نوفيه إزفيستيا : من السماء الى الأرض
تطرقت صحيفة “نوفيه إزفيستيا” الى مجرى الأحداث في سوريا مشيرة الى احتمال توسيع الولايات المتحدة دورها في الحرب الدائرة هناك وارسال قواتها الخاصة الى سوريا.
جاء في مقال الصحيفة:
أعلن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض الأمريكي، ايريك شولتز، أن الولايات المتحدة لا تنوي القيام بعمليات عسكرية برية في سوريا. أي انه عمليا فند تصريحات وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر، الذي اعلن عن إمكان القيام بعمليات عسكرية برية في سوريا لمحاربة “الدولة الإسلامية” (المنظمة المحظورة في روسيا).
يتضح من هذه التصريحات المتضاربة، انهم في الولايات المتحدة يدرسون بسرعة التعديلات الواجب إدخالها على سياستهم في الشرق الأوسط.
وكان الوزير كارتر قد صرح أمام لجنة مجلس الشيوخ في الكونغرس لشؤون القوات المسلحة، التي تضم العديد من منتقدي سياسة الرئيس أوباما، بالقول: “نحن لن نرفض مساعدة الشركاء في الهجوم على “الدولة الإسلامية”، وهذا يشمل الهجمات الجوية والعمليات المباشرة على الأرض”.
أما شولتز فإنه إما يجادل الوزير كارتر أو يدقق تصريحاته، حين يشير إلى ان الأمريكيين، حسب الظروف، سيقومون “بعمليات محددة” مع حلفائهم في سوريا. ومع ذلك أكد أن “ليس لدينا النية في القيام بعمليات عسكرية واسعة كالتي قمنا بها في العراق وأفغانستان”.
فكرة العمليات العسكرية البرية تحوم في الأجواء، ولكنها كما يتضح تتطلب إدخال تعديلات جوهرية على نهج الرئيس أوباما. فمنذ 14 شهرا والطائرات الأمريكية تقصف مواقع المجاهدين دون أي نتائج تذكر، في ظل وقف “الدولة الإسلامية” توسعها بصورة عامة، رغم استيلائها على مدينتي الرمادي في العراق وتدمر في سوريا. كما فشل فشلا ذريعا البرنامج الأمريكي الخاص بإعداد مقاتلين من المعارضة المعتدلة، وهو ما تقرر وقف العمل به.
ما يشير الى ان الادارة الأمريكية قررت توسيع رقعة تدخلها عسكريا في النزاع السوري هو ما تنشره وسائل الإعلام استنادا الى مصادر مبهمة. فمثلا اعلنت وكالة رويتر ان مسؤولين اثنين رفيعي المستوى في الحكومة قالا ان البيت الأبيض يدرس بالتفصيل وبعمق كافة الاحتمالات اللاحقة لتطور الأحداث في سوريا. ومن بين هذه الاحتمالات تكثيف الهجمات الجوية على مواقع “الدولة الإسلامية” وإرسال “القبعات الخضر” الى سوريا واعداد وتدريب مقاتلي المعارضة المعتدلة على الأراضي السورية مباشرة.
أما ما يخص العراق، فإن النية تتجه الى ارسال مروحيات “أباتشي” وتعزيز المساعدات العسكرية والمالية والتقنية لحكومة بغداد. طبعا هذا على المدى البعيد. وحتى إذا وافق الرئيس أوباما على هذه الخيارات، فإنه لن يتم تنفيذها خلال الأسابيع المقبلة. وما نشرته وكالة رويتر، تؤكده تصريحات عديدة لمسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، ومن بينهم أوباما، تقول إن الانتصار على “الدولة الإسلامية” لن يتحقق قريبا.
البيت الأبيض يضع أمام حلفائه هدفين أساسيين للمستقبل القريب: تحرير مدينة الرمادي في العراق واحتلال مدينة الرقة في سوريا، والتي اعلنت عاصمة لدولة الخلافة الاسلامية في سوريا. ولتنفيذ ذلك تعد أمريكا وحدات حماية الشعب الكردي للهجوم على الرقة بدعم ومساندة الائتلاف الجديد للمعارضة المعتدلة، ذاك الذي انشئ برعاية واشنطن.
ولكن تنفيذ هذا الأمر قد يفشل بسبب تفوق “الدولة الإسلامية” عدديا. كما يمكن ان تعيق تركيا تنفيذ العملية. لأن تركيا تنفذ في سوريا لعبتها السياسية الخاصة، دون إعارة حليفها الاستراتيجي أي اهتمام. وقد بذل البيت الأبيض جهودا كبيرة لاقناع انقرة بالمشاركة بفعالية اكبر في مكافحة المجاهدين عملياً وليس بالكلام، كما هو الحال منذ عدة سنوات. إلا أن تركيا لا تخفي ان هدفها الأول يكمن في محاربة الأكراد.
شكليا المقصود هنا هو حزب العمال الكردستاني، حيث اعلن رئيس الحكومة التركية احمد داود اوغلو في تصريحات لقناة Ahaber ان القوات الجوية التركية قصفت مواقع وحدات حماية الشعب الكردي لأن الأكراد لم ينفذوا أوامر أنقرة بالامتناع عن عبور نهر الفرات. أي انه من دون تدخل جدي من جانب أمريكا لن يتم الهجوم على الرقة.
ويقول رئيس مركز الدراسات العربية والإسلامية في معهد الشرق الأوسط، الكسندر فيلونيك: “اعتقد ان الأمريكيين يفكرون بشكل محموم في ما ينبغي عمله لاحقا. ومع ذلك من المستبعد استخدام وحدات تكتيكية كبيرة من القوات الأمريكية في سوريا”.
سيريان تلغراف