نيزافيسيمايا غازيتا : تركيا تراهن على تركمان سورية
تطرقت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الى ازدياد نشاط تركمان سوريا في الأحداث الجارية هناك، مشيرة الى أن واشنطن تختار انقرة التي تراهن عليهم حليفا رئيسيا.
جاء في مقال الصحيفة:
بدأ تركمان سوريا بدعم من انقرة وواشنطن حملة ضد المتطرفين الإسلاميين في شمال سوريا وانضموا الى المنافسة “من أجل حلب”، مع بداية هجوم القوات الحكومية.
وتمكن تركمان سوريا بغطاء جوي من الطائرات التركية والأمريكية من الاستيلاء على قريتين سوريتين كانتا تحت سيطرة “الدولة الإسلامية”، مع بداية تحرك القوات الحكومية باتجاه حلب بمساندة الطائرات الحربية الروسية. ويبدو ان هدف تركيا من هذا هو ترسيم حدود المنطقة العازلة التي تنوي انقرة تحويلها الى معسكرات للنازحين السوريين، وقد تكون الخطوة التالية اعلان منطقة حظر جوي.
تقول نائبة مدير معهد الدراسات الاستراتيجية آنا غلازوفا: “بعد بداية العمليات الجوية الروسية في سوريا، بدأت تركيا تفقد مواقعها فيها. والاهداف والخطط التي وضعتها انقرة بدأت تنهار، وستقضي روسيا عاجلا أم آجلا على الارهابيين الذين دعمتهم تركيا خلال سنوات طويلة بهدف محاربة الأكراد ونظام الأسد. وان خلق منطقة عازلة بدعم من البلدان الغربية ليهدف الى تعزيز نفوذ التحالف، على الأقل في شمال – غرب سوريا. وهنا نواجه تركيبة سياسية جديدة تهدد بتغيير التوازن السياسي والعسكري وبتقسيم سوريا. فقبل أيام أعلنت الولايات المتحدة عن دعمها لخلق المنطقة العازلة، في حين كانت من قبل ضد هذا الطرح رغم دعوات انقرة المتكررة. وإذا ما استمرت أنقرة في دعم تركمان سوريا، فإنهم على الأقل سيطالبون بتثبيت حقوقهم وهذا لن يساعد على ضمان وحدة سوريا”.
يبدو ان تركيا مستعدة للتخاصم مع روسيا في سوريا، رغم أن رئيس وزرائها احمد داوود اوغلو كان أعلن ان الوجود العسكري الروسي في سوريا له ما يبرره لغاية القضاء على “الدولة الإسلامية”. وقد جاءت تلك التصريحات متزامنة مع اتهام روسيا بمهاجمة مواقع تركمان سوريا، مما حث تركيا على توجيه رسالة الى مجلس الأمن الدولي واستدعاء السفير الروسي لدى انقرة لتوضيح المسألة. وهذه المسألة كانت من ضمن المسائل التي ناقشها وزير خارجية تركيا مع نظيره الأمريكي خلال اتصال هاتفي بينهما.
هناك محاولات لعزل روسيا ليس فقط على الجبهة السورية، بل ايضا في الأمم المتحدة. ففي 21 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري اقر مجلس الأمن الدولي بالإجماع مشروع قرار فرنسي بشأن تكثيف الجهود في مجال محاربة “الدولة الإسلامية”، بعد العمليات الارهابية التي نفذت في باريس.
وتجدر الاشارة الى ان روسيا كانت قد قدمت مشروع قرار معدلاً بهذا الشأن الى مجلس الأمن الدولي، إلا انه لم يطرح على بساط النقاش. بعد هذا أشار مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، الى ان روسيا تشاورت مع الوفد الفرنسي في شأن صياغة مشروع القرار، واضاف “ان محاولات بعض اعضاء مجلس الأمن الدولي منع مناقشة مشروع القرار الذي قدمناه الى المجلس، هو قصر نظر سياسي. لأنه لا يمكن بيد واحدة محاربة الارهاب، وباليد الثانية اللعب معهم ومغازلتهم وفق اعتبارات تكتيكية”.
أما مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة فأعلن أنه لن ينظر في مشروع القرار الروسي إلا بعد ان يصبح خاليا من الإشارة الى دور للأسد في محاربة الارهاب.
لقد اصبحت فرنسا، بعد العمليات الارهابية في باريس، اقرب حليف محتمل لروسيا في الغرب، فاعلنت باريس انها مستعدة للتحاور في هذا المجال. وأعلن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لي دريان، ان روسيا “توجه ضربات قاسية” الى مواقع “الدولة الإسلامية” وان موقف روسيا تغير بعد ان “تضررت كثيرا” من “الدولة الإسلامية”. واضاف “لقد ادركت موسكو ان جيش الأسد اصبح ضعيفا وأن ليس بمقدوره حماية المواقع الروسية وخاصة ميناء طرطوس كما في السابق”.
من جانب آخر وجهت الرياض ضربة دبلوماسية في الأمم المتحدة، حيث اقرت لجنة حقوق الإنسان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة مشروع قرار سعودي لا يشير مباشرة الى روسيا وإيران، ولكنه يشجب التدخل في سوريا من قبل “كافة المسلحين الأجانب والقوات الأجنبية الذين يقاتلون الى جانب النظام السوري” وبالذات حرس الثورة الإسلامية و”حزب الله” ويدعو الى وقف الغارات الجوية.
على روسيا، وفق وجهة نظر الولايات المتحدة وتركيا، التركيز على محاربة “الدولة الإسلامية” لأن الهجمات الجوية الروسية ضد المعارضة ساعدت على تقوية الارهابيين، حيث قال أوباما في كوالالمبور إن “على موسكو التركيز على الذين قتلوا مواطنين روس”، ويقصد كارثة الطائرة الروسية فوق سيناء.
لقد كان من الممكن تنظيم لقاء بين أوباما ومدفيديف، ولكن انشغال الأخير في اجتماع مع السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي قال إن على موسكو ان تلعب دورا مهما في محاربة الارهاب، لم يسمح بذلك.
سيريان تلغراف