محافظة درعا .. ما بعد الشيخ مسكين
يتجه الجيش السوري إلى السيطرة على معظم مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا الشمالي، وذلك بعدما سيطر على مركز اللواء 82 بمحاذاة هذه المدينة الهامة.
هذا التقدم السريع الذي أكدت مصادر إعلامية مؤيدة لدمشق وأخرى معارضة لها أنه جاء بفعل غطاء جوي روسي كثيف دمر خطوط الدفاع الرئيسة لمواقع الجماعات الإرهابية في المدينة التي تُشكّل عقدة مواصلات في الجنوب حيث تعتبر المدخل الشمالي للمنطقة الجنوبية، وصلة الوصل بين دمشق، درعا، القنيطرة.
ولذلك تعتبر المدينة ذات أهمية كبيرة على الصعيد العسكري، وتبعد مسافة نحو 20 كلم عن درعا المدينة، وتضم قواعد عسكرية كبيرة تشكّل خط الدفاع الجنوبي عن العاصمة.
ومن شأن سيطرة الجيش السوري على مدينة الشيخ مسكين، أن تمنحه القدرة على التحكم في شبكة المواصلات، وبالتالي عملية الإمداد في مجمل المنطقة الجنوبية (درعا، السويداء، القنيطرة) ومنطقة دمشق ومحيطها، ويسمح ذلك للجيش بالتقدم نحو محيط درعا المدينة، كون مدينة الشيخ مسكين تشكل خط الدفاع الاستراتيجي لفصائل المعارضة المسلحة.
وتكشف هذه العملية العسكرية، رغبة الحكومة السورية ليس في تأمين محيط دمشق الاستراتيجي فحسب، وإنما على ما يبدو في إخراج منطقة درعا من دائرة الصراع العسكري، فالشيخ مسكين تقع في قلب محافظة درعا وليس على أطرافها، كما يبدو من حجم الغارات الروسية المستمرة منذ شهر ونصف على المنطقة أن ثمة توجه للتوسع فيما بعد للشيخ مسكين.
ولهذه الأسباب، ستحاول الجماعات الإرهابية عمل ما استطاعت للحيلولة دون سيطرة الجيش على الشيخ مسكين، وحصل قبل يومين اتفاق بين القوى المسلحة في المنطقة الجنوبية على مواجهة الجيش السوري، وبدأوا عملية معاكسة تهدف للسيطرة على أجزاء من محيط اللواء 82 في محاولة لاستعادة اللواء ذاته.
وتشهد المناطق القريبة من اللواء منطقة مساكن الضباط والحي الشمالي والشرقي في المدينة معارك عنيفة بين كر وفر، في محاولة من المسلحين لصد تقدم الجيش السوري، وتأمين الطريق من محيط اللواء إلى المدخل الشمالي لمدينة الشيخ مسكين.
لكن على ما يبدو من سياق الأمور، وكما يؤكد خبراء عسكريون، فالغلبة ستكون للجيش الذي استطاع خلال أيام قليلة السيطرة على مركز اللواء وعلى أجزاء واسعة ومهمة من مدينة الشيخ مسكين، في وقت تعاني الفصائل المسلحة من سوء التنظيم، فضلا عن عدم مشاركة ما يعرف بـ “الجيش الحر” في المعركة لأسباب غير معروفة.
وفي حال تمكن الجيش من السيطرة الكاملة على الشيخ مسكين، فإن مرحلة جديدة من المعارك ستبدأ نحو إبطع وداعل وعتمان جنوبا قرب مدينة درعا، بعدما أصبحت الطريق نحوهم مفتوحة، كما أن السيطرة على الشيخ مسكين، ستمكن الجيش من التقدم نحو الطريق الرابط بين بلدتي بصر الحرير ونوى، خزان المقاتلين في محافظة درعا.
وتعتبر بلدة بصر الحرير ذات أهمية كبيرة لقربها من الشيخ مسكين، ولكونها البوابة الشرقية نحو محافظة السويداء، وفشل الجيش السوري في أبريل/ نيسان الماضي من السيطرة على البلدة وعلى قرى في منطقة اللجاة، من أجل فتح طريق إمداد بين مدينة إزرع ومحافظة السويداء وقطع طريق اللجاة باتجاه ريف دمشق، ويحاول الجيش السيطرة على هذه البلدة، وبدأ منذ يومين التمهيد لذلك عبر قصفه بالمدافع لمواقع داخل البلدة.
على أن المعركة الأكبر ستكون في مدينة بصرى الشام التي سيطرت عليها فصائل مسلحة إرهابية في 25 مارس / آذار من العام الماضي، وتقع المدينة في الجنوب الشرقي من محافظة درعا، وتبعد عن مركز المحافظة نحو أربعين كيلومترا، كما تبعد عن العاصمة دمشق 141 كيلومترا، إضافة لموقعها المهم كونها حلقة الوصل بين محافظتي درعا والسويداء.
على مدار العامين الماضيين شكلت المنطقة الجنوبية حالة ميدانية خاصة، فلم تشهد هدوءا دائما كما لم تشهد معارك طاحنة كما يحصل في الشمال السوري، لأسباب كثيرة أهمها عدم وجود قرار إقليمي – دولي في سيطرة أحد الفريقين على هذه المنطقة، وتفضيل بقائها بين الكر والفر، وقد فشلت الفصائل المسلحة خمس مرات في السيطرة على مدينة درعا.
لكن التغيرات السياسية والميدانية في عموم سوريا وأبرزها الحضور العسكري الروسي، ساهمت في إعادة فتح معركة الجنوب، وتحقيق إنجاز عسكري قبيل انطلاق الاستحقاق السياسي “جنيف 3”.
سيريان تلغراف | حسين محمد