بعيدا عن تجميل الواقع .. لماذا يحارب بعض العرب أيران الثورة ؟؟ .. بقلم هشام الهبيشان
مازال بعض العرب يذهبون بعيدآ بخطابهم العدائي الموجه للايرانيين ،فهم بخطابهم هذا يمارسون أدوار مختلفة ويتبعون معايير ومعطيات تاريخية خاطئة بتعاملهم مع ألايرانيين، ومع كل هذه المعطيات التاريخية المشوهة ،وتلك المعايير المزدوجة التي تحرف مسار البوصلة الحقيقي لطبيعة وأصل الصراع بالمنطقة المتمثل بوجود سرطان خبيث يسمى “بالكيان الصهيوني “، وهنا ساُقدم بعض الدلائل والتساؤلات التي ستعزز مصداقية ما سأكتب أدناه،فهناك اليوم جملة من التساؤلات المحقة التي نتعامى نحن العرب عن الحديث بها وعنها بأطار علاقتنا مع ألايرانيين بمناهج سلوكنا بالتاريخ الحديث ،ومنها أنه لماذا صمت العرب عقودآ من الزمن امام أجندة ومشاريع حكم نظام شاه ايران”محمد رضا بهلوي ” الذي كان فعليآ يجسد مقولة وحقيقة الشرطي ألايراني بالمنطقة ؟التي يخشى منها بعض العرب ألان ،وماذا قدم العرب لأيران الثورة منذ عام1979وهو عام اعلان أنتصار الثورة الاسلامية بأيران ؟،ألم يقدم العرب لأيران منذ ذلك العام ولليوم الكثير من رسائل سوء النوايا ؟،ألم يشعل العرب عشرات الحروب على ألايرانيين منذ ذلك العام ولليوم حروب أمنية وعسكرية واقتصادية واجتماعية والأهم من كل هذا وذاك هي الحرب ألاعلامية التي تكفر ألايرانيين وتشتمهم صبح مساء وتحرض بالعلن على ايران الشعب والدولة ،فماذا نتوقع نحن العرب من ألايرانيين ان يقدموا لنا بعد كل هذا .
اليوم من حق كل عربي مسلم وغير مسلم ،أن يسأل عن رسائل حسن النوايا التي قدمها العرب للأيرانيين منذ عام 1979ولليوم،وهنا لن أعود لفتح ملفات الماضي ولن أتحدث عن الحرب العراقية الأيرانية وعن الذي كان سببآ بأشعال فتيلها ،سنتجاوز كل هذا ولكن أود هنا ان اذكر ملاحظة تاريخية قد لايعلم بها البعض من العرب ومضمونها ” ان البحرية الإيرانية قد احتلت الجزر الإماراتية طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى وقطعت العراق علاقاتها بإيران في ديسمبر 1971، وشملت الخلافات أيضا أحتلال إيران المناطق الحدودية وهي قوس الزين وبير علي و الشكره ، في 1972 بدأ الصدام العسكري بين إيران والعراق وازدادت الأشتباكات على الحدود وزاد نشاط الحركات الكردية المسلحة في الشمال، وبعد وساطات “عربية” وقعت العراق وإيران اتفاق الجزائر سنة 1975 واعتبر على اساسه منتصف النهر في شط العرب هو خط الحدود بين إيران والعراق ، تضمن الاتفاق كذلك وقف دعم الشاه للحركات الكردية المسلحة في شمال العراق” ،هنا قد يلاحظ البعض ان معظم الملفات العالقة بين العرب والايرانيين بالتاريخ الحديث كان سببها شاه أيران وبمجملها قد حصلت قبل الثورة الاسلامية الأيرانية ،مع العلم ان معظم قادة العرب حينها كانوا يقدسون شاه أيران ويحجون اليه بامبراطوريته صبح مساء.
ويعلم جميع المؤرخيين للتاريخ الحديث وخصوصآ بفترة العقد السادس والسابع من القرن العشرين كيف ان نظام شاه ايران كان يجسد فعليآ حقيقة ان الايرانيين هم بالفعل كانوا شرطي المنطقة والأقليم ككل وبرضى عربي واقليمي على الدور ألايراني هذا،كما كان لنظام الشاه ألايراني سبق التخطيط لبناء وتجهيز مفاعلات نووية سلمية ،ومع كل هذا وذاك أيضآ صمت العرب ،بالمحصلة يمكن القول ان معظم الملفات العربية العالقة اليوم بين بعض العرب والايرانيين كانت قد حصلت قبل وصول الثورة الاسلامية الى ايران وكانت تتم والعرب شاهديين عليها وبرضى كامل ،فأذا كانت حقائق التاريخ تشهد على كل هذا،فلماذا يبدأ العرب اليوم بفتح ملفات الماضي مع أيران الثورة وكأنهم كانوا مغيبون عن هذه الحقائق ،البعض قد يقول انها قد تعود لبعض المفاصل والقضايا و الى عوامل سياسية وايديولوجية،ليس أولها ولا اخرها أتهام بعض أنظمة العرب لايران الثورة بأنها تسعى الى تصدير تجربتها وثورتها الى بعض شعوب العرب ،وبغض النظر عن صدقية حديث هذه ألانظمة العربية بهذا ألاطار ،تبقى هناك حقيقة لايمكن لعاقل ان ينكرها ومضمونها ان بعض العرب قدموا لأيران الثورة رسائل خاطئة بالتوقيت الخطأ وبالمكان الخطأ.
