هامات علي المقصلة …!؟ .. بقلم خالد صادق عبد العزيز
لا أجد من الكلمات ما أٌعزى به انفسنا فى قتل الشهيد الطيار, معاذ الكساسبه وجنودنا البواسل شهداء سيناء الحبيبة، فى أبشع صور القتل،ونحتسبهم شهداء والله حسيبهم، ويعجز الكلام امام هول هذا الاجرام الدنس الذي يستند إلى بعض أقاويل وروايات من اهل السلف، كما يعجز اللسان ويتوقف القلب من هول ما نري من مشاهد عنف وجرائم قتل وحرق وقطع رؤس والتمثيل بجثث الموتى، والله سبحانه يمهل ولا يهمل.
وإذا تأملنا واقع المنطقة العربية اليوم، من انتشار الطائفية وغياب الاستقرار ومناخ الحريات المنقوصة، وكذلك السياسات المزدوجة المعايير التي تنتهجها بعض الحكومات فى المنطقة ، والتنازع على السلطة والانحراف عن المنهج الاسلامى الصحيح، كل هذا أدي إلي ظهور هذه الجماعات الفاجرة الماجنة التى لاتعرف دين ولا اسلام، جماعات إرهابية ليس له قلب أو عقل، دستورها الإرهاب وغايتها التدمير والقتل بإسم الجهاد والنصرة لدين الله، والله منهم برئ.
واقول لهم لقد وصف الله المؤمنين بالرحمة والرأفة, ونعتهم بأنهم إخوة متراحمون متحابون، وأودع في قلوبهم الحب والمودة, ومن هنا أمرنا الله سبحانه وتعالي بحفظ النفس وجعلها من الضروريات التي أكدت عليها الشريعة الاسلامية السمحة, ولأجل هذا حمى الإسلام النفوس، وصانها وحرم الاعتداء عليها، إلا بالحق وجعله من أكبر المحرمات، وأعظم الموبقات، وقرن قتل النفس بالشرك بالله.
وفي خطبة الوداع الاخيرة للرسول الكريم صلي الله علية وسلم قال: «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا» هذا هو المنهج التشريعي العظيم الذي أوصي به الحبيب المصطفي.
إن هذا التنظيم الارهابى الخطير، هو تنظيم مسلح ارهابي يتبنى الفكر السلفي الجهادي (التكفيري) ويهدف المنظمون إليه إلى اعادة ما يسموه “الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة”، ويتخذ من العراق وسوريا مسرحا لعملياته وجرائمه الارهابية، كما يتطلع هذا التنظيم السرطانى الخبيث إلى الانتشار والنخر فى جسد الامة العربية كلها .
كما أثار هذا التنظيم ( الارهابي) جدلا طويلا منذ ظهوره في سوريا، حول نشأته وأهدافه وإرتباطاته، الأمر الذي جعلها محور حديث العالم أجمع، وبسبب تضارب المعلومات حوله.هناك فئة تنظر اليه كأحد فروع القاعدة في سوريا والعراق، وفئة أخرى تراه تنظيم مستقل يسعى لإقامة دولة إسلامية، وفئة ثالثة تراه صنيعة بعض الانظمة العالمية التي لها أغراض ومآرب سياسية في المنطقة، وبين هذا وذاك… من هي داعش ؟
تعود أصول هذا التنظيم الى عام 2004، حين أعلن أبو مصعب الزرقاوي مبايعته لتنظيم القاعدة الارهابي بزعامة أسامة بن لادن، ليصبح بذلك ممثل تنظيم القاعدة في المنطقة أو ما سمي “تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين”، برز التنظيم على الساحة العراقية إبان الإحتلال الأمريكي للعراق، على أنه تنظيم جهادي ضد القوات الأمريكية، الأمر الذي جعله مركز إستقطاب للشباب العراقي والعربى الذي يسعى لمواجهة الإحتلال الأمريكي لبلاده، وسرعان ما توسع نفوذ التنظيم ليصبح من أقوى الميليشيات المسلحة المنتشرة والمقاتلة على الساحة العراقية.
