مهين .. نقطة التجاذب بين الجيش السوري و “داعش”
في تطور مهم سيطر تنظيم داعش على بلدتي مهين وحوارين بريف حمص الجنوبي الشرقي، بعد تسلل مجموعة “انغماسية” من عناصر التنظيم إلى الجبال المطلّة عليها، ليتمكّنوا من الدخول إلى البلدة
وشهدت البلدة خلال الأربعين يوما الماضية حالة أخذ ورد بين الجيش السوري و “تنظيم الدولة”، حيث نجح الأخير في السيطرة على مهين في 1 تشرين الثاني / نوفمبر، قبل أن يستعيدها الجيش في 22 من الشهر ذاته.
ولم تتجاوز المدة الزمنية بين سيطرة الجيش واستعادتها من قبل التنظيم أكثر من عشرين يوما، الأمر الذي يؤكد أهمية البلدة من ناحية طرق المواصلات وتأثيرها المناطق المحيطة بها، فالبلدة تبعد عن الأوتوستراد الدولي نحو 20 كلم، وفي حال نجح التنظيم بالوصول إلى الأوتوستراد، فسيكون على مشارف بلدة البريج جنوبا التي تعتبر البوابة الشمالية للقلمون الغربي، وعلى مقربة من حسيا والقصير في ريف حمص الجنوبي.
وشكلت هذه العملية صدمة في الأوساط الشعبية الموالية لدمشق، خصوصا في ريف حمص الجنوبي والشرقي، حيث كان يتوقع أن يستعيد الجيش القريتين وتدمر من يد التنظيم، بعد وصول الجيش إلى مشارف المدينتين.
ومع ن العملية العسكرية للتنظيم لا تؤشر إلى تعاظم قوته، فهو عادة ما يستخدم العمليات الانتحارية عندما يكون عاجزا عن اقتحام موقع ما، وعملية الاقتحام شيء واستمرار السيطرة على الموقع المستهدف شيء آخر.
ويبدو من مجريات العمليات العسكرية التي تنفذ ضد “تنظيم الدولة”، فإن السيطرة على مهين وحوارين لا تأتيان في إطار محاولات التنظيم التوسع نحو الغرب، وإنما محاولة التفافية لتخفيف الضغط العسكري عليه في البادية، لا سيما في تدمر ومحيطها.
وكما استعاد الجيش السوري البلدة قبل نحو عشرين يوما، سيستعيدها على الأغلب لكي لا يسمح ببقائها تحت سيطرة التنظيم الذي سيكون عندها على مقربة من مطار (التيفور T4) بين مدينتي حمص وتدمر، والذي يبعد عن بلدة القريتين نحو 25 كلم.
لكن دخول التنظيم مهين مجددا أثار تساؤلات عدة، كيف استطاع الوصول إلى مشارف البلدة بعد دحره نحو معاقله في القريتين والبادية باتجاه تدمر؟ ثم ما هو حجم القوى العسكرية المتمركزة للجيش في هذه المنطقة وهي المتموضعة على مشارف القريتين التي تبعد نحو 10 كلم عن مهين؟
وتشير المعطيات إلى أن حجم القوة العسكرية للجيش السوري لم تكن بالكافية لصد الهجوم المفاجئ، ما اضطر الجنود إلى الانسحاب فورا والتمركز في محيط البلدتين بانتظار وصول الإمدادات، الأمر الذي يشير إلى أن الجيش كان مستهينا بقوة التنظيم على الرغم من النكسات التي تعرض لها مؤخرا في أكثر من منطقة في سوريا.
ويخشى من سيطرة التنظيم على مهين أن يتوجه غربا نحو صدد التي تبعد نحو 10 كلم عن مهين واستعادها الجيش أواخر الشهر الماضي، لما تشكل صدد من أهمية رمزية حيث يقطنها مسيحيون، وأهمية عسكرية بسبب قربها من الطريق الدولي بين حمص ودمشق.
بكل الأحوال، ستؤدي السيطرة على مهين وحوارين إلى التشويش على العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش ضمن جهوده في استعادة القريتين التي تشكل البوابة الجنوبية الغربية للانطلاق نحو تدمر في الشرق.
ولا يبدو أن الجيش قادر على مواجهة “داعش” في البادية من دون الدعم الجوي العسكري الروسي، الذي بدأ يتوسع، حيث من المتوقع أن يصبح مطار الشعيرات العسكري جاهزا خلال الفترة القريبة، وهو المطار الرئيسي في المنطقة لتأمين عمليات الإمداد لوحدات الجيش، وسيكون مع مطار التيفور في البادية بمثابة فكي الكماشة اللتين تطبقان على التنظيم في ريف حمص الشرقي.
سيريان تلغراف | حسين محمد