معركة الرقة ومصير “داعش”
أحداث باريس والغارات على “داعش” في مدينة الرقة السورية، قطرة أفاضت الكأس وجعلت فرنسا تسارع بالرد لينساق وراءها العالم بقرار أممي يجيز استعمال كل الإمكانيات للقضاء على التنظيم.
قرار أممي تحركت إثره العديد من الجهات، ولعل تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص بالتحالف الدولي لمحاربة “الدولة الإسلامية” بريت ماكغيرك يوضح ذلك عندما صرح لقناة “بي بي سي” أن جماعات عربية وكردية تجهز في الوقت الحالي للتقدم بمساعدة القوات الخاصة الأمريكية لعزل منطقة الرقة شمالي سوريا، التي تعد أحد أهم معاقل “داعش”.
وقال بريت ماكغيرك، إن هجمات باريس وحدت الرأي العام العالمي حول التهديد الذي يمثله الإرهاب، وسوف تتكثف الجهود العسكرية استجابة لهذا التهديد، مؤكدا في السياق الحاجة لمزيد من التعاون الاستخباراتي للتعامل مع الشبكات الجهادية في أوروبا ووقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق.
وأشار المبعوث الأمريكي إلى أن إجراء قويا يُتخذ في الوقت الحالي ضد “داعش” في سوريا، مبينا أنه سيتم إرسال فريقين إلى أرض الميدان لدعم ومساعدة القوات إضافة إلى تقديم الاستشارات العسكرية ومساندة القوات في عزل الرقة.
وشدد المتحدث على أنه لا يريد تحديد موعد لانتهاء العمليات العسكرية إلا أنه أفاد أن العالم سوف يرى نهاية للأزمة على مدار الأسابيع القليلة المقبلة.
في غضون ذلك، شنت قوات عربية وكردية هجمات على مواقع لـ”داعش” وتمكنت من السيطرة على مدينة الحل الواقعة على الطريق من الرقة إلى الموصل، ولا زالت تواصل تقدمها نحو الجنوب.
كما ذكرت وسائل الإعلام التركية، السبت، أن مسلحين سوريين تمكنوا من طرد مسلحي “داعش” من قريتي حرجلة والدلحة الواقعتين في محافظة حلب الشمالية، عند الحدود السورية التركية بعد قتال عنيف.
على عكس ما جاء على لسان المبعوث الأمريكي والمواجهات الميدانية، نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريرا حول الاستراتيجية المتطورة التي يعتمدها تنظيم “الدولة الإسلامية”، حيث قالت إن “داعش” أصبح يعتمد على محور العمليات الميدانية والمركزة في سوريا والعراق، ومحور العمليات المباغتة في الدول الغربية، واعتبرت أن تنظيم الدولة يملك فعلا مقومات الدولة، وينبغي مواجهته على هذا الأساس.
وقالت الصحيفة إن تنظيم الدولة يتميز عن بقية المجموعات الجهادية بالاستراتيجية المتطورة التي يعتمدها، فهو قادر على شن هجمات حربية تقليدية، وخوض حرب الشوارع، وممارسة الإرهاب في المدن، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الحركات المسلحة.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على مدينة الرمادي العراقية في مايو/أيار الماضي، مشيرة إلى أن “داعش” أعاد فتح المستشفى، الذي فشلت الحكومة العراقية في فتحه منذ أشهر عديدة، معتبرة أن التنظيم يمثل تهديدا حقيقيا وكبيرا.
من جهتها، نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية تقريرا حول الغارات الفرنسية على مدينة الرقة السورية، التي تكثفت إثر هجمات باريس، حيث أبرزت أن هذه الغارات التي تأتي انتقاما من هجمات “داعش” الأخيرة، مؤكدة أن ذلك لن يلحق ضررا كبيرا بالتنظيم.
إلى ذلك، كشف مصدر محلي في محافظة نينوى شمالي العراق، السبت، عن انتقال 900 مسلح مع أسرهم من الرقة السورية إلى نينوى، مبينا أن ذلك جاء بعد اشتداد الضربات الجوية للطيران الروسي والفرنسي على مواقع تنظيم “داعش”.
وتشن طائرات القوات الجوية الروسية منذ أكثر من شهر هجمات مركزة على مواقع ومقرات تنظيم “داعش” ومخازن أسلحته في سوريا وألحقت به خسائر فادحة، فيما بدأت المقاتلات الفرنسية قبل أيام شن غارات جوية مكثفة على مواقع “داعش” في سوريا والعراق.
سيريان تلغراف