وفي عام 2006، خرج (الزرقاوي) على الملأ في شريط مصور معلنا عن تشكيل “مجلس شورى المجاهدين” بزعامة عبدالله رشيد البغدادي، وبعدها قٌتل الزرقاوي في الشهر نفسه من اعلانه هذا التشكيل الارهابى، واستخلفه ابو حمزة المهاجر زعيما للتنظيم الارهابى في العراق. وفي نهاية العام تم تشكيل تنظيم عسكري يختصر كل تلك التنظيمات ويجمع كل التشكيلات الأصولية المنتشرة على الأراضي العراقية، فى كيان أرهابى موحد هو “الدولة الإسلامية في العراق” بزعامة أبو عمرالبغدادي، وفى عام 2010، وتحديداً 19 ابريل قامت القوات الأمريكية بتنفيذ عملية عسكرية في منطقة الثرثار استهدفت منزلا كان فيه ابو عمر البغدادي وابو حمزة و تم قصف المنزل بالطائرات وقٌتل الاثنين معاً.
وبعد ايام من مقتل البغدادى انعقد مجلس شورى الدولة الإسلامية في العراق ليختار ابا بكر البغدادي خليفة لأبي عمر البغدادي، والذي يمثل اليوم “أمير الدولة الإسلامية في العراق والشام”…هو إبراهيم بن عواد البدري المولود عام 1971 في مدينة سامراء العراقية، له العديد من الأسماء والألقاب منها ” أبو دعاء،الكرار،أبو بكر البغدادي”. هو خريج الجامعة الإسلامية في بغداد، درس فيها البكالوريوس، الماجستير والدكتوراه، وعمل أستاذاً ومعلماً وداعية. ولد البدري في عائلة تتبع العقيدة السلفية التكفيرية، ووالده الشيخ عواد من عشيرة البوبدري العراقية.
بدأ البغدادي نشاطاته منطلقا من الجانب الجهادي، حيث ظهر كقطب من أقطاب السلفية الجهادية، وبدأت أولى نشاطاته من جامع الإمام أحمد بن حنبل، مؤسساً خلايا مسلحة صغيرة في المنطقة قامت بعدد من العمليات الإرهابية وشاركت في حروب الشوارع التي شهدتها العراق في السنوات الماضية. ثم أنشأ بعدها أول تنظيم مسلح هو “جيش أهل السنة والجماعة” بالتعاون مع بعض الشخصيات الأصولية التي تشاركه الهدف، الفكر، والنهج ، ثم انضم مع تنظيمه إلى مجلس شورى المجاهدين حيث عمل على تشكيل وتنظيم الهيئات الشرعية في المجلس وشغل منصب عضو في مجلس الشورى حتى إعلان دولة العراق الإسلامية.
جمعت أبي بكر البغدادي، علاقة وثيقة بأبي عمر البغدادي، وصلت إلى حد أن الأخير أوصى قبل مقتله بأن يكون أبي بكر البغدادي خليفته في زعامة الدولة الإسلامية في العراق، وهذا ما حدث في مايو 2010، حيث نصب ابو بكر البغدادي أميراً للدولة الإسلامية في العراق.
فمنذ تولي أبي بكر البغدادي زعامة هذا التنظيم الارهابى قام بتنفيذ عدد كبير من العمليات والهجمات الإرهابية التي حصدت أرواح الآلاف من العراقيين، اشهرها كانت عملية مسجد أم القرى في بغداد التي أسفرت عن مقتل العديد من الضحايا، وبعد اغتيال أسامة بن لادن، شن التنظيم عدد من الهجمات الانتقامية فى عدة اماكن من العراق أدت إلى استشهاد المئات من رجال الجيش والشرطة العراقية والمواطنين، واكثر من 100 هجوم انتحاري انتقاما لمقتل بن لادن، تلاها عدة عمليات كبيرة كعملية البنك المركزي، ووزارة العدل، واقتحام سجني أبو غريب والحوت.
