الديار : القلمون .. نصر استراتيجي يذهل الملحقين العسكريين في السفارات العربية والدولية
حقق مقاتلو الجيش العربي السوري وحزب الله نصراً استراتيجياً أذهل كل الملحقين العسكريين في السفارات العربية والدولية لجهة الانتصار السريع الذي حققه حزب الله والجيش السوري في القلمون و”التكتيكات” العسكرية التي اعتمدت في منطقة جردية وعرة وواسعة على امتداد اكثر من 800 كلم.
وتعتبر المعارك الجردية المكشوفة من اصعب المعارك، ورغم كل هذه الصعوبات حقق الجيش السوري وحزب الله نصراً بدل كل المعايير، وكل ما ساد في الآونة الاخيرة، عن مسار جديد في التطورات السورية بعد سقوط إدلب.
وتمكّن مقاتلو حزب الله من السيطرة على تلال مرتفعة جداً وبسرعة، وصولاً إلى تلة موسى الاستراتيجية التي جاء تحريرها من أصعب المراحل. فالسيطرة على تلة موسى الاستراتيجية ستحدث تبدلاً في موازين الصراع مع العدو الصهيوني، خصوصاً أن الجيش الأحمر السوفياتي قام بتحصين التلة وإقامة الانفاق فيها والخنادق وحوّلها إلى ما يشبه القلعة الحصينة، ولعبت دوراً بارزاً في حرب تشرين التحريرية وفي التصدي للاجتياح الإسرائيلي عام 1982 لجهة صد الهجوم “الإسرائيلي” على بيادر العدس.كما اعتبرها الجيش السوفياتي من أهم التلال الاستراتيجية في الشرق الاوسط ويصعب على أي جيش الوصول إليها او اختراقها.
هذا مع العلم أن “جبهة النصرة” سيطرت عليها نتيجة “خيانات” معروفة تحصل في كل الجيوش وتسلمتها “النصرة”، فأحدثت خللاً في الميزان العسكري لصالح “النصرة” في القلمون حتى جاءت المعارك العسكرية الاخيرة وهجوم الجيش السوري وحزب الله، اذ راهن الكثيرون من قيادات الجيوش بأن تلة موسى ستشكل عقدة لحزب الله ولن يستطيع السيطرة عليها، لكن الانهيار السريع للمسلحين وتحريرها من قبل حزب الله فاجأ كل هؤلاء، حتى أن التكتيكات التي اعتمدها الحزب ستدرّس مستقبلاً في أضخم المعاهد العسكرية العالمية. وكما برع حزب الله في الدفاع وصد الهجوم الإسرائيلي عام 2006، برع في الهجوم والتقدم أيضا واحتل مسافات واسعة في الجرود تعجز أكبر دول العالم من السيطرة عليها في هذه الفترة الزمنية القصيرة.
ومن الطبيعي أن يدرس العدو الإسرائيلي أولاً ما جرى في القلمون من تطورات عسكرية، وكيفية تحرك حزب الله، وجهوزيته، وقدرة عناصره على الاقتحام السريع وخوض الاشتباك المباشر، حيث تفوّق مقاتلو الجيش السوري وحزب الله في كل تفاصيل المعركة، وهذا ما سيدفع العدو الإسرائيلي الى القلق واعادة حساباته وكذلك التكفيريين.
فحزب الله الذي خاض المواجهة الأولى في القصير ونجح، فإنه نجح أيضا في الاختبار الثاني في القلمون ولا يستطيع أي جيش إنجازه بهذه السرعة.
وقد أدت المعارك إلى سيطرة الجيش السوري وحزب الله على القلمون من الناحيتين السورية واللبنانية، وتم تحصين المناطق اللبنانية البقاعية ودمشق وحمص وكل مواقع الجيش السوري في ريف دمشق، أما المسلحون فقد لجأوا إلى جرود عرسال وتمت محاصرتهم في هذه المنطقة.
وكانت عرسال قد شهدت اشتباكات عنيفة بين ما يسمى “جيش الفتح” المكوّن من بعض الفصائل الإرهابية التكفيرية وركيزته “جبهة النصرة” وتنظيم “داعش”. وجرى الاشتباك بعد تحميل “داعش” مسؤولية الإخفاقات العسكرية الأخيرة وعدم مشاركته في معركة القلمون.
سيريان تلغراف