حيثيات القبض على “صاحب السمو الملكي”
في سابقة هي الأولى من نوعها في لبنان، وضعت الشرطة الأغلال في يدي أمير سعودي لتقتاده من مطار بيروت الدولي إلى النيابة العامة بتهمة تهريب المخدرات.
عبدالمحسن بن وليد بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود هو ابن حفيد مؤسّس مملكة آل سعود، وابن أخ أمير حائل وعضو هيئة البيعة سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز، تم القبض عليه، الاثنين 26 أكتوبر/ تشرين الأول، في مطار رفيق الحريري حين كان يهمّ بركوب طائرته الخاصة، متوجّها إلى الحجاز.
وكان برفقة الأمير 4 أشخاص، ومعهم 24 طردا و8 حقائب سفر كبيرة، تراوح وزن كل منها بين 40 كلغ و60 كلغ وألصقت على كل واحد من الطرود ورقة تحمل عبارة “خاص صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمحسن بن وليد آل سعود”.
رجل الأمن طلب تفتيش الطرود، فما كان من كبير مرافقي الأمير إلا أن نهاه قائلا “ألا ترى المكتوب عليها؟ هذه أغراض خاصة لطويل العمر لا تُفتّش”، ورغم ذلك أبى رجل الأمن إلا أن يفتش ليفتضح أمر محتوى الحقائب.
نحو طنين من حبوب الكبتاغون كانت موضبة في أكياس أفرغ منها الهواء، وحملت شعار موحّد لنوع خاص من هذه الحبوب المخدرة معروف باسم “زينيا”، وهو أجود الأنواع.
وبحسب المحققين، فإن قيمة الصفقة تزيد على 110 ملايين دولار، فيما أقرّ الأمير السعودي بأنه يتعاطى المخدرات ولم ينف قبل التوقيف ملكيته للطرود.
على صعيد آخر، بدأت السفارة السعودية اتصالاتها للضغط على الجهات القائمة بالتحقيق، وحسب مسؤول أمني لم تطلب بعد “لفلفة” القضية، مكتفية بجس النبض.
هذا وقد توجها وكيل السفارة والوزير المفوض إلى المطار وطلبا معاملة الموقوفين بالحسنى، فتلقّوا وعدا بذلك. كذلك طلب الوزير المفوّض عدم تكبيل يدي الأمير، لكن طلبه قوبل بالرفض.
وعلى المستوى السياسي، بدأ آل سعود اتصالاتهم لمحاولة فهم ما يجري، والحصول على معلومات من التحقيق، وبحث السبل الآيلة إلى إطلاق سراح الأمير.
كما أكدت مصادر مواكبة للتحقيق أن الأمير لا يحظى بأي حصانة دبلوماسية، رغم كونه يحمل جواز سفر دبلوماسيا.
على صعيد آخر، توقف مسؤولون أمنيون عند نوعية الحبوب المخدرة المضبوطة، الموضبة في أكياس تحمل دمغة موحدة، ما يشير إلى أن مصدرها مصنع محترف.
ولفت المسؤولون إلى أن هذه الدمغة سبق أن وجدت على أكياس كبتاغون في عدد كبير من عمليات الضبط السابقة، بينهما عملية كبرى عام 2009، عندما اكتشف مكتب مكافحة المخدرات عملية تهريب أكثر من مليون و100 ألف قرص كبتاغون كانت في طريقها برّاً إلى السعودية.
وقد مر أكثر من 6 سنوات بين عمليتي الضبط، في ظل تقصير كبير في عمل الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها مكتب مكافحة المخدرات في الشرطة القضائية، العاجزة حتى اليوم عن اكتشاف المصنع الذي لا يزال يعمل بكل حرية طوال هذه السنوات.
ليس عبدالمحسن بن وليد آل سعود الأمير السعودي الأول الذي يضبط في حالة جرمية، حيث اعتادت دول العالم إقفال الملفات القضائية لأبناء الأسرة الحاكمة في الجزيرة العربية، لأسباب تُردّ إلى الأمن القومي والمصلحة الوطنية.
سيريان تلغراف