ما بعد مهين .. “داعش” يهدد الطريق الدولي بين حمص ودمشق
شهد اليومان الماضيان اللذان أعقبا اجتماع فيينا، ارتفاعا في مستوى القتال بين الجيش السوري وحلفائه من جهة، وفصائل المعارضة المسلحة من جهة ثانية، وتنظيم الدولة من جهة ثالثة.
وشكلت سيطرة “داعش” على بلدة مهين جنوبي محافظة حمص تطورا مهما على صعيد تغيير قواعد الميدان، فللمدينة أهمية كبيرة إذ تبعد نحو 20 كلم عن الأوتستراد الدولي الذي يصل دمشق بحلب مرورا بحمص وحماة.
وبدأ الهجوم انطلاقا من القريتين التي يسيطر عليها التنظيم منذ أغسطس/ آب الماضي، بتفجير سيارتين مفخختين عند حاجز الأعلاف عند مدخل البلدة الجنوبي وسرعان ما تمت السيطرة على مهين وحوارين.
وشكلت هذه العملية مفاجأة للجيش السوري الذي بدأ عقب العملية ضرب ستار عسكري في محيط البلدة للحيلولة دون توسع التنظيم نحو بلدة صدد، بعد إعلان التنظيم سيطرته على عدد من التلال الملاصقة لصدد (تلال الحزم الثاني)، في وقت يسيطر الجيش السوري على تلال الحزم الأول مع استمرار الاشتباكات لمنع التنظيم من دخول صدد.
وطرحت هذه العملية تساؤلات عن مدى جهوزية واستعدادات الجيش السوري وتقديراته لسير المعارك، فالبلدة لا تبعد سوى عدة كيلومترات عن القريتين الخاضعة لسيطرة التنظيم، وبدا واضحا من ذاك أن التنظيم يضع نصب عينيه المناطق المسيحية.
بكل الأحوال، من شأن السيطرة على مهين وصدد أن تعيدا خلط الأوراق، إذ يصبح التنظيم مسيطرا على خط يمتد بطول نحو 30 كلم من القريتين إلى مهين ثم صدد، ويصبح على بعد عدة كيلومترات من حسيا، المدينة الصناعية والبوابة الرئيسية للعبور إلى مدينة حمص شمالا ومدينة القصير إلى الشمال الغربي، وعلى بعد كيلومترات من بلدة البريج جنوبا التي تعتبر البوابة الشمالية للقلمون الغربي.
وهذه خطوة متقدمة، لكنها أعادت إلى الأذهان معارك مهين قبل عامين والسيطرة على مستودعات الأسلحة فيها، ومن ثم وضع منطقة القلمون التي أخرجت من معادلة الصراع منذ عام ونصف تقريبا، وتشكل القلمون أهمية كبرى كونها القاعدة الخلفية وخزان الإمداد الرئيسي لدمشق وريفها وللمنطقة الوسطى في سوريا، ولمناطق في البادية شرقا، وهي عبارة عن شريط استراتيجي بطول نحو 120 كلم وعرض نحو عشرة كيلومترات في بعض المناطق ونحو 35 كلم في مناطق أخرى بمساحة تبلغ 25 ألف كلم مربع يحده من الغرب سلسلة جبال لبنان ومن الشرق الطرق المؤدية إلى بادية الشام، مع مجموعة كبيرة من المدن والقرى الصغيرة.
السيطرة على مهين ستضع التنظيم على مقربة من مطار التيفور (T4) بين مدينتي حمص وتدمر، والذي يبعد عن بلدة القريتين نحو 25 كلم، وفي حال استطاع السيطرة على صدد، فسيكون بذلك على مقربة من مطار الشعيرات الاستراتيجي كونه المطار الرئيسي في المنطقة لتأمين عمليات الإمداد لوحدات الجيش، وعندها يستطيع “داعش” قطع خطوط الإمداد للجيش السوري بين أقصى غرب حمص إلى أقصى شرقها.
لكن هذه الخطوة على أهميتها لا تعكس بالضرورة حالة القوة للتنظيم، بقدر ما تعكس حالة التراجع بعيد الضربات التي تلقاها في الآونة الأخيرة في الشمال والشرق، وما عملية مهين إلا محاولة لخلط الأوراق وتخفيف الضغط عليه في معاقله الرئيسية.
وفي محاولة من الجيش السوري لمنع التنظيم من وصل ريف حمص الغربي بريفه الشرقي، نفذ الطيران الحربي السوري هجمات مكثفة على تجمعات التنظيم في بلدة خنيفيس في ريف تدمر وقريتي رسم السبعة وغزيلة في الريف الشرقي من محافظة حمص، وبحسب معلومات مقربة من دمشق، دخلت وحدات من قوات النخبة في الجيش إلى منطقة البيارات غرب مدينة تدمر تحت غطاء جوي روسي، بهدف شق صفوف التنظيم بين القوات التي دخلت مهين وتلك المنتشرة في محيط تدمر.
إلا أن أخطر ما في عملية مهين هو وجود حاضنة شعبية للتنظيم، فاقتحام البلدة جاء بعيد مبايعة سرية جرت بين “داعش” ومسلحي البلدة الذين عقدوا تسوية قبل عامين مع الجيش السوري لتحييد بلدتهم مقابل عدم دخول الجيش إليها.
سيريان تلغراف | حسين محمد