محطة مدارية عملاقة لحياة جديدة للبشر في الفضاء
يحاول علماء الفضاء تسريع وتيرة البحوث لتمكين الإنسان في المستقبل من العيش خارج الأرض، حفاظا على الجنس البشري، إلا أن المشكلة الأساسية هي انعدام الجاذبية، ومن هنا انطلقت شركة USS.
شركة USS الأمريكية (الحروف اختصار لكلمات United Space Structures )، هي شركة تطوير وتصميم وبناء هياكل مستقبلية فضائية عملاقة، وستعمل الشركة في مدار حول الأرض، وتحضر حاليا لمشروع بناء محطة مدارية عملاقة باسم (Gaia Class).
وتقول الشركة أنها ستستخدم في بناء هذه المحطة منصات روبوتية متعددة، ستكون قادرة على بناء هيكل المحطة بشكل أسطواني وجدران مزدوجة، بحيث يبلغ قطرها 100 متر وطولها 400 متر، وسيوفر هيكل المحطة 2.8 مليون متر مكعب صالح للسكن داخله (على سبيل المقارنة، يبلغ الحجم الداخلي للمحطة الفضائية الدولية “ISS ” مع اكتمال بناءها 1000 متر مكعب فقط).
وما يميز هذه المحطة المدارية الجديدة ليس الحجم الهائل فقط، فهي مزودة بجاذبية اصطناعية تخلق بيئة داخلية مناسبة للسكن على المدى الطويل. بالإضافة إلى منصات التصنيع الروبوتية التي تعمل في الفضاء بشكل مباشر.
وفي تعليق لـ”بيل كيمب” المدير التنفيذي للشركة لموقع “RT” العربي، عما إذا كانت USS تحاول بناء محطة فضائية بالتخطيط مع وكالة ناسا، لاستبدال المحطة الحالية “ISS “، أوضح بيل: “بشكل رسمي، نحن لا نعرف ماهي مخططات وكالة ناسا، و ما إذا كانت ستبني محطة فضائية جديدة لاستبدال المحطة الفضائية الدولية الحالية أم لا، بالرغم من ذلك فنحن في الشركة نعتقد أن تقنيات التصنيع لدينا يمكن استخدامها في بناء محطات فضائية يمكنها أن تحل محل المحطة الحالية ISS، أو حتى لبناء محطات مدارية تدور حول القمر والمريخ”.
هذا وتستخدم الشركة في تنفيذ أعمالها تكنولوجيا FESSS المتقدمة، وتقول الشركة عن بناء محطتها الاسطوانية العملاقة (Gaia Class) إن هذا البناء ممكن من الناحية الفنية والمالية.
وتقدر تكاليف بناء المحطة بحوالي 300 مليار دولار، وسوف تدور بسرعة 4 دورات كاملة في الدقيقة لخلق الجاذبية الاصطناعية، وسيستغرق بناؤها 10 أعوام.
وردا على سؤال آخر من القسم العربي في RT للسيد “كيمب”، حول ما إذا كانت الشركة تنوي التنسيق والتعاون دولياً لتنفيذ هذا المشروع العملاق، قال: “USS تعمل في تطوير الهياكل الصالحة للسكن الفضائي، ولكن سيقتصر دورنا على التصنيع والبناء في الفضاء للهياكل الخارجية والداخلية والجدران والأرضيات وغيرها من العناصر الأخرى اللازمة، وبالطبع ستكون هناك حاجة لكثير من الشركاء الآخرين، لتوفير النظم الحيوية الأخرى مثل الأنظمة البيئية والمرافق وأنظمة القيادة والتوجيه في الفضاء وأنظمة التحكم والدفع، على سبيل المثال لا الحصر. وبذلك فسوف تعمل USS مع كثير من الشركات الأخرى في العديد من البلدان لبناء هذه الأنظمة المختلفة”.
أبرز الملامح والمواصفات الفنية للمحطة الفضائية العملاقة (Gaia Class):
1- الجاذبية الاصطناعية
تصميم الهيكل سيسمح بخلق جاذبية اصطناعية متغيرة من خلال دوران الإسطوانة حول محورها الطويل، وهذه الميزة سوف تسمح بالإقامة عليها مدة طويلة، من دون آثار ضعف العضلات والعظام الناتجة عن انعدام الجاذبية.
من الناحية الفسيولوجية والنفسية، سيكون التكيف مع بيئة المحطة أسهل من التكيف مع بيئات انعدام الجاذبية.
2- الحماية من الإشعاع الكوني
تم تصميم نظام الجدار المزدوج لعمل بدن داخلي وخارجي للهيكل مع فراغ بينهما، سيتم ملؤه بالمياه، التي من شأنها أن تعمل بمثابة درع يحمي المحطة من الإشعاع الكوني، وكذلك ستكون بمثابة خزان لتوفير المياه لساكني المحطة.
3- الحماية الباليستية
سيتألف الهيكل الخارجي للمحطة من عدة طبقات من المواد بسماكة عدة أمتار، بحيث تكون بمثابة خط الدفاع الأول للحماية الباليستية للمحطة.
وسيكون الفراغ المملوء بالماء في نظام الجدار المزدوج بمثابة خط الدفاع الأخير، للحماية من الاختراقات الباليستية للحطام الفضائي، الذي يتحرك بسرعات عالية نسبيا.
4- الحماية الحرارية
الفراغ المملوء بالماء بين الهيكل الخارجي والداخلي سيكون بمثابة عازل حراري من درجات الحرارة القصوى في الفضاء الخارجي.
5- حجم داخلي هائل
تم تصميم الفضاء الداخلي للمحطة بحواجز تسمح بإعادة تقسيمه من الداخل، وتستخدم في التصميمات منظومة الألواح في وحدات الأرضيات والجدران، وهذه الألواح تحتوي على أنظمة للكهرباء وإعطاء البيانات وتوفير المياه العذبة والتخلص من مياه الصرف الصحي والإضاءة المدمجة والتدفئة والتبريد، علاوة على مجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار لتوفير السلامة والأمان في جميع أنحاء المحطة.
وحول العوامل التي قد تعطل مثل هذه الأفكار المستقبلية من أن تصبح حقيقة واقعية، أوضح كيمب لموقع “RT” العربي:
“أولا يجب تأمين التمويل اللازم لبناء النماذج الأولية والروبوتات التي ستبني الهياكل في الفضاء. وقد تم تصميم هذه الأنظمة الروبوتية بالفعل، وبمجرد أن يتم بناؤها واختبارها واعتمادها للعمل في الفضاء، سيتم بناء منصة عمل صغيرة اختبارية لبناء عدة وحدات أولية كاختبار أخير، ومتى تم ذلك سنكون على استعداد للبدء في بناء الهياكل في الفضاء”.
يذكر أن الشركة تنوي بناء هياكل أخرى عملاقة في الفضاء، سيعتمد بناء النماذج الأولى منها على مواد مستمدة من الأرض، ثم تبنى الهياكل اللاحقة بالمواد الفضائية، مما سيؤدي إلى خفض التكلفة بكثير وبناء المزيد منها في وقت أقل.
سيريان تلغراف