المواجهة الكبرى .. بقلم يحيى محمد ركاج
اقترب موعد الحسم للأحداث التي تشهدها منطقتنا العربية منذ سنوات، حسمٌ نهايته تبشر بنهاية ملفات كبرى، ليست مشروطة بسلم أو انتصار إلا بالدرجة التي تحمل معها حرباً مدمرة على مستوى الأمم والأقاليم، وعند حديثنا عن مراحل من الحروب فإن نهاية الأحداث في هذا العام في بلادنا وللأسف ككل عام تكون في شهر الرحمة والغفران، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ولعل الطابع الذي تحمله الأحداث تشير إلى اليد الإسلامية المتأمركة في هذا الشهر المبارك، إذ يتحول شهر الخشوع والعبادة والمغفرة إلى شهر سفك الدماء وفق مفتيي النيتو ومن تبعهم في ضلالهم المبين.
ولعل المبرر لديهم بأنه شهر تنظف النفس نفسها من الذنوب وعليه تقوم دول الغرب بتنظيف نفسها من النفايات البشرية التي قد تمرح بها فساداً وتدميراً وتخريباً، فقد أيقن الغرب بركة هذا الشهر الفضيل أكثر مما أيقنه حكام العرب، فعملوا على تخليص بلادهم من الفتن والشرر وأرسلوهم كنفايات إلى منطقة شرق المتوسط.
حيث معارك منتهية الصلاحية يخوضها الإرهابيين ضد بلادنا، فلا يملك من يخوضها إلا الموت نيابة عن أسياده بعد أن لفظته كل القوى التي دعمته، وقد أدرك جيداً أن لا مفر أمامه إلا المضي قدماً في تدمير كل ما يجده أمامه حتى تنتهي حياته دون عذاب، فقد يحظى بما وعدوه به في النعيم بالحور العين، فإن لم يكن له نعيمٌ لما اقترفته يداه من سفك دماء طاهرة بريئة، وعدوان ظالم آثم وترويع أطفال وتهجير أسر وتدمير حقوق وممتلكات، فلتكن هديته ما أعددناه له ليتنعم به في سعير جهنم عبر أحد أبوابها السبعة. إن مواجهات هذا العام ليست ككل عام رغم التشابه الظاهري في محدداتها المكانية والزمانية والمنخرطين بها بعد أن كُشفت الأقنعة وخرج بعض الجوار من نفاقهم واصطفوا جهاراً نهاراً في صفوف الإرهاب والأعداء، لأنها تحمل بالنسبة لنا نحن السوريين طابع الحياة والعزة، فهي مواجهات نكون أو لا نكون، أعلنها شبابنا في كل الشوارع السورية في المدن والمحافظات والأزقة والطرقات، وتبعهم فيها من هجرتهم هذه الأحداث عن ظلم وطغيان، ومن هجرتهم أيضاً طمعاً في بريق ثورة كاذبة، وبعض من هجرتهم على أحقاد قديمة، لنرى هوة تركية أفقدت القردوغان التركي صوابه، تبعها استعداء الأكراد مجدداً لتركيا، ليتوج الأمر بمسك الحراك عبر موقف أهلنا في الجولان وشبابهم، حيث عشرات السنوات من مناورات الكيان الصهيوني الخادعة لم تسلبهم بوصلة المجد والحرية، فكان صوتهم نبراس الحق الذي يثني على عطاءات جيشنا المقدام في ساحات الوغى. إن مواجهات هذه الفترة تعتبر المواجهات الأكثر سخونة والأشد تأثيراً في رسم خارطة جديدة للمنطقة، وهي المواجهات الأكثر سهولة التي يخوضها جيشنا وشعبنا، فلم يعد ستار الأبرياء في واجهة الأحداث خدعة تنطلي على أحد ، ولم يعد ستار الحياد ليؤخر تحرير منطقة وإعادة الأمن والأمان إليها، والأهم من هذا وذاك بأنه لم تعد هناك خطوط حمر في المواجهة مع الأعداء من دول وإرهابيين، فالقاتل يقتل، والمعتدي سوف يواجه بمثل ما اعتدى، وساحات القتال لم تعد أرض الشام المباركة فقط(سورية) إنما أصبح الهدف الآن شرعياً لنا ولجيشنا في أي نقطة من نقاط الأرض.
لقد اتسعت رقعة المعركة بما يفوق مخيلة من صمموها لتدميرنا، حتى أصبحت تهز عروشهم وعروش أسيادهم، فنتانة المكائد السياسية فاقت العطور الباريسية الفاخرة، وطغت على نسمات الرياحين الطبيعية، وأفردت خروج الجيش الأصفر للمواجهة العالمية عسكرياً وتقنياً، وحنكة روسية في مفاوضات سياسية ناجحة تمسكنت بها وتراجعت حتى استطاعت أن تلتهم الذبيحة الغربية والخليجية ولا تترك لهم حتى فتاتها.
إنها المواجهة الكبرى محلياً وعربياً وعالمياً وسمتها الأبرز صمود الجيش العربي السوري وعنوانها بإذن الله كما سيرويه المؤرخون هو انتصار الشعب العربي في سورية.
ولعل الإعلان الروسي الأخير بولادة تحالف رباعي تنضم فيه الدول المنخرطة بالحرب على سورية بقتال الإرهابيين تحت لواء الجيش العربي السوري هو أحد بوادر النصر الإلهي الذي وهبه الله سبحانه وتعالى للشام، إلا أنه يخفي في ثناياه أيضاً تناقضات النصر والمكر، فالمكر قد عهدناه بهم وسوف نفرد له مقالاً أخر، والنصر أبوابه كثيرة من تسليح وإعمار وتمويل وضريبة ما اقترفته يداهم وللحديث به بقية من بقايا كثيرة.
عشتم وعاشت سورية أبية منتصرة.
سيريان تلغراف | د. يحيى محمد ركاج
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)