مقالات وآراء

دواعش النمل والفعل السوري .. بقلم يحيى محمد ركاج

تستطيع النملة أن تحمل خمسة أضعاف وزنها، لذلك من المرجح أن تقوم مليون نملة بمهاجمة فيل وحمله، فهي تستطيع تكبيله ومباغتته وحمله إن لم يقض عليها ويجعلها تتطاير بخبطة قدم واحدة أو بنفخة واحدة من خرطومه، وفي المقابل فإن نملة واحدة إن تمكنت من الفيل ودخلت أذنه بإمكانها أن تقضي عليه لضعف مناعته وعدم وجود حاجز يمنع وصولها للدماغ، الأمر الذي يجعل الفيل يعاني من صرع وتخبط، ثم يبدأ يضرب برأسه حتى يموت.

إن تنظيم داعش الذي يتحرك اليوم مهاجماً مقر قيادة الفرقة 17 يُشهد له بالقدرة على التنظيم والمرونة في اختيار الأهداف السهلة والبعيدة عن الدعم السريع من قبل الجيش العربي السوري، ويشهد له أيضاً أنه وهم زائف قام الإعلام بتضخيمه ولم يستطيع بأي حال من الأحوال أن يحقق ولو جزءاً بسيطاً مما نسبه له الإعلام، لا من حيث عدد المنتمين له ولا من حيث الكفاءة في القتال، لذلك يمكننا تشبيهه بملايين النمل الإرهابي الذي يباغت الفيل السوري العملاق، لكن الفيل هنا مناعته قوية، وقادر على حماية نفسه وغيره، بيد أنّ عملية القضاء على أسراب النمل تحتاج منه أن يعود خطوة للوراء حتى لا يخرق الأرض بقدمه إن خبطها، وحتى يتمكن من مراقبة مصير أسراب النمل التي تفلت من الموت جراء ضربته.

قتلى-داعش-في-سورية

على الرغم من أنّ القوة الاستخباراتية التي تقف خلف هذا التنظيم تعمل بحرفية عالية وفق أسلوب الشائعات، وكذلك توجيه التنظيم للسيطرة على المناطق الأقل كثافة عسكرية من حيث التواجد، في حالة جينية مشابهة لما فعلته الولايات المتحدة أيام الحرب الباردة مع الشيوعية عندما تمّ تعيين آلن دالاس المعروف بالفيل الأبيض رئيساً للسي أي إيه، فعمل في بداية نشاطاته على تأسيس محطات إذاعة وتلفزة دينية، ثم راديو الحرية وأوروبا الحرة ومراكز للدراسات الاستراتيجية، وبدأ بعدها دس الدسائس والشائعات بين أنصار الشيوعية بغية إضعاف ثقتهم بالنظم الشيوعية التي كانت تحاربها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، ومن ثم اختراقها من قبل الأجهزة العميلة له. والفارق الوحيد هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها المعتدين على سورية كانوا قد أسسوا قبل بداية الأحداث التي تشهدها سورية المحطات الدينية وسورية الحرة، ومن ثم عملوا على تواتر ظهور التنظيمات الإرهابية على الساحة وصولاً إلى الشكل الأخير داع ش الذي كان الوصول إليه حصيلة فشل التنظيمات السابقة في تحقيق غاياتها، فكان زخم الشائعات والتضليل الإعلامي المرافق له في أوجه، وقد تم الترويج بأسلوب جديد يعتمد على التكنولوجيا المتاحة من تسريب وثائق مزورة أو أخبار وتحليلات واستفسارات عبر مواقع التواصل الإجتماعية تبدو للوهلة الأولى أنها وطنية، خاصّةً عندما يتم تناولها وطرحها غيرة على الوطن من شخصيات عامة.

إن وهم القوة الذي يتمتع بها تنظيم داع ش سقط في المرة الأولى على أبواب الفرقة 17 رغم استثماره الفعال لمحفزات الأشهر الفضيلة عند العرب والمسلمين في تشكيل واجهات للهجوم عليها، وعند عدم مقدرته على مواصلة التمدد داخل العراق رغم شراء الذمم والضمائر التي قام بها عند بدايات دخوله للعراق واحتلال بعض مدنه، ثم سقط مجدداً على أبواب الفرقة نفسها عندما لم يستطع هذا التنظيم مهاجمتها إلا بعد أن تم التبرير له باستخدام سلاح متطور تحت غطاء سرقته من المستودعات العراقية، ثم بعناصر جديدة تشكل شركات الحماية الأمريكية والمخابرات الأمريكية والغربية الرافد الرئيس لها أيضاً تحت ستار الألوية الإرهابية المشكلة من العراق. وما الترويج والبث القذر للمناظر المنافية للإنسانية من قتل وتشويه إلا محاولة لترويج وهم القوة الزائفة لهذا التنظيم، ومحاولة الحفاظ على ماء الوجه في الصيت الذي صنعته له وسائل الإعلام الغربية، والتي كانت في كل مرة تسقط أمام حكمة القيادة العسكرية السورية وبسالة قواتها المسلحة، خاصة استثمار الأيام الفضيلة من شهر رمضان لمحاولة تجميع أكبر قدر ممكن من الأفراد بواجهة إسلامية،ولا يخلو الأمر من تكلفة لكل مرحلة مواجهة من دماء أبنائنا البررة، فالشهادة طريقنا للنصر، وقد اخترنا النصر.

سيريان تلغراف | د. يحيى محمد ركاج

باحث ومحلل في السياسة والاقتصاد

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock