القرار الصائب .. بقلم : ابراهيم فارس فارس
الذين يفهمون ، والذين لا يريدون ان يفهموا ، ولكنهم يعرفون ، ان قلق اسرائيل الوجودي اساساً يتمثل في وجود بلد اسمه سورية ،يرفض وعبر كل عهد قولاً وعملاً ومنذ الاستقلال شيئاً اسمه اسرائيل .هناك ايمان مطلق لدى كل الأجيال في سورية بأن اسرائيل كيان هجين تحتل بالقوة أرضاً عربية هي فلسطين ، وتدنس احد اهم مقدسات الاسلام : المسجد الأقصى .ويشكل وجودها خطراً داهماً على العروبة والاسلام ، ولذلك نجد هذا الفكر قائماً في التربية العامة وتنشئة الجيل وبرامج العلم والثقافة والحياة العامة . ان الطفل في سورية يرضع الوطنية والقومية ومحبة فلسطين مع حليب امه ! ولذلك فإن هم اسرائيل واهتمامها هي وكل حلفائها القضاء على كل ذلك وجعله ضرباً من النسيان . ولا يتعلق اهتما م المواطن السوري بعروبته مع عهد ما بحد ذاته حتى لا يفهمنا البعض بأننا منحازون ، بل ان السوري في أي عهد كان ، ملتزم بالوطنية والعروبية ، وان اختلفت درجة الالتزام والتوهج من عهد لآخر ، فالفكر الوطني القومي معشش ومتأصل في اعماقه ما دام الزمان .
ولذلك فقد شنت اسرائيل حروباً عدة ،علها تحقق الهدف .وبرغم انها احتلت الأرض وشردت الشعب ،الا انها ما زالت بعيدة جداً عن تحقيق هدفها في القضاء على ما يقض مضجعها ويهدد امنها ! وبالطبع فقد كان من تداعيات الموقف الوطني الصادق لسورية هو ظهور حركات ثورية متعددة ،اقضت مضجع اسرائيل ،وما بعض هذه الحركات الى اليوم ، الا شوكة في حلقها وحلق من يشد على ايديها ..
ومن الدول التي كان لها دور مهم في معادلة الصراع العربي الاسرائيلي مصر . فمصر وخاصة عندما كان يقودها زعماء وطنيون عروبيون مثل الراحل جمال عبد الناصر اصبحت مصدر قلق اكثر من رئيسي لوجود اسرائيل وبقائها في فلسطين .
صحيح ان جمال عبد الناصر لم ينتصر على اسرائيل ذات مرة ، لكنه اسس لبيئة وطنية تغلغلت في عروق شعب مصر وجعلتها تنضح بالوطنية والعروبية الصادقة .. وحرب تشرين لم تأت صدفة بل كانت نتيجة عمل شاق أسس له عبد الناصر وتابعه المصريون المخلصون من بعده .مصر دولة مهمةجداً في ميزان الصراع العربي الاسرائيلي ، وكذلك كدولة لها دورها الهام في الاستقرار العربي كله.
ثمة دولة اخرى تقلق الحلم الاسرائيلي وتقض مضجعه وهي العراق .. فالعراق لم يكن يوماً الا خط الدفاع الثاني للأمة والمدافع الهام عن قضايا العروبة وفلسطين ..والعراق كشعب وجيش وبغض النظر عمن يقوده هو شعب وطني من طراز رفيع وقد شكل عبر تاريخه مصدر قلق دائم لاسرائيل واعداء العروبة والاسلام معا ً .
فكر الاسرائيليون بنجاعة الحرب ضد العرب . حاربوهم عدة مرات ، وبالرغم من تحقيقهم عدة انجازات لصالحهم لكنهم لم يحققوا هدفهم في الاستقرارالأكيد ، لذلك وبمساعدة من حلفائهم فكروا وقرروا : ان القضاء على مصر هذه الدولة الهائلة امر من رابع المستحيلات ، لذلك فالأفضل تحييدها وهذا كان رأي كيسينجر سابقا ، وقد تم ذلك حتى اليوم ! اذن بقيت سورية والعراق . دبروا للعراق فتوى الأسلحة المدمرة فبدؤوا تمثيلية افغانستان التي لا حول لها ولا قوة وقضوا عليها وتابعوا مسيرتهم كما يدعون لمحاربة الارهاب ووصلوا العراق خندق الدفاع عن الأمة وقضوا عليه أو قاربوا ! ثم كان هدفهم سورية . ولما كان الخيار العسكري صعباً وربما خلق اشكالات لن تقدر لا اسرائيل ولا جد امريكا ان تتحمل نتائجها ، لجؤوا الى التفتيت من الداخل! واعتمادهم في ذلك على امور عدة ، منها وجود كم كبير من ضعاف النفوس لديهم الاستعداد لبيع وطنهم بقشرة بصلة ،وكذلك قسم من الناس يسهل غسيل ادمغتهم ، ووجود دول عربية واسلامية تنفذ تعليماتهم بكل اخلاص مهما كلفهم الأمر ذلك ! وفي الحقيقة حققوا الكثير من الخراب والدمار لكنهم لم ولن ينجحوا بإسقاط سورية قيادة وشعباً مخلصاً ، ولكن الاشكال ما يزال قائماً ، وقد يطول ! طبعا ذكرنا في الموازين مصر وسورية والعراق ولم نذكر باقي الدول العربية لأنها في ميزان القوى والتأثير لا تتجاوز الصفر !
