مكافحة دولية للإرهاب قبل “خراب مالطا” !
تعرضت باريس لسلسلة من الأعمال الإرهابية الجمعة في الـ13 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، والتي سقط بنتيجتها من 120 إلى 153 قتيلا فضلا عن مئتي جريح.
هل تذكرون عملية “دوبروفكا” الإرهابية في موسكو، حين استولت مجموعة من المسلحين الشيشانيبن يقدر عددهم بأربعين مسلحا على المسرح عام 2002، حيث كانت تُعرض مسرحية “نورد أوست” الموسيقية، واحتجزوا أكثر من 900 شخص من المشاهدين والفنانين رهائن لأكثر من ثلاثة أيام؟!
حينئذ لم يترك المسلحون خيارا آخر أمام القوات الخاصة الروسية غير اقتحام المسرح وتحرير الرهائن، الذين قضى منهم 130 شخصا. وقد دان ولا يزال المسؤولون والصحافيون الغربيون يدينون الرئيس فلاديمير بوتين لرفضه التفاوض مع الإرهابيين، ويدينون السلطات الروسية لاستخدامها الغاز أثناء اقتحام المسرح.
ولكن موسكو تصر على أنه لم يكن لديها آنذاك مجال للمناورة في مواجهة 40 مقاتلا مدججين بالسلاح، مستعدين لقتل أنفسهم والإجهاز على رهائنهم. الأمر، الذي أكده في اليوم الثالث للحصار قائد العملية موفسار بارييف للصحافي البريطاني مارك فرانشيتي في مقابلة تلفزيونية، حيث قال: “لا يوجد لدينا ما نخسره، لقد تحمّلنا عناء قطع 2000 كم للقدوم إلى هنا، ولا سبيل للعودة الآن، فقد أتينا لكي نموت هنا، وإن دافعنا هو الحرية والجنة”.
والآن ها هي فرنسا تجرب على نفسها مأساة دموية مماثلة، عندما تعرضت باريس الجمعة في 13 11 2015 لهجمات الإرهابيين، الذين اقتحموا مسرح “باتاكلان” الباريسي، حيث كانت فرقة الروك الأمريكية “إيغلز أوف ديث ميتال” (نسور الموت) تقدم عرضها، لكن الإرهابيين لم يحتجزوا رهائن، وقتلوا على الفور ما بين 80 و112 شخصا.
وكانت قد دوت قبل ذلك ثلاثة انفجارات عند ملعبStade de France في العاصمة الفرنسية، حيث كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يحضر مباراة ودية في كرة القدم بين منتخبي فرنسا وألمانيا.
ثم أطلق الإرهابيون النار على البارات والمقاهي في الشوارع القريبة، وقتلوا ما لا يقل عن 30 شخصا.
ونحن لا نشمت بهذا المصاب الجلل، الذي أصاب فرنسا، ونقدم تعازينا الصادقة إليها بضحاياها، حتى ولو كان بينهم رسامو “شارلي”، الذين هزؤوا في البداية بالنبي الكريم، ثم بضحايا الطائرة الروسية المنكوبة. فليمزحوا وليمرحوا الآن في السموات العلى إن كانوا بين “الشهداء”، فليسوا هم الوحيدين، الذين سخروا من النبي الكريم بذريعة حرية الرأي، وليسوا هم الوحيدين، الذين تشفوا من سقوط الطائرة الروسية، بل غالبية المسؤولين والصحافيين الغربيين، الذين أرادوا مصيرا لروسيا في سوريا كمصير الاتحاد السوفياتي في أفغانستان.
لكن فرنسا كانت الدولة الأوروبية الوحيدة، التي لعبت الدور الأبشع في “الربيع العربي”، حيث قصفت طائراتها ليبيا، ودلت أجهزة استخباراتها “الثائرين” الليبيين على مكان معمر القذافي، لكي يُقتل على أيديهم ويتعرض قبل ذلك لشتى أنواع العذاب.
وفي سوريا، كانت باريس المحرضة الأولى على أعمال الشغب. وعندما بدأت روسيا عمليتها العسكرية هناك، كان هولاند ينتقد ليل نهار “التفرد الروسي” بقصف الإرهابيين. وكان وزير خارجيته لوران فابيوس حجر عثرة أمام أي اتفاق بين المتفاوضين بشأن السلام في سوريا، ما أجبر مئات الألوف من السوريين على النزوح من بلادهم إلى القارة العجوز، حيث يَتهم السياسيون المتطرفون الآن المسلمين بقلقلة الأوضاع في أوروبا.
أيها السادة الأوروبيون! لقد قلقلتم الأوضاع في أوكرانيا، وحاولتم خنق روسيا، ودمرتم الشرق الأوسط، وحولتم ليبيا إلى ولايات قبلية متناحرة، وغضضتم الطرف عن استفحال وباء الطائفية في العراق، وظهور “داعش” هناك، ولا تزالون تحاربون طواحين الهواء في سوريا، فقط لكي لا ترون في المنام شبح بشار الأسد.
أيها السادة! لا انتظار بعد اليوم! آن الأوان لكي تهبوا مع روسيا لمكافحة الإرهاب قبل “خراب مالطا”!
سيريان تلغراف | حبيب فوعاني