داعش يتمدد بين تطرف ماكين وأوهام أوباما
تواصل الولايات المتحدة مسلسلا متعدد الحلقات حول مكافحة الإرهاب ومواجهة تنظيم “داعش”. ويحاول أبطال المسلسل تمرير سيناريوهات تبدو متناقضة لكنها تخدم مصالح واشنطن بأشكال متعددة.
الرئيس الأمريكى باراك أوباما قال إن مواجهة تنظيم “داعش” تتطلب مواجهة فكره المنحرف، مؤكدا أن التحالف حقق تقدما فى محاربة التنظيم. وأن واشنطن لن ترسل أي قوات برية لمحاربته. وشدد أوباما على أن التنظيم فقد 40% من المناطق، التي كان يسيطر عليها فى العراق.
من الواضح أن الرئيس أوباما يدعو إلى التفاؤل بصرف النظر عن أعداد الضحايا في العراق وسوريا وليبيا، أو انهيار هذه الدول وتدمير ثقافتها وتاريخها وحضارتها. ولكنه واثق بقوة من أنه في النهاية سوف يتغلب على تنظيم “داعش”، “مثلما تغلب على تنظيم القاعدة وأزاحه إلى الترتيب الثاني”!
على الجانب الآخر، انتقد السناتور الأمريكي الجمهوري جون ماكين الاستراتيجية العسكرية التي تتبعها الإدارة الأمريكية لمكافحة تنظيم “داعش”، معتبرا أنها تخسر الحرب ضد الإرهابيين. ورأى عدم تناسب بين الوسائل ومستوى الجهود وبين الأهداف، وهذا يوحي بأن واشنطن ليست بصدد الانتصار. ووفقا لماكين: “حين لا نكون بصدد الانتصار فى الحرب، فهذا يعني أننا نخسر”.
هذا الكلام جاء أثناء جلسة استجواب لوزير الدفاع آشتون كارتر، ورئيس هيئة أركان القوات الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي، أمام لجنة القوات المسلحة فى مجلس الشيوخ حول مواضيع بشأن الشرق الأوسط. غير أن المهم هنا هو قول ماكين: “ليست هناك أي أسباب تدعو للاعتقاد بأن ما نفعله سيكون كافيا لتحقيق الهدف الذي طالما أعلنه الرئيس، وهو إضعاف تنظيم داعش وصولا إلى القضاء عليه، سواء على المدى القريب أو على المدى البعيد”.
هذا التصريح الأخير تحديدا من قبل ماكين يضع أوباما في مأزق شديد بعد أن أعلن هو نفسه أن القضاء على “داعش” يتطلب المزيد من الوقت. والمدهش هنا هو أن ماكين قال ذلك تعليقا على اعتراف وزير الدفاع بأن تدريب واشنطن لمقاتلي ما يسمى بـ “المعارضة السورية المعتدلة” للتصدي لتنظيم “داعش” انطلق ببطء شديد. لكن إذا توخينا الحقيقة، فالرئيس أوباما أعلن أن الولايات المتحدة دربت 60 مقاتلا فقط من أجل تحقيق توازن مع قوات “داعش” في سوريا، ما أثار سخرية المراقبين والأوساط السياسية حين قارنوا بين هذا العدد وأعداد عناصر التنظيم الإرهابي من جهة، والتصريحات الأمريكية الساخنة بشأن مكافحة الإرهاب. ولكن من جهة أخرى، هناك شبه إجماع على أن الولايات المتحدة تؤجل التعامل بجدية مع ملف “داعش” لأسباب جيوسياسية وجيوأمنية تتعلق بملفات أخرى قد يكون بعضها بعيدا عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والبعض الآخر يتعلق بإعادة ترسيم منظومتي العلاقات والمصالح في المنطقة.
إن الرئيس أوباما لا يترك حتى هذا الموضوع بدون تعليق، وكأنه يريد أن يكون في أكثر من مكان في وقت واحد. ففي زلة لسان، خلال مؤتمر صحفي لشرح مجريات العمليات العسكرية المتعلقة بداعش، قال أوباما إن إدارته ستقوم بتسريع عمليات التدريب العسكري لقوات تنظيم “داعش” الإرهابي. زلة اللسان هذه استخدمها البعض للتندر حول علاقة الأجهزة الأمنية الأمريكية بالإرهاب، واستخدمها البعض الآخر في علاقة السياسة الأمريكية باستخدام التنظيمات الإرهابية واستثمار الإرهاب لتحقيق مصالح وتوازنات. لكن مراقبين ركزوا على أن الرئيس الأمريكي لا يريد أن يقنع العالم الخارجي وحده، بل والمؤسسات الأمريكية بخيالات تدور في ذهنه، بينما الواقع يسير عكس ذلك تماما.
سيريان تلغراف | أشرف الصباغ – RT