استغل البغدادي الأزمة التي اندلعت في سوريا والفوضى التي حصلت هناك ليعلن دخوله على خط المواجهات في سوريا، وكباقي التنظيمات التكفيرية المسلحة والمرتبطة بالقاعدة، حيث وجد البغدادي وتنظيمه مساحة خصبة على الأراضي السورية لممارسة إجرامهم وتكفيرهم بالإضافة إلى إستغلال الفوضى لتحقيق المكاسب وتوسيع النفوذ، ومن الحدود السورية الواسعة مع العراق، دخل التنظيم “الارهابى” إلى الأراضي السورية، إلى شرق سوريا بالتحديد تحت شعار”نصرة أهل السنة في سوريا” معلنا الحرب على النظام السوري.
واستقطبت “داعش” أتباعا كانوا ضمن جبهة النصرة، وكان عددهم كبيرا وخاصة بمدينة حلب بعد إعلان البغدادي للدولة الإسلامية في العراق والشام. كما انضمت إليها فصائل كاملة منها مجلس شورى المجاهدين بقيادة أبو الأسير الذي عينته الدولة أميرا على حلب. كما انضم إلى “الدولة” مقاتلون سابقون في فصائل الجيش السوري الحر من عناصر حركات أحرار الشام والتوحيد وغيرها من العناصر الاجرامية الخطرة.
تنتشر داعش اليوم على امتداد كبير في الشمال السوري، يبدأ من الحدود العراقية السورية ويم في دير الزور والرقة التي باتت تسيطر عليها بشكل كامل، وصولاً إلى جرابلس ومنبج والباب وإعزاز شمال حلب، إضافة إلى شمالي إدلب قرب الحدود التركية، وتسعى دائماً للتوسع في نفوذها عبر قضم مستمر للمناطق المحيطة بالأراضي التي تسيطر عليها، وما تلبث أن تعلنها تابعة للدولة الإسلامية.
كما تٌظهر العديد من التقارير الإخبارية يوميا عن مفاجأة بعض الأسرالعربية والغربية من أن أحد أبنائها انضم لتنظيم داعش الارهابي.كما أعرب بريطاني عن دهشته، بعد مشاهدته ابنه العشريني في شريط فيديو منسوب إلى تنظيم داعش، في فيديو حمل عنوان “لا حياة من دون جهاد”، طوال ثلاثة عشر دقيقة، دعا فيه إلى السفر إلى سوريا والعراق تلبية لدعوة الجهاد في سبيل الله ومغادرة العديد من الشباب من أبنائها إلى تركيا بنية الالتحاق بـ”داعش”
قام تنظيم الدولة الارهابية بتنفيذ عمليات إعدام لأكثر من 2700 مواطن في سوريا منذ يونيو الماضي، وأعدم حوالى1175 مواطنا مدنيا بينهم أطفال و سيدات، رميا بالرصاص أو بالنحر أو فصل الرؤوس عن الأجساد أو الرجم في محافظات دير الزور والرقة والحسكة وحلب وحمص وحماة.
أن هذه الأرقام تقريبية أمام العدد الحقيقي للإعدامات التي نفذها “داعش” بسبب وجود آلاف المعتقلين لديهم، وفقدان الاتصال ما يقرب من الف رجل من أبناء دير الزور وغيرها من البلدان المجاورة، إضافة لوجود مئات المفقودين من المواطنين الأكراد منذ بداية العمليات العسكرية.
وهكذا نصل معاً إلى حقيقة مروعة، رغم كونها معروفة لكثير من العامة، وهي أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين الأربعة قد قُتِلوا، واحداً منهم على يد غلام مجوسي، وإثنان منهم على يد مسلمين متطرفين. ويكفي أن تعلم أن أول البادئين بطعن عثمان كان من أبناء الصحابة. وأن قاتل الامام علي لم يكن يشك لحظة في أنه يؤدي بقتله خدمة عظيمة للإسلام والمسلمين.
