مقالات وآراء

سورية .. ما بعد خان طومان ؟

في تطور ميداني جديد، سيطر الجيش السوري على بلدة خان طومان في ريف حلب الجنوبي معقل مسلحي ما يسمى بـ “جيش الفتح” الذي يضم الفصيلين الأكبر “جبهة النصرة” فرع القاعدة و”أحرار الشام”.

ويحاول الجيش السوري الآن مدعوما بالغطاء الجوي الروسي تأمين محيط البلدة، واستطاع لأجل ذلك السيطرة على تل العمارة.

وكان متوقعا أن يسيطر الجيش السوري على هذه البلدة وكانت هدفا له منذ عدة أسابيع، خصوصا خلال الأيام السابقة، حيث شهد محيط البلدة وبعض أحيائها قصفا من قبل الطيران الروسي مع بلدات أخرى منها، الزربة والعثمانية والخواري.

ما-بعد-خان-طومان؟

تشكل بلدة خان طومان أهمية كبيرة كونها معقلا لـ “جبهة النصرة”، وبسبب موقعها في الشمال الغربي لريف حلب الجنوبي، فهي تشكل البوابة الجنوبية الغربية لمدينة حلب، وبوابة رئيسية نحو ريف حلب الغربي والشمالي على السواء، والسيطرة عليها سمحت للجيش السوري بقطع طريق إمداد رئيسي للفصائل المسلحة، وفتح الطريق نحو خان العسل وقرية الرقوم، والأهم من ذلك أن الطريق نحو مطار أبو ضهور العسكري من جهة الغرب التي تسيطر عليها “جبهة النصرة” فرع تنظيم القاعدة، أصبحت أسهل.

كما أن اقتراب الجيش السوري من جهة خان طومان إلى الزربة يسمح له بالاقتراب من الطريق الدولي حلب – دمشق وربما عبوره نحو الغرب ثم الجنوب الغربي باتجاه مطار تفتناز عند حدود محافظة إدلب، والذي تحول إلى قاعدة عسكرية للنصرة منذ عامين تقريبا.

نجاح الجيش في استعادة المطارين، يعني أن تحولا ميدانيا استراتيجيا سيغير من طبيعة الصراع ليس في منطقة ريف حلب الجنوبي والغربي فحسب، بل سيصل تأثيرها إلى محافظة إدلب المعركة الأكبر في الشمال الغربي لسوريا، ذلك أن استعادة المطارين ستحرم “جيش الفتح” من خطوط الدفاع الأمامية الرئيسية لمحافظة إدلب، وستشكل مع مطار حميميم العسكري، تحت القيادة العسكرية الروسية، مثلثا عسكريا يطوق إدلب.

هذه التطورات جاءت عقب سيطرة الجيش السوري خلال الأسبوعين الماضيين على قرى أبو رؤيب وقريحة ومريقص ودلامة والصبيحة والصعيبية جنوب جبل الأربعين، مع سيطرته على بلدة الحاضر في عمق الريف الجنوبي، يكون الجيش قد أمن منطقة واسعة تمتد من أقصى الريف الجنوبي لحلب من جهة الشرق إلى أقصى نقطة من جهة الغرب، تمهيدا للسيطرة الكاملة على ريف حلب الجنوبي، وهي مهمة ليست سهلة، وإن كانت المؤشرات تؤكد هيمنة الجيش قريبا على هذه المنطقة، بفعل الدعم الجوي الروسي.

وتدور اشتباكات عنيفة منذ أسابيع في معظم جبهات ريف حلب الجنوبي: من جبهة برنة القريبة من بلدة العيس والهضبة الخضراء ومحور بلدة بانص في محاولة للجيش السوري للسيطرة على الأوتوستراد الدولي الذي يؤمن له التقدم نحو ريف إدلب الشمالي الشرقي.

وفي ضوء تقدم الجيش السوري، بدأ “جيش الفتح” يركز وجوده في الآونة الأخيرة في أقصى الجنوب الغربي لريف حلب الجنوبي عند حدود إدلب، مع وضع المتاريس والخنادق للحيلولة دون دخول الجيش إلى محافظة إدلب، التي تعتبر المعقل الرئيسي الكبير لـ “جيش الفتح”.

وتبدو بلدة سراقب بوابة ريف إدلب الشمالي هدفا مقبلا للجيش السوري الذي بدأ عمليات قصف جوي للمدينة، ومن شأن السيطرة على سراقب أن تفتح طريق التوغل إلى عمق ريف إدلب الشرقي.

وقد بدأت منطقة الشمال الغربي لسوريا تشهد تغيرات عسكرية واضحة بعد العملية الروسية، ففي ريف اللاذقية الشمالي يتقدم الجيش في جبلي الأكراد والأربعين، عند الحدود التركية، في وقت بدأ بتجهيز حملة عسكرية كبيرة لاختراق الريف الشمالي للاذقية من ناحية الشرق، وخصوصا مدينة سلمى ذات الأهمية الكبيرة، وفي حال خروج ريف اللاذقية الشمالي وريف حلب الجنوبي من دائرة الصراع، تصبح الفصائل المسلحة بين فكي كماشة، ومحاصرة داخل حدود محافظة إدلب.

هذه التغيرات ستنعكس على المستوى السياسي، مع إطلاق العملية السياسية أو المرحلة الانتقالية التي تم التوافق عليها بين روسيا والولايات المتحدة، والتي عبر القرار الدولي 2254 عنها، فالمطلوب عزل منطقة الشمال الغربي عن تأثيرات الدول الإقليمية وخصوصا تركيا، وهي المهمة التي تؤمنها موسكو بقوة طيرانها، وعملية العزل هذه ستؤدي إلى خلخلة في وضع الفصائل المسلحة، بحيث تجبر بعضها على القبول بالعملية السياسية، في حين ترفض قوى أخرى دخول هذه العتبة، وهنا سيحدث الانفصال الكبير بين هذه القوى، الأمر الذي سينعكس لصالح الجيش السوري.

سيريان تلغراف | حسين محمد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock