن نسمع في الآونة الأخيرة عن شكوك لدى عضو واحد فقط في مجموعة دعم سوريا حول توجيه أو عدم توجيه الدعوة إلى الأكراد، وتحديدا إلى حزب الاتحاد الديمقراطي”.
وتابع: “لكنني أنطلق من أنه من المستحيل أن تؤدي مفاوضات تجري بلا هذا المشارك، إلى النتيجة المرجوة المتعلقة بالتسوية السياسية النهائية في سوريا”.
وأعاد إلى الأذهان أن الأكراد يمثلون قرابة 15% من سكان سوريا، ويسكنون في منطقة شاسعة ذات أهمية استراتيجية.
وشدد على أنه لا تفويض لروسيا والولايات المتحدة لتشكيل وفد المعارضة السورية إلى المفاوضات مع دمشق والتي يجب أن تنطلق في جنيف.
وأوضح: “لقد تم منح التفويض بهذا الشأن للأمم المتحدة التي يمثلها الأمين العام والمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا”.
وجدد لافروف رفض موسكو لمحاولات بعض الدول اقتصار تركيبة وفد المعارضة السورية في المفاوضات على المشاركين في لقاء الرياض.
وشدد على أن ادعاءات البعض الذين يرفضون مشاركة الأكراد بذريعة أنهم “لا يحاربون بشار الأسد”، لا يمكن أن تمثل أساسا لاستبعادهم من العملية التفاوضية.
وأردف: “في نهاية المطاف، يجب أن تتركز المفاوضات على وقف إطلاق النار، ومحاربة الإرهاب بحزم وزيادة فعالية هذه الجهود”. وتساءل: “كيف يمكن الحديث عن الإصلاحات السياسية في ظل تجاهل هذا الحزب الكردي الرائد والذي يمثل أيضا قوة مهمة تواجه الإرهاب على الأرض”.
وأعاد إلى الأذهان أن القرار الدولي رقم 2254 يقول بوضوح إن دي ميستورا يجب أن يوجه الدعوات إلى المعارضين لحضور المفاوضات، انطلاقا من تركيبة المشاركين في اللقاءات التي عقدت في القاهرة وموسكو والرياض ومدن أخرى.
واستطرد قائلا: “عدم توجيه الدعوة إلى الأكراد سيمثل خطرا هائلا، لكننا لن نستخدم حق الفيتو”. وأردف: “إنه حق ستيفان دي ميستورا، وعليه أن يدرك مسؤوليته، وعدم الاختفاء وراء ظهر روسيا والولايات المتحدة، وعدم الانجراف وراء أولئك الذين يحاولون جر آلية الفيتو إلى أنشطة مجموعة دعم سوريا”.
وأكد الوزير أن بقاء بعض الشركاء غير مؤهلين على الإطلاق للتوصل إلى اتفاق بشأن سوريا، يخلق مشاكل في سياق التسوية السورية . ونوه بأن بعض الأطراف كانت ترفض لفترة طويلة تطبيق بيان جنيف (30 يونيو/حزيران عام 2012) بذريعة أنه لم يتضمن إشارة إلى رحيل الرئيس بشار الأسد. وبعد الشروع في تطبيق البيان وإطلاق المفاوضات السلمية في جنيف، أدى موقف المعارضة التي رفضت الجلوس إلى طاولة واحدة مع ممثلي الحكومة، إلى تعليق الحوار. وشدد على أن مثل هذا العناد الذي تبديه المعارضة السورية يعد أمرا غير مقبول في السياسة الدولية.
لافروف: كافة توريدات الأسلحة الروسية لأكراد العراق تجري عبر بغداد
أكد لافروف أن روسيا تأخذ بعين الاعتبار احتياجات القوات الكردية في العراق إلى الأسلحة، لكنها تنفذ كافة توريداتها من الأسلحة عبر بغداد، احتراما للسيادة العراقية.
وقال: “إننا كنا نورد الأسلحة إلى العراق انطلاقا من تفهم أن الجيش والقوات الكردية، على حد سواء، يواجهان “داعش” على الأرض. وكنا نأخذ بعين الاعتبار احتياجات الأكراد عند توريدات أسلحتنا، لكن كافة التوريدات جرت عبر الحكومة المركزية في بغداد”.
وأضاف: “إننا نحترم تماما سيادة العراق ووحدة أراضيه”
لافروف: الأسد لم يطلب اللجوء في موسكو أبدا ونحن لن نعرض عليه الرحيل
نفى لافروف مزاعم تناقلته بعض وسائل الإعلام حول عرض قدمته موسكو للرئيس السوري بشار الأسد بشأن استقالته.
وقال خلال مؤتمره الصحفي: “إنني قرأت مزاعم ذكرت أن الراحل إيغور سيرغون (رئيس هيئة الاستخبارات العامة التابعة لهيئة الأركان الروسية الذي توفي في مطلع يناير/كانون الثاني الجاري)، جاء فيها أنه زار دمشق خصيصا ليعرض على الرئيس الأسد الرحيل. إنها معلومات غير صحيحة، ولا داعي لإجراء مثل هذه الأحاديث مع الرئيس الأسد”.
وأعاد الوزير إلى الأذهان أن الرئيس السوري زار موسكو في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبحث الوضع في سوريا بالتفاصيل مع الرئيس بوتين، وأعلن الطرفان بصراحة عن جميع نتائج الزيارة. وشدد على أن الأسد لم يطلب حينها أي لجوء، ولم يعرض عليه أحد هذا الأمر.
وكرر لافروف الموقف الروسي المعروف من مسألة مصير الأسد وضرورة أن يقررها الشعب السوري.
وتابع أن الرئيس السوري أكد خلال زيارته لموسكو استعداده لإجراء إصلاحات سياسية في البلاد والدخول في المفاوضات مع المعارضة.
لافروف يحذر الأمم المتحدة من التلاعب بتقييم الأوضاع الإنسانية في سوريا
دعا لافروف الأمم المتحدة إلى عدم التلاعب بتقييم الأوضاع الإنسانية في سوريا، محذرا من تحويل الوضع في بلدة مضايا إلى ذريعة لوضع شروط مسبقة قبل انطلاق المفاوضات.
وأعاد الوزير إلى الأذهان أن الحكومة السورية سمحت بنقل المساعدات الإنسانية إلى مضايا بريف دمشق في إطار اتفاق توسطت الأمم المتحدة في عقده، نص أيضا على إيصال المساعدات إلى بلدتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب، لكن في نهاية المطاف نُقلت المساعدات إلى مضايا دون أي ربط بمدى التزام المسلحين المعارضين بالاتفاق.
وذكر لافروف أن بعض الأطراف حولت الوضع في مضايا إلى “صنم تعبده” قبيل انطلاق المفاوضات السلمية في جنيف، بذريعة أنه “لو تم السماح بوصول عمال الإغاثة إلى مضايا، فستكون هناك بداية جيدة للمفاوضات. وإذا لا، فقد يرفض المعارضون الوصول إلى جنيف”.
وأوضح أن روسيا قالت لممثلي الأمم المتحدة ردا على هذه الادعاءات، أنه يجب التعامل مع القضية بنزاهة وعدم التلاعب بمعاناة الناس يغية إرضاء جهات معينة.
وأعاد إلى الأذهان أن هناك 200 ألف شخص يعانون من الجوع ومازالوا مقطوعين عن أي مساعدات إنسانية أممية في المناطق المحاصرة بدير الزور، مشددا على أن روسيا وحدها تقوم بنقل المساعدات إلى تلك المناطق وتسقطها من متن طائرات بواسطة المظلات.
سيريان تلغراف