محللون أمريكيون يرسمون ثلاثة سيناريوهات لمستقبل العلاقات بين موسكو وواشنطن
نشر مركز المصالح القومية الأمريكي تقريرا بعنوان “الولايات المتحدة وروسيا بعد الأزمة الأوكرانية.. السيناريوهات الثلاثة”، قدم فيه 3 محللين بارزين رؤاهم لمستقبل العلاقات بين البلدين.
وفي مقدمته للتقرير أشار المدير التنفيذي للمركز بول ساوندرس إلى أن الحديث لا يدور عن تنبؤات، بل عن افتراضات حول كيفية سير العلاقات بين موسكو وواشنطن خلال السنتين أو السنوات الثلاث المقبلة، حسبما يراها ثلاثة محللين يكتبون مقالات لمجلة “The National Interest” الأمريكية.
1. “علاقات وظائفية”
والسيناريو الأكثر “تفاؤلا” رسمه صامويل شيريب، الخبير في شؤون روسيا ويوراسيا، وذلك فيما وصفه بـ”العلاقات الوظائفية”. ومع أن المحلل نفسه اعترف بأن فرص نجاح هذا السيناريو ضئيلة جدا، إلا أنه اعتبر ممكنا أن تبني روسيا والولايات المتحدة روابط بينهما فيما يتعلق بمصالحهما المشتركة. وبحسب المحلل فإن هذه العلاقات ستشبه تلك التي تربط حاليا بين الولايات المتحدة والصين والتي تتسم بتعاون ثنائي في كثير من المجالات، رغم التنافس بينهما.
ويتابع شيريب قائلا إن المسائل الجدية المتعلقة بالاستقرار الاستراتيجي الثنائي والتي كانت عالقة بين البلدين قبل الأزمة الأوكرانية لن تختفي، بل سيستمر التنافس الجيوسياسي بين روسيا والولايات متحدة بحدة أكبر مما كانت عليه قبل الأزمة، لكنها ستتراجع قياسا بفترة الأزمة ذاتها. ويتوقع المحلل أن موسكو وواشنطن ستبقيان في “خندقين” مختلفين في قمم مجلس الأمن الدولي إزاء كثير من المبادرات السياسية، لكن خلافاتهما لن تقوض “العناصر الوظائفية” للعلاقات الثنائية.
2. “التحالف المنقسم”
أما السيناريو الثاني فرسمه الأستاذ نيكولاس غفوزديف، خبير الأمن القومي، تحت عنوان “التحالف المنقسم”. ويركز المحلل على خلافات بين الولايات المتحدة وأوروبا حول كيفية تعاملهم مع روسيا. وبحسبه فإن بعض الدول التي فقدت اهتمامها بأوكرانيا وركزت على تحديات جديدة مثل الإرهاب وتدفق اللاجئين السوريين، قد ترى ضروريا التعاون مع روسيا.
ويشير غفوزديف إلى أن معظم الدول الأوروبية ليست جاهزة لمواجهة دائمة مع روسيا، الأمر الذي سيدفع الكثير من الحكومات الأوروبية إلى اعتبار الهدنة في شرق أوكرانيا وبدء العملية السياسية في هذا البلد “شرطين كافيين” لإعادة بناء علاقاتها مع روسيا تدريجيا، وذلك رغم عدم رضا الولايات المتحدة وبعض شركائها في أوروبا لبقاء شبه جزيرة القرم ومحافظتي دونيتسك ولوغانسك (بجنوب شرق أوكرانيا) خارج سيطرة كييف. ويتنبأ المحلل بأنه “بحلول أواسط عام 2016 ستكون هذه الحكومات مستعدة لقبول إحلال السلام “على الورق” في أوكرانيا باعتباره “انتصارا” يسمح بطي هذه الصفحة والمضي قدما.
هذا ورجح غفوزديف أن يخدم “تآكل وحدة الصف” الأوروبي في مسألة العلاقات مع روسيا مصالح موسكو، بدلا من أن يزيد من عزلتها، مشيرا إلى أن ذلك سيجعل أكثر تعقيدا مهمات السياسة الخارجية الأمريكية.
ويتابع المحلل قائلا إنه سيتعين على الإدارة الأمريكية الجديدة الخيار بين جعل ردع روسيا أولوية سياستها الخارجية حتى بثمن تردي علاقات واشنطن مع الدول الأوروبية المحورية، وبين التركيز على الصين.
3. “مواجهة طويلة الأمد”
أما ماثيو روجانسكي، الخبير في العلاقات بين دول الاتحاد السوفيتي السابق، فيتحدث عن “مواجهة طويلة الأمد” في العلاقات بين البلدين على خلفية “النزاع المجمد” في أوكرانيا المستنزفة التي لن تبقى لها قوى لإجراء أي إصلاحات. ويقتضي هذا السيناريو أن تواصل روسيا في توسيع الهوة بينها وبين الغرب عبر زيادة إنفاقها العسكري، أما المرشحون للرئاسة الأمريكية فسيستمرون في اقتطاف “الثمار السياسية السهلة” عبر توجيه انتقادات لاذعة إلى روسيا.
ويرى روجانسكي أن الاستقرار النسبي للوضع في دونباس، وعلى خلاف ما قد يبدو، لن يؤدي إلى تطبيع العلاقات بين الشرق (أي روسيا) والغرب، بل سيزيد من حدة التوتر الجيوسياسي في أجواء شبيهة بحقبة “الحرب الباردة”.
ويعتبر المحلل أن عصر التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا حول قضايا الأمن الدولي قد انتهى في العام 2015، وعلى الرغم من أهمية دورهما في شؤون الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وبعض المناطق الأخرى، فإنهما ترفضان حتى مناقشة أمور تتعلق بمصالحهما المشتركة، ناهيك عن الكلام عن تنسيق جهودهما على الساحة الدولية، وهي ظاهرة يرى روجانسكي فيها خطرا كبيرا بالنسبة للوضع في سوريا.
سيريان تلغراف