تحقيقات وتقارير

ما غاية الرياض من تشكيل “التحالف الإسلامي” ؟

اعتبرت المستشرقة الروسية يلينا سوبونينا أن السعودية بإعلانها تشكيل “التحالف الإسلامي” إنما قررت إدارة لعبتها الخاصة، ومن يرى سوى ذلك يكون مخطئا.

ولفتت سوبونينا النظر إلى أن الرياض تؤكد في خطواتها على جديتها وحزمها في حشد تحالف مكافحة الإرهاب في سوريا والعراق، كما أعادت إلى الأذهان الاجتماع الذي عقده العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مؤخرا بحضور أعضاء الحكومة، وأوضح فيه أنه لن يتراجع عن خططه الطموحة والغامضة في آن.

وبين الجوانب الملفتة في تحالف الرياض أشارت سوبونينا إلى الدعوة التي وجهتها السعودية لجمهوريات سوفيتية سابقة للانضمام إلى هذا الحلف الذي لم يتبلور بالكامل بعد، رغم التصريحات الرنانة التي أكدت قيامه في الـ15 من ديسمبر/كانون الأول الجاري.

التحالف-الإسلامي

واعتبرت أنه ورغم تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا أن تحالف الرياض لا يحمل في طياته أي تهديد لروسيا، فلا بد من متابعة صياغته وسير تطبيق خططه عن كثب.

وبالربط بين طرحها هذا وما تمخض عن اجتماع مجلس الشورى السعودي السنوي، لمست أن الكلمة التي ألقاها العاهل السعودي ركزت خلافا لسابقاتها على الأوضاع في الشرق الأوسط واحتدام التوتر هناك، فيما كان من المنتظر حسب التوقعات أن تكرس الاهتمام الأكبر للسياستين الداخلية والخارجية للملكة.

فعلى مسار السياسة الخارجية للرياض، تبقى الأوضاع في اليمن وسوريا في مقدمة الاهتمامات، حيث تنظر الرياض للأحداث على أراضي البلدين من منظور العداوة القديمة مع طهران.

السعودية، وحسبما أشارت سوبونينا، طالما طالبت الولايات المتحدة بوقف إيران عند حدها ورفع يدها عن سوريا واليمن، دون أن تلقى آذانا صاغية لها في واشنطن التي آثرت بقيادة باراك أوباما تحسين العلاقات الأمريكية الإيرانية.

واستنادا إلى هذه المعطيات، قررت الرياض تعديل تكتيكها حيث تجلى في كلمة العاهل السعودي، أن بلاده سوف تطرح سبل تسوية النزاعات الإقليمية مغطاة بصلصة مكافحة الإرهاب إرضاءا للغرب، لا سيما وأن الكثير من الزمر الإرهابية والتنظيمات صارت تهدد السلطات الملكية السعودية علانية، على خلفية “انحرافها عن الحكم بشرع الله”.

بهذه المعطيات ترى سوبونينا أن السعودية قررت من الآن فصاعدا تقديم اليمن على سوريا في اهتماماتها على صعيد السياسة الخارجية، وهو أمر يثير الجدل حتى بين أوساط الأسرة السعودية الحاكمة نفسها.

فالأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، آثر تقديم الساحة اليمنية على السورية بين اهتمامات الرياض في المنطقة، رغم عدم حصول هذا الخيار على إجماع سائر الأوساط السعودية المعنية، إذ ما انفكت الرياض تقاتل وحلفاؤها في اليمن منذ مارس/آذار الماضي، بهدف الحفاظ على الرئيس اليمني الحالي ونخبة رجال الأعمال الموالية له، والحد من النفوذ الإيراني هناك.

وأبرزت سوبونينا أن السعودية في الوقت الراهن صارت تسعى إلى إنهاء العملية العسكرية في اليمن بعد الهدنة المعلنة مؤخرا بين طرفي النزاع هناك، لتتنفس الصعداء وتتلفت حولها لتكتشف بروز تطورات غير مريحة بالنسبة إليها.

وأدركت السعودية بعد ذلك أن الرئيس الأمريكي لم يكن حازما في مواقفه وقراراته، إذ هو يكافح الإرهاب بلا ثقة كاملة بالنفس، ولم يفلح في الإطاحة بـ/الرئيس السوري/ بشار الأسد، في وقت يصر فيه السعوديون إصرار “ذوي الأصول البدوية” على إسقاطه، ناهيك عن غضب معظم الممالك العربية الذي نزل على بالرئيس الأمريكي عندما فضل التقارب مع إيران.

وخلصت إلى أن الرياض واستنادا إلى التطورات الجديدة قررت الانخراط بشكل أعمق في الشأن السوري تاركة الرئيس الأمريكي وشأنه إذا قرر الاستمرار في حذره الشديد، وأن مبادرة إطلاق الرياض حلفها قد تؤتي بأكلها، في حال فشل المفاوضات السورية بعد الاتفاق بين الدول الكبرى، وبالدرجة الأولى الولايات المتحدة وروسيا مؤخرا على خطة الحل السوري.

كما ترى أن تحالف السعودية البري سوف يكون جاهزا للتحرك في أي لحظة إذا ما أخفقت المفاوضات، وتعطلت التسوية في سوريا إلى غير رجعة.

وعليه، ختمت سوبونينا بالقول، إنه يخطئ من قد يرى في “التحالف الإسلامي” السعودي حلفا “شبابيا”، والإشارة هنا إلى ولي ولي العهد، وليس إلى العاهل السعودي، فالرياض قد بدأت لعبتها.

سيريان تلغراف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock