عادت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان إلى دمشق بعد زيارة إلى العاصمة النرويجية أوسلو، حيث شاركت في «منتدى أوسلو» الذي ينظم سنوياً بالتعاون ما بين وزارة الخارجية النرويجية ومعهد «الحوار الإنساني» (إش. دي) الذي يتخذ من جنيف مقراً له والذي عقد تحت عنوان «مفاوضات من أجل السلام».
وتأتي زيارة شعبان تلبية لدعوة تلقتها من وزير الخارجية النرويجي بورج برانداه وهي الأولى لها ولمسؤول سوري إلى أوروبا منذ اندلاع الأزمة السورية وفرض عقوبات على المسؤولين السوريين (باستثناء مفاوضات جنيف).
وذكرت مصادر قريبة من الخارجية النرويجية حضرت المنتدى ورفضت الكشف عن هويتها، أن شعبان قدمت ورقة عمل تضمنت رؤية سورية لما تتعرض له المنطقة من إرهاب والمخارج الممكنة، وما يمكن للغرب أن يقوم به لوضع حد لتدفق المال والسلاح والإرهابيين إلى الشرق الأوسط وإعادة بسط الأمن والأمان وعدم التدخل في شؤون شعوب المنطقة والسماح لها بتقرير مصيرها واختيار قادتها ورفض هذه الشعوب لأي وصاية مهما كانت عليها.
ووفقاً للمصدر، فإن حضور شعبان المنتدى حول مساره للبحث في النزاع السوري والحلول المقترحة وما يمكن للدول القيام به لوضع حد لمأساة شعوب الشرق الأوسط وخاصة بعد غزو «داعش» لأجزاء واسعة من العراق.
وعلى الرغم من أن المنتدى مغلق وغير مفتوح للإعلام ويعقد جلساته وفق قواعد «تشاتم هاوس» البريطانية أي دون إعلان أسماء المشاركين فيه ومحاور النقاش، إلا أن حضور مسؤول سوري رفيع بعد حصار أوروبي مستمر منذ ثلاث سنوات كان سبباً في تتبع الإعلام لما دار داخل المنتدى وخاصة اللقاءات الرسمية الجانبية التي قال المصدر : إنها جمعت شعبان مع وزير خارجية النرويج والرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر ومعاون الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جيفري فيلتمان ورئيس مكتب الرئيس الإيراني محمد نهازاديان وعدد كبير من الشخصيات التي شاركت في المؤتمر من دول عدة، إضافة لعدد من رؤساء مراكز أبحاث دولية.
وقال المصدر: إن الأيام الثلاثة الطويلة نسبياً حيث لا تغيب الشمس عن أوسلو حتى وقت متأخر كانت فرصة للحضور لإجراء العديد من اللقاءات الجانبية الرسمية وغير الرسمية والاستماع إلى الطروحات والحلول المقترحة وخاصة أن النزاعات الرئيسية في كل أرجاء العالم باتت متشابهة إلى حد بعيد وحلولها قد لا تختلف أيضاً سوى بالتفاصيل.
وحضر المنتدى هذا العام ممثلون عن عدة بلدان حول العالم ورؤساء مراكز أبحاث عالمية ومعاونو وزراء خارجية وشخصيات سياسية رفيعة مثل الرئيس كارتر وكوفي أنان وجيفري فلتمان ورئيسة جمهورية إفريقيا الوسطى.
وعن أجواء المؤتمر، قال المصدر: إنها كانت ايجابية جدا وخاصة ما يتعلق بالأزمة السورية، حيث أقر الحضور بأخطاء الحكومات الأوروبية والأميركية تجاه سورية وضرورة فتح صفحة جديدة في العلاقات بين دول العالم ومنطقة الشرق الأوسط لإعادة بسط الأمن والأمان في كل المنطقة وخاصة أن الإرهاب بات يطرق أبواب أوروبا ويشكل التهديد الرئيسي لها. كما ركز المنتدى في أيامه الثلاثة في البحث عن حلول عملية قابلة للتنفيذ وكان لافتا بين الحضور انفتاح الجميع للاستماع إلى كل الآراء دون أي تحفظ إذ بدا واضحاً أن العديد من المسؤولين في الدول الغربية باتوا يريدون الاستماع مباشرة إلى شعوب المنطقة وتطلعاتها للتمكن من وضع الحلول القابلة للتنفيذ.
وأضاف المصدر: إن «ما حصل في العراق مؤخرا وتمدد «داعش» أثار الكثير من المخاوف لدى الغربيين وتحديداً الأوروبيين الذين باتوا الآن في وضع البحث عن حلول لاجتثاث الإرهاب من المنطقة وقد يؤسس ذلك إلى مرحلة جديدة في المنطقة مبنية على تحالف الغرب مع سورية والعراق وعدة دول في المنطقة لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه». ولفت المصدر إلى كلمة وزير خارجية النرويج في واحدة من الجلسات حين قال: إن «لسورية دوراً محورياً في المنطقة وكانت على مر العقود الماضية موطناً للاجئين في كل الشرق الأوسط وتساعدنا في تقديم الحلول للمنطقة، وما يتعرض له السوريون حالياً من إرهاب أمر غريب عليهم لم يعرفوه من قبل وخاصة أن هذا الإرهاب يستهدف كل الحضارة الإنسانية وعلى الدول التضامن مع بعضها البعض لاجتثاثه».
ومن الحلول اللافتة التي تطرق لها المنتدى كان التأسيس لـ«تعاون إقليمي ضد الإرهاب» الذي قد يشكل خطوة أولى لفتح صفحة جديدة مع سورية وللبحث في كل الملفات العالقة في المنطقة وعلى رأسها ملف السلام.
وردا على سؤال «الوطن» السورية حول الانطباعات العامة التي خرج بها المجتمعون، قال: «الغرب يعترف بخطئه تجاه سورية لكن الجميع يبحث عن حل يشعر من خلاله أنه ربح وذلك حفاظاً على ماء الوجه».
وأضاف المصدر: إن «سورية بدت منفتحة على التعاون مع الغرب لكن شرط ألا يكون ذلك على حساب استقلال دول المنطقة وأمن شعوبها».
وختم المصدر بكلام لافت قاله الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر: «نصحت الإدارة منذ البداية ألا تطالب بتنحي الرئيس (بشار) الأسد وألا يتدخلوا والآن أنصحهم بالتعاون مع الرئيس الأسد فلا حل في المنطقة إلا بالتعاون مع الرئيس الأسد».
وأكد المصدر، أن ما حصل في العراق قد يشكل فرصة لجميع الدول لتعيد حساباتها وإطلاق مرحلة جديدة من التعاون ضد الإرهاب وأن هذا ما خلص إليه تقريباً المؤتمر.
يذكر أن شعبان كانت قد حصلت على تأشيرة دخول إلى النرويج ووصلت أوسلو بعد زيارة قصيرة إلى موسكو التقت خلالها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف.
سيريان تلغراف