وقف الإنتاج في بلاد الرافدين سيرفع سعر البرميل إلى 130 دولار
ساهمت الأحداث الأخيرة التي يعرفها العراق، المصنف من بين أهم منتجي ومصدري النفط، في تزايد قلق الوسطاء والمتعاملين في الأسواق المالية العالمية، الذين بدأوا يدرجون سيناريو كارثي يقضي بتوقف جزئي للإنتاج البترولي العراقي والذي حصته 3,2 مليون برميل يوميا، وللصادرات التي تصل من حوالي 2,4 إلى 2,5 مليون برميل يوميا.
على خلفية الاضطرابات التي تعرفها العراق، فإن أي توقف جزئي للصادرات العراقية، لاسيما من الشمال انطلاقا من كركوك عبر أنبوب نفط المتجه إلى ميناء جيهان التركي، سيرفع أسعار البترول بصورة محسوسة.
ويشير الخبراء إلى أن العراق وإن لم يكن مدرجا لسنوات في نظام الحصص لمنظمة الدول المصدرة للنفط ”أوبك”، إلا أن ذلك لم يمنعها من أن تكون أحد الفاعلين في السوق البترولي الدولي، حيث تتمتع العراق باحتياطي هو الأهم في منطقة الشرق الأوسط وحتى العالم،و تقدر صادرات النفط العراقية بحوالي 3 في المائة من الطلب العالمي.
وحسب الخبير لدى بنك ”ساكسو أول هانسن”، فرانسيس بيران، فإن توقّف الإنتاج العراقي يمكن أن يتسبّب في صدمة نفطية، مع ارتفاع في أسعار البرميل إلى حدود 130 دولار، فيما يستبعد الخبير الدولي سيناريو كارثي، وإن كان التأثير سيكون قائما، حيث يشير بيران إلى إمكانية أن تتدخل المملكة العربية السعودية لضخّ مزيد من النفط، إلا أن العامل النفسي سيؤثّر مباشرة في الأسواق مع أي مؤشرات لتوقّف صادرات العراق النفطي، بدليل أن بداية الأحداث ساهمت في ارتفاع بحوالي 4 دولار للبرميل الذي بلغ أعلى مستوى له خلال السنة الحالية، حيث قدر سعر ”برنت” بحر الشمال أمس بأكثر من 112,5 دولار للبرميل، بينما كان معدّل النفط منذ بداية السنة يتراوح ما بين 104 إلى 110 دولار للبرميل كمعدل.
ورغم محاولات وزير النفط العراقي، عبد الكريم لعيبي، في أعقاب اللقاء الوزاري لمنظمة أوبك في فيينا، تقديم تطمينات حول وضع السوق النفطي في العراق، وأن المنشآت النفطية مؤمّنة، فضلا عن مرافئ التصدير، إلا أن القلق لا يزال قائما مع تقدّم المجموعات المسلحة التابعة لـ”داعش” على عدة محاور باتجاه كركوك بعد سقوط الموصل، فضلا عن الاقتراب من بغداد، وإن تم استبعاد بلوغ المناطق الجنوبية للبصرة بالخصوص، حيث توجد أهم المناطق النفطية ومرافئ التصدير.
ويأتي تطور الوضع في العراق متزامنا مع أوضاع هشة في ليبيا أيضا، التي تعرف تراجعا في إنتاجها وصادراتها النفطية.
وهو العامل الذي يضغط على السوق، لاسيما مع معطى ثالث يتمثل في الحصار المفروض على دولة نفطية كبيرة هي إيران وتراجع إنتاجها، وكذا الاضطرابات التي تعرفها نيجيريا مع نشاط مجموعات مسلحة في دلتا النيجر تستهدف الشركات البترولية ونشاطات بوكو حرام أيضا.
وتمثّل هذه البلدان إنتاجا معتبرا، لا يقل عن 8 مليون برميل يوميا، وهو مستوى يقترب من الإنتاج السعودي الحالي المقدر بـ9,5 مليون برميل يوميا، وهو مستوى أقرب إلى حدود قدرات إنتاج الرياض، هذه الأخيرة لا يمكنها من الناحية التقنية أن تتجاوز 10 مليون برميل يوميا بكثير، وبالتالي لا يمكنها أن تعوّض نقصا كبيرا في الإمدادات النفطية، خاصة وأنها تقوم حاليا بتجاوز حصتها تعويضا لنقص الإنتاج الليبي بالخصوص.
سيريان تلغراف