البوابة الجديدة : السويد فرنسا .. بقلم يحيى محمد ركاج
اعتبر الباحثون والمحللون بأن تفجيرات السويد بداية لنهاية الإرهاب الذي دعمته دول العالم لتدمير سورية، فهو نهاية معاناة تفردت سورية بها، وبداية انتقال هذا الإرهاب العابر للحدود إلى البلاد التي دعمته وحلفائها، واعتبر قلة منهم الأمر عكس ذلك ، وقد تناولنا في مقال سابق تفجيرات السويد بين الضريبة التي قد تدفعها السويد لسلوكها الديموغرافي والسياسي نحو المنطقة وشعوبها، والذريعة التي تعطي المبرر لتغيير مواقفها دون إهمال اليد الصهيونية في الأمر، ودون إهمال للمنحى الفرنسي في التعامل مع المهاجرين الأفارقة إليها وفي مواقفها من القضايا العربية عموماً والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص.
وها هي أحداث شارلي إيبدو تنقل فرنسا من قائمة المعيار إلى قائمة الحدث الرئيس الذي ألهب الساحة الدولية في تعاطيه مع قضايا في غاية الحساسية على مستوى العالم في ظل الفوضى القيمية التي نشهدها.
فإذا كنا نتفق ونؤكد على ما أوردته الدراسات والتحليلات المختلفة من تزامن هذه الأحداث مع المواقف الفرنسية المعلنة تجاه ارتداء المسلمين للحجاب في فرنسا، والتي يقابلها بصورة معاكسة الرغبة الفرنسية في التصويت في الأمم المتحدة لصالح مشروع القرار الفلسطيني.
الأمر الذي يجعل منها تدبيراً صهيونياً من أجل تعميم نموذج الفوضى الذي يخدم الفكر المتطرف الذي اعتادت الصهيونية على العمل في كنفه، خاصة عندما تصدر “النتن ياهو “واجهة المشهد الدولي المتعاطف مع فرنسا، مشيراً لليهود الفرنسيين بالتوجه نحو فلسطين لتدعيم الوجود الصهيوني فيها، لما تشكله هجرتهم في هذا الوقت من نقطة هامة في قضية يهودية الدولة المزعومة باعتبارهم الأثرى والأكثر تحصيلاً علمياً والأقل تجاوباً في السابق مع الصهاينة في الهجرة نحو فلسطين العربية.
ويجعل منها أيضاً فرصة إعلامية صهيونية سانحة للصحيفة لتداري قصورها والتعثر المالي الذي تعاني منه لتنتقل بعد هذه الأحداث إلى الواجهة الرئيسة للأخبار فلابد لنا أن ندرك من أن الولايات المتحدة الأمريكية قد حققت في هذه الأحداث الهدف الرئيس الذي تبتغيه الصهيونية العالمية في إعادة إحياء نزعة سايكس بيكو لدى الشعوب الأوروبية بواجهات مختلفة وآليات مختلفة أيضاً، فكانت في الوقت نفسه مطية جديدة للولايات المتحدة الأمريكية رسخت معها الانتقال التدريجي من سياسة الاحتواء إلى سياسة الانخراط التي تنتهجها بعد فشلها في احتواء التغيرات الروسية التي أثرت وتأثرت بالعالم الحر، فلم تخضع الولايات المتحدة لقيادة “النتن ياهو “في المظاهرة إعلامياً على أقل تقدير واكتفت بمشاركة وزير العدل فقط بالمظاهرة قبل انطلاقها.
وأن ندرك أيضاً أن فرنسا الضحية التي تظهر اليوم على أنها القط المسكين، هي راعية الإرهاب في القرن الحالي، ولنا في أحداث ليبيا ومالي وسورية خير شاهد ودليل، وهي سليلة أفعال إرهابية واستغلالية للكثير من أبناء المنطقة العربية في القرن الماضي.
إن الأحداث التي أصابت فرنسا لا تختلف من حيث الجوهر عما أصاب السويد، إلا أن أهمية الحدث الفرنسي تكمن في الضلوع الفرنسي المباشر في دعم وتمويل الإرهاب الذي يضرب سورية، وفي نصيبها من لعبة الكراسي التي تلعبها معهم الولايات المتحدة الأمريكية في اقتسام التواجد بالمنطقة مموهة بذلك عن عجزها في مواجهة النفوذ الروسي في المنطقة وفاتحة الباب على مصراعيه أمام جغرافيا سياسية جديدة سوف يقود معالمها -من وجهة نظرهم- الصهيونية الجديدة المدعمة بالأسلوب الفرنسي والحراسة الأعرابية والمذهبية.
فهل يدرك العرب هذه الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة في تسخير البشر لخدمة أهدافها والانخراط معهم في تحقيق هذه الأهداف.
أم أنهم سوف ينتظرون المزيد من الأحداث التي لا تخدم تطلعاتهم للعيش الحر الكريم، ولكنها تفتح أبواباً جديدة نحو الإرهاب
سيريان تلغراف | الدكتور يحيى محمد ركاج
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)