الإرهاب الصهيوأمريكي ولمة العرب .. بقلم يحيى محمد ركاج
تتسارع وتيرة الأحداث التي تعصف بالمنطقة العربية عموماً ومنطقة دول الطوق وسورية منها على وجه الخصوص فيما يتعلق بتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، في محاولة السبق لتحقيق التفوق على روسيا والصين والهند وحلفائهم من القوى الأخرى، ليأتي الإرهاب الصهيوني المتكرر في سورية – ناهيك عن فلسطين- سواء أكان من خلال تقديم الدعم للإرهابيين المعتدين على الشعب السوري، أم كان بالاعتداءات والتورط بالعمل الإرهابي المباشر ضد سورية ضمن الأجندة الأمريكية التي تسعى إلى تسريع أدوات استراتيجيتها المركبة الجديدة ووضع المنطقة في مرمى أهدافها.
إذ يرسل الكيان الصهيوني مع كل عملية إرهابية جديدة ينتجها ضمن الأراضي السورية بشكل مباشر أو عن طريق الوكلاء مجموعة من الرسائل التنفيذية المتناقضة والخطيرة من أجل رفع معنويات الإرهابيين من جهة، وتسهيلاً لمرامي الولايات المتحدة البعيدة من جهة أخرى، ولكن هذه الرسائل تفقد أهميتها وجدواها القريبين مع كل موقف سوري جديد تجاه هذه الرسائل، كما تختلط أوراق الأهداف البعيدة منها نتيجة ذلك، الأمر الذي يفسر التسارع والتسرع الصهيوأمريكي الأخير.
الربيع العربي
وعلى ما يبدو فإن الكيان الصهيوني بإرهابه الأخير قد أخطأ هذه المرة بالحساب الدقيق إذ أن رسالته كان لها وجوهاً أكثر وضوحاً ودقة في المعاني، الأمر الذي يجعلها باهتة وغير ملائمة لما يخططه أسياده في البيت الأسود، فالرسالة مفادها أن الولايات المتحدة قد استنفذت صبرها في رسم ملامح استراتيجيتها الجديدة، وهي غير قادرة على إيقاف تأثير التحالفات المناهضة لها بالمنطقة، خاصة في ظل حرق المراحل التي يقوم بها الجيش العربي السوري المدعوم بحلف المقاومة مجتمعاً، لذلك فهي سوف تحاول السير بخطا متسارعة لترسيخ استراتيجيتها بقوة السلاح المباشر، وبدعم وتمويل الإرهاب وتدريب الإرهابيين، مرتكزة أيضاً في ذلك على سيطرتها المطلقة على المؤسسات الدولية التي ترسخ أهدافها الصهيوأمريكية من خلال مبادرات السلام المزعومة والاتفاقيات الاقتصادية وقروض التمويل المهينة، ولا فرق لديها إن كانت هذه الخطوات متسرعة لأنها على مايبدو تدرك تماماً أن العد العكسي لانهيار الأمم قد بدأ لها وعليها.
وفي حسابات البعد الاستراتيجي للرسالة الصهيوأمريكية الإرهابية في الجولان، نلاحظ أهدافاً خطيرة تقوم على اعتبارها – بالنسبة للمحور المتحالف معهم- نقطة ارتكاز رئيسة أمام الرأي العام والإعلام، الأمر الذي يجعلها آداة طيعة في الحرب النفسية التي يحسن أعداؤنا استثمارها. ونقطة هامة أخرى موجهة أيضاً لشعوبهم مفادها أنهم متحالفون مع لمة الأعراب التي ساد اعتقاد خاطئ سابقاً لدى شعوبه بأنها لمة معادية لهم، خاصة بعد منح بعض قادة الأعراب شرف المساهمة في نصر تشرين \ اكتوبر 1973 تشريفاً وليس مهمة وآداءً. وركيزة للتهويل والتخويف من مخاطر التواجد الإيراني في المنطقة المختلفة معه مذهبياً والذي يشاركه بها حزب الله، وذلك من أجل ابتزاز العرب وسرقة ما لم يتم سرقته من أموالهم إلى الآن. وأخيراً رسالة واهية لمن يريد الذهاب إلى موسكو تخبره أن الصهيوأمريكان قادرون على تغيير قواعد اللعبة متى يريدون وعليه فلا يجب الذهاب إلى موسكو لحقن دماء السوريين وتوحدهم في مواجهة أعدائهم.
كما أننا نلاحظ في حسابات البعد الاستراتيجي نفسه أيضاً حسابات في غاية الأهمية للمحور المقابل تتمثل في فقدان المحورالصهيوأمريكي لدقة التعبير في رسائله إذ لم تتضمن هذه الرسالة وحدة محور المقاومة فقط بقدرأهمية اعتبارها إعلاناً لفتح جبهة الجولان بحلة جيدة مشابهة لجبهة جنوب لبنان لتصبح التسؤلات الأبرز على الإطلاق دون الخوض بباقي أبعاد هذا المحور الآن لأن ما خفي أكثر أهمية مما بيناه، وهي:
إذا كانت جبهة الجولان قد جعلت الكيان الصهيوني ينزف نزفاً ديموغرافياً خطيرا لم تفد معه صدمات العناية الإرهابية التي يقدمها له حلفاؤه، فهل بمقدور سكان هذا الكيان مواجهة جبهتين على القدر نفسه من الأهمية والخطورة ؟ إلى متى تستطيع لمة الأعراب أن تكذب على شعوبها وتوهمها بأنها شاركت في نصر تشرين\أكتوبر 1973، وأنها تعادي هذا الكيان الصهيوني الأرهابي الذي يغتصب الأراضي العربية والمقدسات الإسلامية ؟ وأخيراً ماهو عنوان العروبة لأمة أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن بلغتها ولم تعقل أهمية ذلك؟ وهل أصبحت لمة بدلاً من أمة ؟
سيريان تلغراف | د. يحيى محمد ركاج
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)