توحيد المعارضة السورية يصطدم بتضارب أجندة الأطراف الإقليمية والدولية
تصطدم جهود توحيد المعارضة السورية بتفتتها وتشتت أهدافها، وتضارب أجندة الأطراف الدولية والإقليمية الراعية لها، ورغبة كل منها في زيادة تمثيل الطرف المحسوب عليها.
وعقد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اجتماعات، رتبت على عجل، مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير في أبو ظبي لمناقشة سبل توحيد المعارضة السورية.
ويتسارع الحراك الإقليمي والدولي لتنفيذ مقررات مؤتمر فيينا حول سوريا والذي عقد نهاية الشهر الماضي، وينص الاتفاق على ضرورة تشكيل وفد للمعارضة السورية، وتحديد التنظيمات الإرهابية قبل الـ13 ديسمبر/ كانون الأول المقبل موعد عقد اجتماع “المجموعة الدولية لدعم سورية” في باريس.
وبعدما أوكلت الأمم المتحدة السعودية لعقد مؤتمر المعارضة، بدأت الرياض حراكا ناشطا من المقرر أن يسفر عن عقد مؤتمر للشخصيات المعارضة في بداية الشهر المقبل، لكن صعوبة المهمة السعودية تكمن في ضمان نجاح المؤتمر، والتوفيق بين ثلاث قوائم طرحت في وقت سابق للشخصيات والتنظيمات السياسية والفصائل المقاتلة، وذكرت مصادر صحفية أن الاجتماع سيضم نحو 70 معارضا سوريا قوامه الرئيس من الائتلاف الوطني السوري وهيئة التنسيق، إضافة إلى أسماء وردت ضمن القوائم الروسية المتضمنة 38 شخصا، والعربية 25 شخصا، والأمريكية 15 شخصا، ويهدف اللقاء إلى خروج المؤتمرين بموقف موحد قبل الدخول في عملية تفاوضية مع وفد من الحكومة السورية في مطلع العام المقبل.
وواضح أن الجهود الروسية والإيرانية، ونوعا ما المصرية، أدت إلى كسر احتكار الائتلاف الوطني لتمثيل المعارضة في أي مفاوضات مستقبلية مع ممثلي النظام حول مستقبل سوريا، لكن تصريحات منسوبة لمسؤول سعودي تؤكد أن “الائتلاف سيكون هو القائد للمفاوضات كما سيكون هو المرجعية في كل ما يتعلق بتطبيق وتنسيق المفاوضات ومخرجاتها” تثير أسئلة إضافية حول مدى قدرة السعودية على إنجاح مهمتها، خاصة إذا ما تم ربط هذه التصريحات بأن الرياض لن تسمح “لأي شخصية أو جسم سياسي يكون سقفه أقل من سقف المطالب السعودية ومطالب الائتلاف” بحضور المؤتمر. وعمليا فإن المسؤولين السعوديين يضعون شرطا للمشاركة وهو الاقرار بعدم وجود أي دور للرئيس بشار الأسد في أي مرحلة انتقالية، ما يفتح على خلافات مع موسكو وطهران، ناهيك عن الحكومة السورية التي تبدي امتعاضا واضحا لمقررات فيينا نهاية الشهر الماضي، وتفضل عقد منتدى “موسكو 3” وهو ما أشار إليه الرئيس الأسد بوضوح في لقائه الأخير مع محطة “فينيكس” الصينية.
وعلى جبهة أخرى تعمل مصر للضغط من أجل تعزيز حضور ما يعرف بمجموعة القاهرة والتي تضم هيثم مناع وجمال سليمان وجهاد مقدسي وغيرهم ممن تبنوا “إعلان القاهرة”، ورفدها بشخصيات أخرى مثل المنسق العام لهيئة التنسيق حسن عبد العظيم. وتهدف القاهرة إلى تشكيل كتلة وازنة في موازاة قوة الائتلاف وإنهاء الدور القيادي له في أي مفاوضات مستقبلية مع النظام.
ومن دون الدخول في تفاصيل ولاءات المعارضة التي باتت معروفة لكل متابع للملف السوري، فإن تشكيل الوفد المعارض لا يعني بالضرورة قدرة أطراف المعارضة على ضبط الأمور على الأرض. ففي سوريا تنشط عشرات المجموعات المسلحة التي لا يوجد لها غطاء سياسي، ولا يعني إعلانها الانطواء تحت فصائل مسلحة أكبر، أو تنظيمات سياسية أنها سوف تلتزم بأي اتفاق يرسم في جنيف، وتكفي الإشارة إلى منع رئيس الحكومة السورية المؤقتة أحمد طعمة من دخول شمال سوريا من قبل” الجبهة الشامية” التي تدير معبر باب الهوى مع تركيا، وورود أنباء عن استقالته وعدد من أعضاء حكومته.
وتزامنا مع الجهود السعودية لعقد مؤتمر للمعارضة من المقرر أن يلتقي المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا يوم غد الثلاثاء مع قيادة الائتلاف الوطني السوري المعارض، وقادة فصائل أخرى من المعارضة في اسطنبول لحثهم على الاستعداد لمؤتمر المعارضة والخروج بموقف موحد تمهيدا للتفاوض مع وفد الحكومة الذي أوضح دي مستورا أنه جاهز ومؤلف من 40 شخصا.
وفي مقابل الحراك الدولي لتوحيد المعارضة يبدو أن دمشق تتأهب أيضا على طريقتها، فمن المنتظر وصول وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو للقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف يوم الأربعاء المقبل، ومن المنتظر أن يبحث الجانبان تنسيق مواقفهما خاصة بعد تسريبات عن تحفظات الحكومة السورية على بعض مقررات مؤتمر فيينا الأخير، ورغبتها في توسيع مشاركة المعارضة “المعتدلة” أو” الوطنية”، وتفضيلها حوارا معها في “موسكو3” استمرار للمنتديين السابقين.
ومؤكد أن الحراك الدولي لإيجاد حل سياسي في سوريا يأخذ زخما إضافيا، ويبدو أنه أكثر جدية من أي وقت مضى، لكن الأمتار الأخيرة من السباق نحو خط النهاية هي الأصعب خاصة في ظل التعقيدات المحلية والاقليمية والدولية للأزمة السورية.
سيريان تلغراف | سامر إلياس