مصر اليوم في متاهة . من جهة نقرأ في ملامح عبد الفتاح السيسي بعضا من ملامح عبد الناصر، ومن جهة أخرى نجد كم هو ثقل معاهدة كامب ديفيد ومشاكل المجتمع المصري الحياتية عامة ، لذلك نجد السعودية تتهافت على مصر مدعية مساعدتها ، مع أن السعودية لم تكن يوماً في صف العروبة والاسلام بل خادمة مطيعة لاسرائيل وحلفائها ومعها كل دول الخليج ! والغاية، هي ان تظل مصر معزولة عن ريادة الأمة . وللأسف، فإننا نجد اليوم الكثير من مثقفي مصر واعلامييها مثل السيد توفيق عكاشة ومن خلال قناة الفراعين يهللون للدور السعودي ويصفون الملك عبد الله نتنياهو بالبطل القومي ! ؟ولو ان السعودية تجرأت وعبرت يوماً عن معارضتها لاجراء اتخذته اسرائيل مهما كان صغيراً ،لما بقي ملكها ساعة فوق كرسيه، بل لقامت اسرائيل بإلغاء دولة اسمها السعودية من على الخارطة !!
اذن ما العمل ؟ ان نظل ننتظر حتى تتمكن مصر من التغلب على جراحها وتعود الى واجهة الأمة كقائد وطني عروبي ، فالأمر قد يستغرق وقتا ً طويلا ً ! اذن ، لا بد من ان تقوم سورية والعراق بخطوة غاية في الأهمية تقتضيها طبيعة العلاقة بين البلدين وتفرضها الضرورة حالياً وهي : قرار توحيد البلدين وحدة او اتحادا او فدرالية . ان توحيد القطرين سيكون ضربة قاصمة لكل من خطط وينفذ ،وستكون حلاً ناجعاً وسريعاً لمشاكل البلدين ، وستنهض بمستواهما الى مصاف الدول المتقدمة وخلال فترة قصيرة ، ذلك ان كافة عناصر التفوق والتميز موجودة لدى الدولتين ، شعبياً وعسكرياً واقتصادياً ، ولن تؤثر لا اسرائيل ولاوطاوة آل سعود او اردوغان عليهما بعد ذلك ، وان كنا واثقين من صدق القيادة السورية في سعيها الى تحقيق ذلك فنرجو ان تكون الحكومة في العراق الشقيق بذات المصداقية والرغبة ، والا فعلى الشعب العراقي ان يفرض ذلك بإرادة الصدق الذي عرفناه عنه ، وصدقوني ، ما لم يتحقق ذلك وسريعاً ، فإن اموال الخليج التي لا تنتهي ،ستستمر في التدفق لاستمرار بقاء الحريق مشتعلاً ،خدمة لاسرائيل ومن له مصلحة في وجود اسرائيل .
سيريان تلغراف | ابراهيم فارس فارس
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)
الحقيقة فإن كل ما يجري في المنطقة وخاصة في سورية والعراق ولأنهما حسب اعتقاد اسرائيل – بعد خرابهما لا سمح الله – فإن ذلك سيؤدي الى السيطرة على كل بلادالعرب والاسلام وخاصة منابع النفط . وتكون اسرائيل قد حققت اكبر ما يمكن ان تحلم به في تاريخها : القضاء على الدين الاسلامي بعد صهينته والاستيلاء على ثروات العرب الأشاوس!لقد استطاعت اسرائيل حتى اليوم ان تسرب الى فكر العالم ان الدين الاسلامي ليس اكثر من دين قتل واغتصاب وتدمير ! قال ذلك منذ فترة احد المفكرين الألمان ؟!والعرب الأوباش من حكام دول الخليج سيذكرون جميعا كم كان فضل حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد وجيش وشعب سورية كبيرا عليهم وعلى دولهم وشعوبهم عندما لم يقصروا معهم وفي الوقت المناسب .حتى ان ان موقف سورية المقاوم لوجود اسرائيل يحميهم في الواقع ولكنهم لا يعلمون .
احسنت ايها الكاتب .لقد وضعت يدك على الجرح ووالله ما لم تتوحد الأمة فلن تقوم للدول العربية قائمة وخاصة الوحدة التي تجمع سورية ومصر او سورية والعراق او البلدان الثلاثة معاوكما ان توحيد هذه الدول سينقذ الأمة فإنه سيلغي تأثير ودور خيانات بعضها وخاصة دول الخليج ولن يكون لهؤلاء الأقزام دور يذكر بالرغم من المال الذي يملكون .يارب اهد قادتنا الى طريق الوحدة وانقذ امة العرب التي قلت عنها في كتابك الكريم :”كنتم خير امة أخرجت للناس ” فأنت القادر على كل شيء …يا رب .