الحملة الفرنسية الجديدة تزحف نحو معاقل داعش ولكن في الاتجاه الخطأ
تواصل فرنسا صب الزيت على النار، مؤكدة أن الأراضي السورية أصبحت ملاذا آمنا لتنظيم داعش الإرهابي، وذلك تمهيدا للالتفاف على القانون الدولي قريبا.
بعد عدة تصريحات أدلى بها كل من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس حول استراتيجية باريس في مكافحة الإرهاب، وزيادة مشاركتها في القصف الجوي في سوريا والعراق، وأن أي تسوية للأزمة السورية يجب أن تكون بدون بشار الأسد، صرح رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الثلاثاء 15 أيلول/سبتمبر أمام البرلمان الفرنسي بأن “الأراضي السورية أصبحت ملاذا آمنا لتنظيم داعش”، مشددا في الوقت نفسه على أن باريس وحدها ستحدد الأهداف التي ستقصفها المقاتلات الفرنسية.
رئيس الوزراء الفرنسي أشار إلى أن التدخل الفرنسي يهدف للحد من تقدم تنظيم “داعش”، ولا يسعى إلى دعم القوات السورية، وأن بلاده لن تغير استراتيجيتها في محاربة الارهاب. بل وذهب إلى استحالة التوصل إلى أي حل وسط أو ترتيب مع الرئيس السوري بشار الأسد من أجل تسوية سياسية، مؤكدا مرة أخرى على أن باريس “لن تفعل شيئا يقوي النظام” في سوريا.
وفي الوقت الذي كشف فيه رئيس الحكومة الفرنسية عن أن قوات التحالف استطاعت وقف تقدم تنظيم “داعش” باتجاه كردستان العراق، رأى أن التنظيم يتمدد في الأراضي السورية. وبالتالي، من الضروري تكثيف الجهود مع دول المنطقة لمحاربة “التنظيم المتشدد”، حسب وصفه.
هذه “الحملة الفرنسية” الجديدة تستخدم كل الأوراق والمسوغات الممكنة، بصرف النظر عن صحتها أو حتى اقترابها من الواقع، لصب الزيت على النار، والتعجل بقصف سوريا أيا كانت النتائج. ويبدو أن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لديه “الوصفة” السهلة لمعالجة الأمر والتي لخصها بضرورة تقديم المساعدات لما وصفه بـ “المناطق المحررة”. إضافة إلى تقسيمه العرقي والطائفي للسكان في سوريا، وذلك بالتأكيد على ضرورة حماية الأقليات، ودعمهم.
باريس جمعت كل المسوغات اللازمة لتجهيز حملتها الجديدة لشن الحرب على سوريا التفافا على القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة. وتتلخص هذه المسوغات في: أزمة اللاجئين السوريين، وحماية الأقليات، ومكافحة الإرهاب، ومساعدة التنظيمات “المعتدلة المسلحة” التي ترى باريس أنها “تواجه التهميش والظلم”. هذه المسوغات تعيد التاريخ إلى الوراء لتذكر الجميع بأحداث العراق وليبيا. ولكن الغرب الأمريكي – الأطلسي يحاول هذه المرة تغيير بعض التفاصيل بإشراك قوات عربية برية، حسب وصف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والاستعانة بالتنظيمات “المعتدلة المسلحة” وعناصر ما يسمى بالمعارضة “المعتدلة المسلحة” أيضا. وفي الوقت نفسه تلعب فرنسا دور “المحلل الشرعي” ذي الوجه الإنساني لإتمام “الصفقة”.
إن “الحملة الفرنسية الجديدة” تضع كل شيء في كفة، ونظام الأسد في كفة أخرى، متحججة بالإرهاب وحماية الأقليات وتفاقم أزمة اللاجئين. أي تستخدم واجهة إنسانية لتنفيذ أهداف مغايرة ومتناقضة تماما مع ما تعلنه، ولعل حرص فرنسا بالذات على إشعال الوضع في سوريا، يعود حسب التقارير والتحليلات، إلى انتظار المكافأة السخية في ليبيا التي يجري تأجيل كل شيء فيها، والمماطلة والتسويف والتعديلات المستمرة في مسودات الاتفاق، إلى أن تؤدي فرنسا دورها “التاريخي” في سوريا، ومن ثم يمكنها الحصول على “الدجاجة الليبية التي ستبيض لباريس المزيد من الذهب”.
سيريان تلغراف | أشرف الصباغ