سر التويوتا .. متى عُرف السبب بطل العجب !
تحدثت تقارير عن فتح السلطات الأمريكية تحقيقا في كيفية حصول “داعش” على أعداد كبيرة من سيارات “تويوتا” الجديدة، لكن مراقبين ذكروا أن واشنطن نفسها وردت المئات من هذه السيارات لسوريا.
ولفت طوني كارتالوتشي الخبير الجيوسياسي المقيم في بانكوك في مقالة نشرها على موقع المجلة الإلكتروني “المرصد الشرقي الجديد” إلى أن الكشف عن التحقيق الذي تجريه وزارة الخزانة الأمريكية جاء في الوقت الذي تواصل فيه روسيا غاراتها على الإرهابيين في سوريا وعلى خلفية تنامي الاشتباه على النطاق العالمي بأن واشنطن نفسها قامت بدور أسياسي في تجهيز وتمويل جيش الإرهابيين الذي يحارب حاليا في سوريا والعراق.
وكانت قناة “أيه بي سي” الأولى التي تناولت الموضوع في تقرير لها نشر الأسبوع الماضي.
وجاء في التقرير أن خبراء مكافحة الإرهاب الأمريكيين طلبوا من شركة “تويوتا” اليابانية للسيارات مساعدتهم في التحقيق الرامي إلى الكشف عن السبل التي يحصل بها “داعش” على السيارات الجديدة التي تظهر بالعشرات في جميع الفيديوهات الدعائية تقريبا التي ينشرها التنظيم.
وقال مارك ولاس السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة والخبير في مكافحة الإرهاب في تصريح لـ “أيه بي سي”: “للأسف الشديد أصبحت “تويوتا لاندكروزر ” و”تويوتا هيلوكس ” جزءا من ماركة “داعش”، إذ استخدم التنظيم هذه السيارات في أنشطته العسكرية والإرهاب وأنشطة أخرى”.
كما نقلت “أيه بي سي” عن “تويوتا” تأكيدها أن وكيلها في سوريا علق مبيعات السيارات في سوريا عام 2012، لكن أشرطة الفيديو التي ينشرها “داعش” تظهر أن ما يربوا على الثلثين من السيارات التي يملكها هي من شركة “تويوتا”.
وكانت الشركة قد جددت تمسكها بـ”سياسة صارمة تحول دون بيع السيارات للمشترين الذين قد يستخدمونها في أنشطة عسكرية أو إرهابية”، نافية علمها بسبل تهريب هذا الكم الهائل من السيارات إلى سوريا والعراق.
بدوره السفير العراقي في واشنطن لقمان الفيلي قال لقناة “أيه بي سي” إن الحكومة العراقية واثقة من أن “داعش” تمكن من شراء مئات سيارات “تويوتا” الجديدة خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى شراء سيارات مستخدمة.
أما كارتالوتشي فقال إنه لا عجب أن يكون موظفو “تويوتا” والمسؤولون العراقيون لا يعرفون شيئا عن سبل تهريب السيارات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة “داعش”، إذ يتعين على وزارة الخزانة أن توجه أسئلتها بشأن سيارات “تويوتا”إلى نظيرتها وزارة الخارجية الأمريكية، وليس إلى جهات أجنبية.
وذكر الخبير بأن تقارير إعلامية تحدثت العام الماضي عن إرسال أساطيل من سيارات “تويوتا” إلى “الجيش السوري الحر” في سوريا.
أما الإذاعة الدولية العامة (PRI)، فذكرت في تقرير لها عام 2014 أن سيارات “بيك أب” من طراز “تويوتا” كانت على رأس قائمة المشتريات التابعة للجيش السوري الحر وحركة “طالبان”.
وأضافت الإذاعة قائلة: “مؤخرا، عندما استأنفت وزارة الخارجية الأمريكية إرسال المساعدات غير الفتاكة إلى المتمردين السوريين، ضمت قائمة التوريدات 43 سيارة “تويوتا”. ولفت الخبير في هذا الخصوص إلى عبارة “استئناف التوريدات” الذي جاء في نص التقرير، معتبرا أن هذه الدفعة من سيارات “تويوتا” لم تكن الأولى على الإطلاق.
كما نقل كارتالوتشي عن عبيده شهبندر المسؤول الاستراتيجي في الائتلاف الوطني السوري والذي يقيم في واشنطن، قوله إن السيارات مثل “تويوتا هيلوكس” تعد من المعدات الضروريية لـ”قوات المعارضة المعتدلة” التي تحارب على الأرض، إذ تستخدم السيارات من هذا الطراز لنقل التعزيزات والتموين إلى المناطق التي تجري فيها المعارك، كما يمكن تجهيز تلك السيارات بأسلحة.
كما كانت لندن من الجهات التي ورَدت سيارات “تويوتا” إلى سوريا، إذ جاء في مقال نشرته صفيحة “ذي إندبندنت” في عام 2013 أن بريطانيا قدمت للمعارضة السورية مساعدات غير فتاكة بقيمة نحو 8 ملايين جنيه إسترليني، تشمل 5 سيارات رباعية مصفحة و4 شاحنات و4 سيارات جيب و5 سيارات بيك آب غير مصفحة بالإضافة إلى أجهزة متنوعة أخرى.
واعتبر الخبير أن واشنطن ولندن اعتمدتا على القنوات التي استخدمت لتوريدات العربات المذكورة أعلاه، لإرسال كميات كبيرة من السيارات إلى سوريا قبل وبعد نشر التقارير الإعلامية التي كشفت عن جزء بسيط فقط من التوريدات.
واعتبر كارتالوتشي أن التحقيق الراهن الذي تجريه واشنطن يأتي بهدف خلط الأوراق وصرف الانتباه عن مساعداتها للمعارضة السورية، عبر نشر مزاعم حول وجود جهة مجهولة مسؤولة عن تجهيز “داعش”، لتحميل تلك الجهة الوهمية مسؤولية أخطائها.
سيريان تلغراف