“داعش” يستنسخ هوليوود في حربه الدعائية
شكل إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة امتدادا للسياسة الدعائية للتنظيم منذ سيطرته على مناطق في العراق وسوريا، سياسة دعائية لم تكن لتستمر لولا حصول “داعش” على إمكانيات “هوليودية”.
مرة أخرى نشر تنظم “داعش” شريط فيديو مروع يبين طريقة إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة، فيديو سينمائي تم تصويره من زوايا مختلفة وبطريقة لا تقل احترافية عن تصوير أي فيلم في أحد استديوهات هوليوود الأمريكية، هدفه واضح ترويع وتخويف كل من يقف ضد التنظيم والتأكيد على أن “داعش” لن يتم القضاء عليه بسهولة.
الفيديو الذي حمل رسائل تهديدية لكل من يشارك في التحالف الدولي للقضاء على “داعش”، صور إعدام الطيار الأردني بطريقة وحشية حيث تم حرقه حيا، وهي المرة الأولى التي يلجأ فيها التنظيم إلى هذه الوسيلة بعد أن نشر في فيديوهات سابقة إعدام رهائن عن طريق الذبح أو إطلاق النار.
تحول لا يمكن وصفه إلا بأنه توطيد لـ”العلامة التجارية” لتنظيم”داعش” الذي اختار الرعب اسما له.
تصوير إعدام الرهائن.. أكثر من مجرد دعاية
ليست هي المرة الاولى التي ينشر فيها التنظيم فيديو يصور عملية إعدام وحشي، التنظيم ومنذ نشأته دأب على توثيق جرائمه بالصوت والصورة، ومنذ الفيديو الأول الذي يعود لشهر مايو/ أيار من العام الماضي والذي صور فيه “داعش” سيطرته على مناطق واسعة في العراق، استمر التنظيم بنشر فيديوهاته على المنتديات “الجهادية” بشكل دوري.
ولخص تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول “داعش” أهداف الفيديوهات هذه في سببين رئيسيين، الأول هو تخويف السكان المدنيين في المناطق الخاضعة للتنظيم، والثاني هو دعائي محض لاستقطاب المقاتلين الأجانب وجلب مزيد من الدعم لخزائن “داعش”.
التقرير أكد أن “داعش” يرغم المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ على مشاهدة عمليات الإعدام في معظم الأحيان، كما يرغم أهالي المعارضين له على مشاهدة عمليات إعدام ذويهم في المناطق التي يسيطر عليها.
“داعش” ليس التنظيم “الجهادي” الوحيد الذي يحارب في سوريا والعراق، وبالتالي فالذراع الإعلامي للتنظيم يمثل سندا قويا لاستقطاب “مجاهدين” بدل التحاقهم بتنظيمات منافسة، أبرزها القاعدة، ولعل إصرار التنظيم على تصوير جميع عمليات إعدامه لرهائن أجانب نابع من رغبة “داعش” في تقديم نفسه على أنه المحارب الأول للإمبريالية العالمية، حسب تقرير الأمم المتحدة.
“داعش” لم يقتصر على تصوير فيديوهات عادية بإمكانيات بسيطة، بل شكل ذراعا إعلامية احترافية، ودعمها بحضور كبير على شبكات التواصل الإجتماعية.
“داعش” واحتلال الفضاء الرقمي
يظهر فيلم سابق لـ”داعش” عملية إعدام 22 جنديا من الجيش السوري اعتقلهم التنظيم في محافظة الرقة. وقدر خبراء أمريكيون كلفة تصوير هذا الفيلم البالغة مدته 16 دقيقة بـ200 ألف دولار، بالنظر للمعدات الاحترافية وطريقة الإخراج التي اعتمدها التنظيم.
كما أكد الخبراء أن التصوير تم في مواقع مختلفة وليس في موقع واحد، مشيرين إلى أن تصوير فيلم من هذا النوع يتطلب فريق عمل محترفا وملما بمهن السينما والتواصل.
الفيديوهات ليست فقط إلا وسيلة من بين وسائل إعلامية وتسويقية أخرى لجأ إليها “داعش” منذ نشأته، الصيف الماضي وفي خطوة مفاجئة نشر التنظيم كتابا من 400 صفحة على المنتديات “الجهادية” يضم جميع العمليات التي قام بها التنظيم في العراق وسوريا.
أكثر من ذلك الكتاب يقدم الحصيلة المالية للتنظيم، كما يضم رسوما توضيحية حول مسار الأموال، والكيفية التي سيتم توظيفها مستقبلا، كما يقدم حسابات التنظيم، كأية شركة تجارية عادية.
ولتسهيل عملية نشر الأفكار “الجهادية” يستخدم “داعش” بشكل مثير للدهشة مواقع “تويتر” و”فيسبوك”، حيث يخوض حربا رقمية فعلية مع إدارة الموقعين اللذين يمتنعان عن نشر نصوص تدعو للعنف.
ولهذا الغرض يسخر “داعش” الآلاف من “المجاهدين الرقميين”، مهمتهم فقط هي فتح حسابات جديدة في حال إغلاق الحسابات الموالية له.
ولا يقتصر تواجد “المجاهدين الرقميين” في سوريا والعراق بل يتعداه إلى مناطق في أوروبا وأستراليا وكندا، حيث تم القبض على عدد من الأشخاص الذين ثبت تورطهم في إدارة حسابات رقمية تابعة لـ”داعش”.
حرب”داعش” الدعائية اتخذت بعدا آخر بعد إعدام معاذ الكساسبة حرقا، حيث اتجهت مباشرة إلى تهديد قوات التحالف الدولي والتأكيد على أن التنظيم لن يتم تدميره على المدى القريب.
سيريان تلغراف | RT