لاجئون .. من يهرب من الإرهاب لا يصنع إرهابا
بات بقاء سكان سوريا وغيرها من بلدان تمزقها الحروب على قيد الحياة تحت علامة استفهام في ظل معارضة مسؤولين غربيين قبول لاجئين، خوفا من تنفيذهم هجمات إرهابية على نحو “هجمات باريس”.
وانخفضت فرصهم للنجاة من القصف والجوع بعدما تبنى مجلس النواب الأمريكي الخميس 19 نوفمبر/تشرين الثاني مشروع القانون الذي يحظر قبول اللاجئين السوريين والعراقيين على أراضي الولايات المتحدة، وذلك عقب رفض معظم حكام البلاد قبول اللاجئين في ولاياتهم.
وماذا يجب أن يفعله المدنيون الذين يموت كثير منهم بسبب المعارك المستمرة بين القوات الحكومية وجماعات معارضة لها، سواء كانت “معارضة معتدلة” أو “غير معتدلة”، إذ لا شك في أنهم جميعا يحملون السلاح، إلى أين يذهبوا ومن أين سيأتي الخلاص؟ المفاوضات بين أصحاب القرار تجري على قدم وساق لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، لكن الحرب تستمر في حصد أرواح الأبرياء الذين فقدوا حياتهم في انتظار حدوث تقدم في العملية السياسية.
وبين الجلوس مكتوفي الأيدي في انتظار حل سلمي والتحرك بحثا عن حياة آمنة في دول أخرى، ولو كانت في نصف الكرة الأرضية، يختار كثيرون الطريق الثاني.
وجاء في بال حصام الرسطام قرار مغادرة حمص في مارس/آذار عام 2013، بعدما حرمته الحرب هو وعائلته من لقمة العيش، ناهيك عن القصف. ويقول حصام إنه عزم على السفر بعد عجزه في إيجاد الحليب لابنته التي كانت تبلغ سنة حينذاك.
وبعد مغادرته هو وعائلته أراضي سوريا، عاش حصام مع زوجته وطفليه في مخيم للاجئين في الأردن أكثر من سنتين، حيث لم يحظ ابنه ولا ابنة الصغيران بألعاب أو مكان للنزهة.
في العام الجاري تمكنت أسرة الرسطام من بدء حياة جديدة في ولاية نيوجرسي الأمريكية، بينما يوجد أشقاء حصام في تركيا والسعودية والأردن، إذ فرقت الحرب عائلات عديدة وقذفت أقرباء في مختلف أنحاء العالم.
ولا تزال سوريا آمنة وهادئة تعيش في قلوبهم، ويقول حصام: “مستحيل الآن الرجوع إلى سوريا، لكنه يمكن أن يأتي يوم نستطيع أن نرجع فيه”.
ونفى أن يكون اللاجئيون السوريون إرهابيين قائلا: “إن من يهرب من الإرهابيين لن يصنع الإرهاب في دول أخرى.. واللاجئون يهربون من بلادهم بحثا عن حياة أفضل تتمثل في المساعدات الطبية وتوفر المدارس لأطفالهم… نحن السوريين أناس يحبون العمل، ونريد العيش.. لقد هربنا من الحرب ولسنا بإرهابيين”.
معاملة اللاجئين في الولايات المتحدة
يوجد أشخاص لم يحل الخوف المفرط من الإرهاب دون إنسانيتهم، فهناك من تظهر كرامته وطيب قلبه في مساعدة اللاجئين بما يستطيع، وتوجد في 48 ولاية أمريكية من مجمل 50 مراكز خاصة تتولى دمج اللاجئين في الحياة داخل الولايات المتحدة.
وأعرب ويل هيني نائب مدير منظمة “Church World Service” الإنسانية الأمريكية عن قناعته بأن اللاجئين الذين يتجاوزون الحدود الأمريكية بشكل شرعي، أي بعد موافقة السلطات على قبولهم عقب عمليات اختبارهم من قبل الأجهزة الخاصة في الولايات المتحدة، لا يمثلون خطرا على أمن البلاد.
ولدى وصولهم إلى الولايات المتحدة، يستقبل اللاجئون من قبل ممثلين عن المراكز الخاصة العاملة وفق برنامج قبول اللاجئين (والذي يسعى عدد من البرلمانيين الأمريكيين لتعليقه عبر تبني مشروع القانون في هذا المجال)، ويوفر لهم شققا مؤثثة وثلاجات فيها المأكولات، كما يوزع أطفال اللاجئين على مدارس.
وفي حال فشلهم في إيجاد عمل فور وصولهم إلى الأراضي الأمريكية، يتلقى اللاجئون مساعدة مالية من أشخاص متبرعين وكنائس خلال فترة من 30 إلى 90 يوما.
وفي العام الأول من قدومهم للولايات المتحدة، يحصلون المهاجرون على وضع اللاجئين، وبعد ذلك يتاح لهم تصريح الإقامة، وبعد خمسة أعوام يمكنهم طلب الجنسية الأمريكية.
وحسب مصادر رسمية، فستستقبل الولايات المتحدة 85 ألف لاجئ عام 2016 المقبل، 10 آلاف منهم سوريون، بينما يتوقع قبول 100 ألف آخرين عام 2017، وذلك في حال استمر برنامج قبول اللاجئين، ووفى الرئيس الأمريكي باراك أوباما بوعده استخدام حق النقض ضد مشروع القانون المعارض لهذا البرنامج، إذا ما تبناه مجلس الشيوخ حاذيا حذو مجلس النواب.
سيريان تلغراف