في الساعات القليلة الماضية ظهر من حقيقة نوايا الأردن العدوانية تجاه سورية ما خفي طيلة الثلاث سنوات السابقة. الجار الجنوبي يعلنها اليوم صراحة “العدوان العسكري ودعم المسلحين في الداخل وتدريبهم على أراضيه والعدوان الدبلوماسي عبر طرد السفير وتعيين بديل عنه من الائتلاف المعارض يسيران في خطين متوازيين”.
إذاَ، القصة ليست قصة تصريحات أدلى بها السفير السابق لدى عمان بهجت سليمان كما حاولت الخارجية الأردنية الادعاء، فتبريرها لطرد السفير بترهات من قبيل ” إساءاته المتكررة ولقاءاته الشخصية وكتاباته في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والموجهة ضد المملكة وقيادتها ورموزها السياسية ومؤسساتها الوطنية ومواطنيها والتي لم تتوقف على الرغم من التحذيرات المتكررة له بعدم استغلال الضيافة الأردنية لتوجيه الإساءات ومنذ فترة طويلة” تبين بعد أقل من ساعة أنه يأتي في سياق سلسلة فرضت على دول الخليج قبلاً وتفرض على الأرض الآن لكن في سياق دور محدد يؤديه الأردن كما هو مخطط له.
والآن مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي ومع تسريب أنباء عن خطة إسرائيلية – أردنية لاجتياح دمشق عبر الجنوب وتأمين الأردن غطاء جوي.. بدأت النوايا الأردنية تتكشف ولم يعد بالإمكان أكثر مما كان طيلة ثلاث سنوات إخفاء ما سيقدم لسورية “بصحن الأردن”..
القانوني والمحلل السياسي طارق قلعه جي اعتبر أن قرار الأردن في هذا الوقت تحديداً له علاقة مباشرة بموعد الاستحقاق الرئاسي موضحاً هذه النقطة بالقول “أعتقد أن الأردن وبفعل عامل الترابط البشري بين الشعبين السوري والأردني لم يستطع أن يجاهر بموقفه التآمري ضد سورية وأن يحذو حذو فرنسا وألمانيا الاتحادية بمنع إجراء هذه الانتخابات وانتظر حتى قام السوريون على أراضيه بتسجيل أسمائهم لدى السفارة السورية تمهيداً للاقتراع القادم ليعلن طرد السفير السوري لكي يكون هناك تبرير يقدمه للشعب الأردني بأن عرقلة الانتخابات هو أمر مرتبط بإجراء دبلوماسي تتخذه المملكة ألا وهو طرد السفير السوري لأسباب تتعلق بتصرفات السفير و”إساءاته” كما ادعت الخارجية الأردنية” لكن هذا الأمر كما يضيف قلعه جي “لا يمكن فصله عن التاريخ التآمري للأردن منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى الآن وبقاء الأردن بوابة لمشاريع عدوانية على سورية تتراوح ما بين احتواء الجماعات والتنظيمات التكفيرية والقوات الأجنبية على أراضيها إضافة إلى معسكرات تدريب ومن ثم إرسالهم إلى سورية للقيام بأعمال تهدد أمن واستقرار دولة شقيقة على نحو مخالف لكافة الأعراف والتقاليد الدولية”..
ويتابع قلعه جي “أيضا لا يمكن فصل هذا الإجراء عن النوايا المبيتة لشن عدوان أجنبي على سورية والمناورات المشتركة التي جرت في السابق وتجري حاليا تحت مسمى الأسد المتأهب ومنظومات الصواريخ المتطورة ومنها الباتريوت التي نصبت قواعد لها على الحدود مع سورية بذريعة حماية الأردن من تداعيات ما يجري في سورية على أمنه ولكن لا يمكن أن ننسى أن الأردن قد أصبح فعليا عضو غير رسمي في حلف شمال الأطلسي وأنه وبموجب هذه الصفة يتصرف وفق أجندة أميركية لا تأخذ في الحسبان أبعاد ومخاطر اندلاع حرب بين دولتين شقيقتين متجاورتين”..
واعتبر المحلل السياسي أن “من الخطير أن يراهن الأردن على صبر القيادة والشعب على هذه الممارسات والانتهاكات والسلوك العدواني لأن ما يجري الآن والذي يأتي طرد السفير كإجراء في سلسلة لن يمر دون حساب ودون أن تستخدم سورية كافة الوسائل لحماية أمنها واستقرارها”..
ولم يستبعد المحلل السياسي أن تكون خطوة الاردن هي مقدمة تصعيد العداء مع سورية ودفعها إلى خطوات انتقامية وبالتالي تأجيج الأوضاع على الحدود عسكرياً وميدانياً، والتمهيد لعمل عسكري معادي انطلاقا من الأردن باتجاه الأراضي السورية أو تنفيذ المخطط الصهيو أمريكي بشن عدوان من خلال المثلث الحدودي الأردني الفلسطيني مع سورية..
يذكر أن التعداد العسكري للقوات الأميركية الموجودة في الأردن بذريعة إجراء مناورات مشتركة “الأسد المتأهب” ليس بريء أبداً، كما أن تسريبات نشرتها صحافة العدو الإسرائيلي أشارت إلى أن درعا بوصفها أقرب نقطة إلى دمشق وإلى الأردن أيضاً قد يجعل من الأخير قاعدة للانقضاض على دمشق، كما أشارت تلك التسريبات إلى أن إسرائيل لا تزال تبحث عن ضالتها في أنطوان لحد سوري وليس مستبعداً أن يكون هذا “اللحد” ينتظرها على الحدود الأردنية..
لكن، بالمقابل يدرك الأردن أن خيارات الحرب على سورية ليست سهلة على الإطلاق، لأن كل خيارات عدوانه على سورية ما خفي منها وما ظهر هو موضع مراقبة ورصد من قبل القيادة السورية وعلى الأردن ومن يقف وراءه ويخطط لمثل هذه الأجندات أن يدركوا جيداً بأن حربا قد تكون في حساباتهم محدودة فإنها ربما ستكون حربا عالمية ثالثة.. فهل يجرؤ الأردن على الإقدام على هكذا مغامرة؟؟؟
سيريان تلغراف