حكاية الـ 999 يوما في مطار “كويرس”
تعرض الجيش السوري لامتحان قاس وشرس خلال السنوات الخمس الماضية، من خلال خوضه تجارب قتالية قل نظيرها في تاريخ الحروب.
ما شهده مطار “كويرس” بشمال سوريا، الذي يعتبر من أكبر القواعد الجوية العسكرية، من حصار وهجوم، هو أكبر دليل على جسارة العمليات التي يخوضها الجيش، فقواعد الاشتباك لم تكن ثابتة، ولا حدود لصبر المقاتلين الذين لم ينفذ صبرهم أبداً في مواجهة الجماعات التكفيرية قرب المطار.
وأوضحت مصادر عسكرية، لـ”سبوتنيك”، أن الرتل العسكري تحرك وعلى عاتقه يقع الهجوم والدفاع والمحافظة والتثبيت في المكان الذي يتقدم فيه، فجميع محاولات “داعش” للتشويش وقطع طريق “أثريا-خناصر”، باءت بالفشل.
والتقدم تم خلال 15 يوما وسط صعوبة وقساوة الطريق إلى “كويرس”، لاسيما أنه يزخر بالتضاريس الجغرافية الوعرة، ما تطلب تنفيذ جميع الأساليب العسكرية التي تناسب تلك الطبيعة، ليستطيع الجيش التقدم وبأعداد قليلة من كاسحات الألغام المطورة محليا لمواجهة العدو، ما ساهم في حصاد الآلاف من العبوات والمفخخات المزروعة، من قبل “داعش”، لإعاقة الرتل فالجسور المائية كانت سريعة التنفيذ والتركيب على ضفاف الأنهار.
الرمق الأخير
وتضيف المصادر أن نخبة المشاة المتكيفة مع التغيرات تقدمت وهي تضاعف جهودها، مع ازدياد ساعات المواجهة، في حين كانت أوكار التنظيم تسقط بسهولة، وخصوصاً بوجود الإسناد الجوي السوري والروسي، وعبر الطيران المسيّر عن بعد ذي الدقة العالية في الإصابة، لتفتك الصواريخ بحصون “داعش”.
هذا إضافة إلى المهمة الأخرى التي كانت تقع على عاتق الحملة، وتتمثل بحماية أطراف الطريق الطويل والمناطق المستردة وصد الهجمات اليومية، حتى لا تحاصر الحملة وتحمي مؤخرتها من الهجمات، لاسيما أن المنطقة خالية من أماكن التحصين، ما دفع الجميع لصنع السواتر الصناعية السريعة البناء، لتواكب سرعة سير الحملة.
وكانت معارك الرمق الأخير في قرية الشيخ أحمد، المعقل الأخير للتنظيم، قبل الوصول إلى المطار المحاصر، ما دفع بحامية المطار للخروج لملاقاة الرتل العسكري.
أسطورة الصمود
يروي النقيب المحرر أيهم شاهين، لـ”سبوتنيك”، الحياة التي عاشها أفراد الجيش، البالغ عددهم أكثر من ألف عسكري، ما بين ضابط وجندي توزعوا للقتال على مساحة 5 كم2، فالتنظيم الإرهابي لم يترك أي وسيلة إلا واستخدمها للدخول إلى المطار. فخرب مصادر المياه وأرسل العربات المفخخة وقام بتنفيذ الاقتحامات والاشتباكات، التي وصلت حد الاشتباك القريب والعراك بالأيدي بين عناصر المطار والمسلحين على السواتر الترابية ومخافر الحماية، إضافة إلى عمليات البطولة التي قام بها أفراد الحامية في مواجة المدرعات المحصنة بجهود شخصية، والتقدم نحو برج الدبابة ورمى قنبلة يدوية بداخلها ليصيب ويأسر من فيها.
وأضاف شاهين، “إن عناصر الحامية قاموا بزراعة البقوليات والخضراوات وتربية بعض الطيور، وقاموا بتدوير القذائف التي سقطت عليهم وانفجرت، لتصنع على شكل عبوات ومفخخات تنشر في محيط المطار، فلم تتعرض الحامية لنقص الذخيرة والوقود، فالطائرات كانت ترمي المواد بشكل يومي تقريباً، كما أن الكهرباء مؤمنة من خلال المولدات، إلا أن طيران الاستطلاع التركي كان يعطي المسلحين المعلومات عن انتشار عناصر المطار”.
دفن الضحايا
لقد استطاع الجيش السوري وحلفاؤه طي الصفحة على 999 يوماً من الحصار الخانق، وفتح الطريق إلى أبرز القواعد الجوية في الشمال السوري، والذي زعزع الانتشار المسلح القريب من الحدود التركية، ويسجل للجيش السوري بصمة أخرى في تاريخ انتصاراته الساحقة.
سيريان تلغراف