من يعطي البراءة للشيطان من الأفعال الشيطانية ؟ .. بقلم يحيى محمد ركاج
بعد تسارع وتيرة الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية عموماً وسورية على وجه الخصوص بسرعة وتسرُّع من قبل الغرب وأعوانهم في حربهم على سورية، عادت هذه الأحداث لتتباطأ من جديد من ناحيتهم، ولعل السبب الأبرز في ذلك هو المبادرة التي قام بها الجيش العربي السوري في كلٍ من مناطق الجنوب وبعدها بوقت قليل في الشمال السوري، فما كان من أحفاد إبليس إلا التشويش على هذه الإنجازات التي تحققت بإطلاق بعض الفقاعات ذات الومضات المفاجئة، والتي يسوق لها للأسف وكما اعتدنا دائماً بعض لمامة العرب.
وقبل البدء بالموضوع لابد من التذكير بما أشرنا به في سابقاً فيما يتعلق بالحنكة العسكرية التي اتبعها الجيش والقيادة السورية بإخلاء أماكن الالتحام في المناطق التي تم التصويت على قصفها في سورية من قبل قوات التحالف، فقد كانت الغاية ضرب مكامن القوة التنفيذية في الجيش العربي السوري التي لم يستطع الإرهابيون تدميرها بعد، وما بدأت الطلعات الجوية الكاذبة كنا ندرك أن الهدف هو البحث عن تبرير لتواجد قوات برية معادية على الأرض السورية، فازداد تحفظ الجيش السوري واستنفاره عندما تم الإعلان عن مشاركة طيارة إماراتية في قصف التنظيم المسمى (داع ش)، فالسيناريو هو إسقاط طائرتها ومن ثم سبيها من قبل عناصر التنظيم لتتحرك النخوة العربية على عذرية أرض الشام المباركة انتقاماً وثأراً للشرف المستباح، لكن ذلك أيضاً لم يتحقق لهم ولا أدري إذاكان السبب افتضاح الأمر أم فعالية الإنتشار والتكتيك الجيد للجيش السوري الذي يبدو عليه إدراك شامل لكل ما يُحاك ويخطط للمنطقة. فمضت طلعات النخوة الإماراتية بخير وسلام ليأتي المسلسل الجديد الذي يخدم الكيان الصهيوني أكثر مما يخدم أهداف التحالف المعلنة وغير المعلنة في المنطقة بأسر الشهيد الكساسبة ومن ثم الجدل الدائر بشأن إحراقه وقتله.
وقد بدأت التأويلات والكتابات تدور بشأن التدخل البري مجدداً رغم أن حادثة الشهيد الكساسبة كانت تفوق في خطورتها عملية الدخول البري في الأرض السورية، لولا المبادرة السريعة للجيش السوري في استئصال الإرهاب المتوطن في المناطق الجنوبية من سورية، لنجد دراما جديدة يقودها من عمل على تغذية الشيطان في سبيل تمكينه في الأرض، تتجلى بأصوات جديدة تنطلق مجدداً لتثير نقائض الفوضى الخلاقة في المنطقة إنطلاقاً من تسمية عبدالله الثاني وصياً على سورية،وهنا لا أسرد مداعبة أو نكتة، فمعركة الفوضى اعتادت الولايات المتحدة وحلفاؤها إطلاقها بالحرب النفسية المبنية على تصريحات مثيرة مستندة على أوهام زرعتها سابقاً يساعدهم في انتشارها وجود بعض الدمى في قيادة بعض الدول العربية.
فإذا كان الجميع يدرك أن التحالف ومن معه لو كان بإمكانه الدخول برياً إلى سورية دون هزيمة أو حتى دون خسائر فادحة جداً لما انتظر كل هذه الفترة ليوصي بها لغلمانه، فلماذا إذاً يأتي الآن تفويض أو وصاية الأردن على هكذا عمل وهو الذي يحتضن غرف عمليات المخابرات الغربية ومن دعمهم من لمامة الأعراب لتوجيه الإرهاب في سورية، وهو الذي وعد في بداية الحراك بالسيادة على أرض الحجاز، وهو الذي ترقب موت ترهات مرسي أثناء حكم الأخوان لزج الجيش المصري في سورية من خلال حدوده. وفي الجانب المعاكس من صناعة الفوضى نجد ما أقره مجلس الأمن بالإجماع من قرار تجفيف منابع الإرهاب الذي يمول داعش، والذي يفترض أن يجفف منابع غرف العمليات التي تُدار من الأردن لتوجيه الإرهاب في سورية، وهو لن يتم فعلياً لا من الناحية التركية ولا الأردنية لتكون الطُعم الذي كان يودي بسيادة الأردن إلى الهاوية لولا تحرك الجيش السوري. إن أمر الوصاية بمجمله لا يخرج عما أورده أحد الكوميديان الإسبان على قرار منع دخول السوريين لـ(دولة) لبنان ذات السيادة بحدوث هزة أرضية في المنطقة نتيجة ضحكات السوريين على مثل هكذا قرار، فهل ننتظر في الأيام القادمة أن يحيا البحر الميت من جديد استهزاءً من شهامة الغرب والوصاية الجديدة.
وهل يدرك الشعب الأردني خطورة صمت قيادته على ترهات التحالف الأمريكي الغربي بتوريط الأردن في سجالات ليس بمقدوره توقع عواقبها لا عربياً ولا حتى فيما يتعلق بأطماع الكيان الصهيوني بتوطين الفلسطينيين بأراضي الأردن كما كان يُرسم له في بداية الربيع المزعوم لولا صمود سورية؟!
وهل تخلى الأخوان المسلمون في الأردن عن حلم الخلافة والسلطة خاصة بعد نزع طربوش الدولة الإسلامية عن التنظيم المسمى (داع ش)؟!!
وفي الختام، إن صمود سورية وبسالة جيشها كانت هي السبب في بقاء الخارطة الجغرافية للعديد من الدول العربية على حالها، ولا نبالغ إذا قلنا أيضاً بالنسبة لبعض الدول غير العربية أيضاً، وهي ترسم أساطير التنفيذ في الجنوب والشمال السوري معاً، فهل أدركت الحكومة الأردنية بعد عمليات الجيش السوري في حلب – كما يدرك غالبية شعبها منذ زمن- أن كرامة الدولة وشرفها وسيادتها تُصان بتحالفها مع الجيش العربي السوري في مكافحة العدوان على المنطقة، أم أنها لا تزال تصر على حماية شرف العنقاء العربية من خلال التعامل مع الكيان الصهيوني كما كانت مواقفها في القرن الماضي.؟!!!
سيريان تلغراف | د. يحيى محمد ركاج
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)