حدود التحالف القطري السعودي التركي في التعامل مع الأزمة السورية .. ودور روسيا
قال وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية في مقابلة تلفزيونية إن مجلس الأمن الدولي لا يقوم بما فيه الكفاية لحماية الشعب السوري مما يستدعي تدخل الدوحة.
وفي معرض إجابته على سؤال ما إذا كانت دولة قطر والسعودية، ستقومان بالتدخل المباشر في سوريا على خلفية التدخل الروسي، قال العطية إن “أي شيء سيؤدي إلى حماية الشعب السوري، ويحمي سوريا من الانقسام لن نألو جهدا للقيام به مع إخوتنا السعوديين والأتراك، مهما كان هذا الشيء، وإذا كان التدخل العسكري سيحمي الشعب السوري من وحشية النظام السوري فبالطبع سنقوم به”.
لا تشكل هذه التصريحات جديدا على صعيد الواقع، حيث تقدم قطر والسعودية وتركيا دعما عسكريا لفصائل المعارضة المسلحة وبعض الفصائل الإسلامية منذ سنوات، لكن أن يعلن وزير الخارجية القطري رسميا دعم بلاده للمعارضة بالسلاح تحت عنوان حماية الشعب السوري، فذلك يعني، وفق متابعين لملف الأزمة في سوريا، إعلان الحرب علنيا ليس على الحكومة السورية فحسب، بل أيضا على داعميها، وخصوصا الروس.
الجديد الذي تحمله تصريحات العطية وإن لم يفصح عنه مباشرة، هو إمكانية قيام قطر والسعودية وتركيا بأي شيء في سوريا لمنع نجاح العملية الروسية، في إشارة إما إلى تزويد الفصائل المسلحة بالسلاح اللازم للحيلولة دون تغيير في معادلة الميدان شمالي سوريا، بعد نجاح أنقرة والرياض والدوحة في ترجمة جهودهم ميدانيا بتشكيل “جيش الفتح” الذي استطاع السيطرة على محافظة إدلب قبل أشهر، أو أن تصريحات العطية تشير إلى إمكانية نقل تجربة “عاصفة الحزم” في اليمن إلى سوريا بطريقة أو بأخرى.
الاحتمال الثاني يبدو صعبا للغاية، لجهة حدود الإمكانيات العسكرية لهذه الدول، ولحدود الغطاء السياسي الدولي، فتركيا لا تستطيع التدخل عسكريا بشكل مباشر من دون سند من حلف الناتو، والسعودية غير قادرة على فتح جبهة ثانية بعد اليمن، فضلا عن أن إمكانياتها لا تسمح لها بتدخل عسكري بعيدا عن حدودها.
ليس أمام هذه الدول سوى رفع وتيرة التسليح، وتشير تصريحات العطية إلى عمق التنسيق القطري ـ التركي أكثر من التنسيق القطري ـ السعودي، وقد بدا ذلك في دعمه ودفاعه عن حركة “أحرار الشام” المدعومة أصلا من تركيا التي حاولت خلال الأشهر الماضية تعويم الحركة على الصعيد الدولي، حيث تبين المعلومات إلى استلام الدوحة وأنقرة عملية التسليح في الشمال على أن تتولى الرياض هذه المهمة في الجنوب السوري.
وعلى الرغم من الخلافات القطرية – السعودية التي يشكل الإخوان المسلمون محورها، إلا أن الدولتين تتلاقيان في أهداف موحدة في سوريا، خصوصا بعد العملية العسكرية الروسية وما يمكن أن تؤول إليه من تغيير في موازين القوى، ولعل تصريح العطية من أن “بلاده تدعو للحوار من موقع القوة”، يوحي بأن العواصم الإقليمية الثلاثة لا تريد أن تسمح لموسكو بترجمة تدخلها في سوريا على أرض الميدان من أجل عدم استثماره سياسيا ضمن أي صفقة مع واشنطن حيال التسوية الكبرى في سوريا.
لكن مشكلة الحلف الإقليمي الثلاثي اليوم أصبحت أكبر من ذي قبل مع دخول الروس على خط الصراع مباشرة، فهذه الدول لا تمتلك إمكانيات عسكرية قادرة على مواجهة التفوق العسكري الروسي الكبير، كما لا تمتلك قوة سياسية قادرة على فرض أجندتها السياسية على حليفتهم الولايات المتحدة التي تجد نفسها أقرب إلى موسكو من هذه الدول.
وأقصى ما يمكن أن تقدمه الدول الإقليمية الثلاث، هو تأمين السلاح لفصائل المعارضة، وهو سلاح يستطيع تأخير أي إنجاز ميداني لدمشق، لكن لا يمكنه كسب المعركة مع وجود غطاء جوي روسي لا سبيل إلى مواجهته، كما أن أقصى ما يمكن أن تقوم به هذه الدول هو الاحتجاج السياسي، كما فعلت الدوحة حين ألغى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قبل أيام زيارة رسمية إلى موسكو.
وأخيرا، ثمة مسألة مهمة يجب التوقف عندها في تصريحات العطية، فالرجل لم يذكر شيئا عن الدور الأمريكي في سوريا، وحصر التفاهم والتنسيق بين قطر والسعودية وتركيا فقط، ما يعني وجود هوة كبيرة بين الدول الثلاث وواشنطن، على الرغم من عدم ممانعة الإدارة الأمريكية لعملية تسليح الفصائل المسلحة.
سيريان تلغراف | حسين محمد