وربما ترى أن أول الخلفاء قد نجا من القتل ومات على فراشه. أقصد بالطبع أبا بكر الصديق. لكنك تُفجع مثلي حين تعلم أن ذلك أيضاً ليس خبراً يقيناً، وأن بعض الروايات تذكر أن أبا بكر والحارث بن كلده ماتا بالسم.
والخطر كل الخطر على الإسلام إنما يأتي من هولاء المتطرفين والمتشددين، حين يدفعون بشباب واطفال في سن الصبا، إلى ترك وطنهم واهلهم ويحشون رؤوسهم بخرافات لا أساس لها من الصحة، كما نسمع عن تضليل بعض الشباب، فباتت هناك مخاوف من ضياع جيل بكامله إذا لم يكن الأهل يقظين، والمرشحون للوقوع في شباك هذه الجماعات الجهادية الكثير من الشباب، حيث أنهم من كل الأوساط الاجتماعية فتتراوح أعمارهم بين 14 و35 عاما، وتقبل داعش بانضمام عناصر مقاتلة من شتى الدول العربية، بل العالم كله.
ومن الواضح أن تلك الجماعة تنتهج أسلوب الدعاية لاستقطاب الشباب العربي والغربى، وأن المجتمعات كافرة وجاهلة، والله وحده يعلم أنكم أجهل أهل الإسلام بالإسلام. فالإسلام كان ولا يزال وسيظل دين العلم والعقل.
كما بات بمقدور هذا التنظيم الارهابي أن يحتل مدن ومناطق شاسعة بمجرد إثارة إشاعة، هذه ليست مبالغة لفظية، انما الجرائم المروعة التي يرتكبها التنظيم معتمدا على الذبح، والصلب، والسبي وحرقهم احياء، والتدمير الذي لا يستثني أضرحة أو بيوتا أو أماكن دينية مقدسة.
ومن هنا نأمل أن يعد كل منا الي فطرته التي فطرنا الله عليها ولم تدنسها أغراض أو مصالح, ليعد كل منا الي قلبه, فقد أودع الله في قلوبنا الرحمة والمودة, نحن في حاجة إلى رؤية تنهض بقيم المواطنة والمساواة, رؤية تحترم العقائد والمعتقدات الدينية, وتؤمن أن الدين لله وأن نبني سويا مجتمعا إنسانيا يعيش فيه كل فرد حياة كريمة وحرة، وعلينا ان ننظر الي إختلافنا بصورة إيجابية وحضارية في إطار من التسامح والاحترام
ولا زالت القصة تتداعى فصولها .. وإذا قلنا أن هناك طرف أذنب, فهناك أطراف من هذه الجماعات الارهابية تهورت في إنتقام أعمي غير محسوب وغير مسبوق, فقد نشروا الارهاب والعنف والقوا الرعب بين الابرياء من الشعوب العربية وأفرطوا في الرد بوحشية دون تمييز.. ولم يسدل الستار بعد .. فهناك قتلة لم يحاسبوا .. ومجرمون لم يدفعوا ثمن جرائمهم .. وحتي الموت لن يكون النهاية .. فهناك آخرة وحساب وعقاب وإله قادروعادل, فالله سبحانه وتعالي لا تخفي عليه خافية, ولن يفلت مجرم أو ظالم من عقابه, فكل منا سوف يلقي جزاء ما قدم وما فعل.
ولا نقدر أن تتغاضى أعيننا عن قنبلة موقوتة، حيث يوجد حاليا أكثر من 2 مليون نازح سوري في لبنان والاردن ومصر، والدول غافلة عن احتياجاتهم الأساسية، أو عاجزة عن تلبيتها. هؤلاء أيضا يشكلون قاعدة تجنيد خطيرة لـهذا التنظيم الارهايى السرطانى، فعلى الحكومات النظر بعين الاعتبار لهذه القضية الهامة.
“وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.
رحم الله شهداء الواجب فى مصرنا الحبيبة ورحم الله الشهيد معاذ الكساسبة
سيريان تلغراف | خالد صادق طنجه
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)