مخاطر اللاجئين وإنقاذ العالم على طاولة الرئيس الحائر : كيف سيدخل أوباما إلى دمشق ؟
على خلفية مأساة اللاجئين السوريين، والحملة الإعلامية “الهوليوودية” ضد روسيا، باعتبارها المتسبب الأول في كل أزمات وكوارث الشرق الأوسط والعالم، وصلت الأمور إلى محطة جديدة.
من الصعب أن تمر مأساة إنسانية، مثل مأساة اللاجئين السوريين، دون أن تستثمرها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وبقية الدول المتحالفة معها. ولكي يكون الاستثمار بعائد جيد، كان لابد أن تظهر حملة “البروباغاندا” ضد روسيا. وبالتالي، يستطيع الغرب أن ينفض يديه من الجرائم التي ارتكبها في سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان، ليظهر قادته أمام العالم بعيون دامعة وقلوب مفطورة. ومن جهة أخرى، يلقون بالمسؤولية على “الجيش الأحمر” الذي دخل إلى سوريا وتسبب في كل تلك المآسي. وبالمرة يفسدون ما يمكن إفساده من العلاقات بين موسكو والعواصم العربية.
يبدو أن الحملة الإعلامية “الهوليوودية” لم تستطع الوقوف أمام حقيقة ما يجري على أرض الواقع، وانهارت خلال أيام قليلة أمام الحقيقة الساطعة مثل الشمس. ولكن “جراب الحاوي” لا يخلو أبدا من الألاعيب. وبالفعل، فقد كان من المتوقع أن يبدأ الغرب باستثمار أزمة اللاجئين السوريين، حتى إذا فشل في إبعاد روسيا أو التأثير على موقفها، أو مساومتها بملفات أخرى.
صحيفة “يو إس إيه توداى” الأمريكية تبلغ القارئ بقلب مفطور وعيون دامعة بأن الصور المتعلقة بالأزمة السورية تفطر القلب، والمأساة فى تصاعد، والمطالبات والنداءات بالتحرك تتعالى. ثم تنتقل إلى أن “الرئيس الأمريكى باراك أوباما، يواجه حلولا غير سهلة لأزمة اللاجئين السوريين”.
الصحيفة قالت، فى سياق تقرير نشرته يوم الخميس 10 سبتمبر/أيلول الحالي على موقعها الإلكترونى، “إن النزوح السوري ليس أزمة اللاجئين الأكبر فى التاريخ لكنها قد تكون الأكثر تعقيدا، خصوصا وأن هناك جماعات عرقية وفصائل دينية تخوض المعركة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد”.
هذه الخطوة كانت متوقعة تماما، وكتبنا عنها في مقالات سابقة. وبالتالي لم يكن غريبا أن تنقل الصحيفة عن أندرو تابلر (زميل بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى) قوله: “أعتقد أن الشيء الوحيد الذى يمكننا القيام به فى هذه المرحلة هو القبول بأن سوريا بلد مقسم، لكن المشكلة فى هذه الطريقة للتعامل مع الأمر هي أنه نظرا لأن النزاع في سوريا شرس للغاية وليس فى طريقه للنهاية فى وقت قريب فإن سوريا ستواصل نزيف الكثير من الأشخاص والكثير من الإرهاب أيضا”. وأوضحت الصحيفة، أن إدارة أوباما تقترح زيادة متواضعة فى سقف أعداد اللاجئين وأخبرت لجان بالكونغرس الأمريكى الأربعاء 9 سبتمبر الحالي، بأنها ستزيد عدد اللاجئين المسموح لهم بدخول الولايات المتحدة بمقدر 5 آلاف سنويا اعتبارا من أول أكتوبر المقبل.
الصحيفة الأمريكية نقلت أيضا عن كاثلين نيولاند (الأخصائية بمعهد سياسة الهجرة) أن “ترك السوريين فى معسكرات اللاجئين، أو الأسوأ من ذلك تركهم يتجولون فى المدن والبلدات فى جميع أنحاء الشرق الأوسط، يعد أزمة إنسانية وتهديدا أمنيا فى نفس الوقت”.
خطوة خطيرة متوقعة تبدأ من أسفل عبر الخبراء والمحللين بمراكز الأبحاث القريبة من المؤسسات الأمريكية، ومن خلال عاملين في مجال الهجرة، لكي تكتمل الصورة المأساوية، لتبرر بدورها قرارات سياسية وخطوات عسكرية مقبلة، يمكن أن نجد صداها في تصريحات سابقة لعسكريين وعناصر مخابرات، وربما عكستها تصريحات وتحركات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس.
لقد وصلنا الآن، إلى أن “سوريا بلد مقسم، وعلينا أن نقبل بذلك”.. وهو “بلد مقسم بين جماعات عرقية وطائفية”.. و”هذه الجماعات العرقية والطائفية تناضل كلها وتكافح ضد نظام بشار الأسد”… و”النزاع في سوريا شرس للغاية وليس في طريقه للنهاية”.. “سوريا ستواصل النزيف والكثير من الإرهاب”… كل هذه الجمل والعبارات تشير إلى ضرورة “اتخاذ إجراءات سريعة وفورية لإيقاف كل ذلك لأن “اللاجئين أيضا أصبحوا يشكلون خطرا وتهديدا أمنيا”..
في نهاية المطاف، تصل الأزمة إلى طاولة “الرئيس الحائر” باراك أوباما الذي سيكون مضطرا، وبقلب مفطور، إلى اتخاذ قرارات صعبة للقضاء على الإرهاب، والمصادقة على تقسيم سوريا “المقسمة، حسب الصحيفة، وحسب العديد من مراكز القرار في أمريكا وغيرها من دول الحلفاء”. وأيضا من أجل حل أزمة اللاجئين، وإنقاذ أوروبا والشرق الأوسط من المخاطر والتهديدات الأمنية التي يمكن أن تسفر عنها تحركات هؤلاء اللاجئين.
فهل بقيت هناك أسباب تنقص الرئيس الحائر وحلفائه للتقاعس عن إنقاذ البشرية؟ بقيت الآلية التي ستكون مختلفة فقط في بعض التفاصيل عما جرى في أفغانستان والعراق وليبيا، لكي تكتمل الديمقراطية “في أبهى صورها”، كما اكتملت وازدهرت في أفغانستان والعراق وليبيا والصومال.
سيريان تلغراف | أشرف الصباغ