فاليوم ماذا نسمي شراكة بعض العرب بمسار الحصار المفروض على ايران الشعب والدولة منذ 36عاما ،وماذا نسمي دعم بعض دول الخليج العربي للعراق بحرب الثماني سنوات ضد أيران “بمقابل وساطتهم بنزاع العراق وايران بفترة حكم الشاه”،وماذا نسمي شراكة بعض دول الخليج العربي بفصول تجويع الشعب ألايراني من خلال” حرب النفط “والتخفيض المتلاحق بأسعاره ،والذي وصفه أحد المسؤوليين الخليجيين ،”بألاداه الناجعة لأستثارة الشعب ألايراني على نظامه الحاكم “،ماذا نسمي اليوم معارضة بعض العرب ووقوفهم بخندق أسرائيل الصهيونية التي احتلت الارض العربية وهجرت وقتلت أبنائها ،لمعارضة توقيع أتفاق ايران النووي وحث أسرائيل الصهيونية على ضرب مصالح ايران النووية “بمقابل صمتهم على برنامج الشاه النووي “،وماذا نسمي حرب وسائل الاعلام الدينية وغير الدينية ببعض البلدان العربية على الايرانيين وتكفيرهم صبح مساء ،بل وبعضها تحرض وبالعلن على محاربة ايران الدولة والشعب “ولماذا لم تشن هذه الحرب بفترة حكم الشاه “،ناهينا عن مئات التفاصيل ألاخرى التي تدخل ضمن فصول رسائل النوايا السيئة التي يقدمها بعض العرب للأيرانيين ،فاليوم وبعد كل هذا فما المطلوب من ألايرانيين ان يقدموه للعرب؟؟ .
فهل المطلوب من ألايرانيين أن يصفقوا للعرب وهم شركاء بحرب تجويع أطفالهم ،هل المطلوب من ألايرانيين ان يصمتوا وهم يرون العرب يقفون بصف واحد مع اعدائهم ،هل المطوب من الايرانيين ان يصمتوا وهم يسمعوا ويشاهدوا كيف ان بعض العرب استغل منابر الدين والاعلام العربية لتكن هي الحديقة الخلفية للتحريض على الايرانيين ولتكفيرهم ولشتمهم صبح مساء ،لا أعتقد ان الايرانيين سيصمتوا على كل هذا،فعندما يحاول بعض المتطرفين العرب تمزيق ألامة الواحدة بأدخالها بصراعات جاهلية “صراع فارسي -عربي” ويتوعد الايرانيين بحرب ضروسآ،فعندها سترتفع بعض الاصوات المتطرفة بأيران لترد وتتوعد العرب بحرب ضروسآ كذلك،وعلى هذا لنقس الفعل ورد الفعل هنا وهناك بمختلف القضايا الخلافية المصطنعة بين بعض العرب وألايرانيين .
ختامآ ،،فأن مجمل هذه ألاسئلة المطروحة سأتركها برسم الاجابة عند كل عربي ،وقد يجيب البعض هنا وسريعآ ويقول ان الأجابة على كل هذه ألاسئلة المطروحة هي موجودة لدى بعض ألانظمة العربية بعالمنا العربي ،فهذه ألانظمة لها أجندة خاصة ترتبط فيها بمشاريع صهيو –امريكية تستهدف اشعال جملة من التناقضات المذهبية والدينية بالمنطقة والاقليم ،لتكن النتيجة بالمحصلة هو فوضى وصراع أسلامي –أسلامي ،مذهبي – طائفي -عرقي وليسميه كل واحدآ منا كما يشاء،يستغله المشروع الصهيو –أمريكي وأدواته بالمنطقة والاقليم لتنفيذ مشاريعه بالمنطقة ،كما ستستفيد هذه الانظمة من هذه الفوضى بتقوية أعمدة حكمها من خلال سياسة تخويف وتهويل شعوبها من خطورة ما يستهدفهم من الخارج،وهذا ما يتم بالفعل بهذه المرحلة ،فاليوم المنطقة العربية وألاسلامية منقسمة على نفسها صراع مذهبي تغذيه الكثير من وسائل الاعلام العربية وخصوصآ “الخليجية “منها ولانبرئ كذلك بعض المنابر ألاعلامية والدينية بأيران ،والمستفيد من كل هذا وذاك هم اعداء هذه ألامة بمشارق ألارض وبمغاربها،فألى متى سيبقى هذا الصراع مستمرآ ،والى متى سنبقى نتعامى عن حقيقة ان المستفيد الوحيد من هذا الصراع هو المشروع الصهيو –أمريكي وأدواته بالمنطقة؟؟جواب هذا السؤال نتركه أيضآ لكم برسم الأجابة ياعرب…….
سيريان تلغراف | هشام الهبيشان
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)