مقالات وآراء

عذراء و لكن … بصماتها باقية على جدار الزمان .. بقلم دنيز نجم

بين العادات الغربية و الشرقية ولد الجيل العربي المهجن الذي رفض ما فرضه عليه تراثنا و اعتبره جهل و تخلف حين تفتح وعيه على المجتمع الغربي بواسطة وسائل التكنولوجيا المتطورة التي دخل بها الغرب على تاريخنا و تراثنا و حضارتنا ليفتتها و يدمرها و التي منحته الفرصة فيما بعد ليتحكم بعقول الشعوب العربية كي تتمرد على مجتمعاتها و هذا هو الباب الواسع الذي دخل منه الغرب على مجتمعاتنا و بدأ من خلاله يتحكم بشؤون وطننا العربي.

 و على صعيد الأسرة و الحياة الإجتماعية بين الغرب و العرب نلاحظ أن هناك فرق شاسع ما بينهما من حيث العادات و التقاليد فالغرب يفكر بطريقة مختلفة كلياً عن العرب و على سبيل المثال فالغرب يمارسون حريتهم الشخصية في بلادهم على النحو التالي : 1-لا يؤمنون بالزواج عن طريق الأسرة . 2-الغرب يؤمن بعلاقة الحب القائمة على أساس الصداقة المتينة و الجنس أكثر من إيمانه بالزواج 3-حريتهم الشخصية يمارسونها بشكل طبيعي في مجتمعهم من ناحية لباسهم و تصرفاتهم دون وجود أي عائق 4-لا يعيرون أي اهتمام للعادات و التقاليد و لا يؤمنون بالحلال و الحرام فكل شيء في حياتهم مسموح . 5-لا يؤمنون بالروابط الدينية المقدسة كالزواج على سبيل المثال.

6-لا يؤمنون بالروابط الأسرية 7-بعد سن الثامنة عشر يحق للفرد منهم الإنفصال عن عائلته ليبدأ حياته كما يريد لا كما تريد أسرته 8-لا يبالون بديانة الشخص الذي يرتبطون 9-الفارق بالسن يجب أن يكون مقبولاً إلى حد ما بالإرتباط 10-لا يؤمنون بعذرية المرأة و لا تشكل أي عائق بالإرتباط.

هذه أهم النقاط التي نجد فيها الفروق الإجتماعية الكبيرة بين عقلية الغرب و العقلية العربية فالعربي لا يمارس حريته في حياته الشخصية كما يجب و على سبيل المثال:

1-العربي يلتزم بعاداته مع أسرته و يتقبل اختيارهم للزوجة المناسبة و أحياناً كثيرة يكون مجبراً على القبول 2-العادات و التقاليد تقف عائقاً بوجه العرب لإقامة أي علاقة دون إرتباط 3-العرب يحافظون على مظهرهم الخارجي في المجتمع من ناحية لباسهم و تصرفاتهم 4-العادات و التقاليد تفرض على العرب في مجتمعاتهم خاصة واجب الإلتزام بها 5-العرب يؤمنون بالروابط الدينية المقدسة كالزواج على سبيل المثال 6-الروابط الأسرية لها أهمية كبيرة في حياة الإنسان العربي 7-الأسر الشرقية لا يؤمنون بانفصال أبنائهم عنهم إلا بعد الزواج 8-الدين يقف حاجزاً بين أي شخصين و يمنعهم من الإرتباط 9-العرب لا يهمهم الفارق بالسن من ناحية الرجل حين يرتبط بأصغر منه و لكنهم يرفضون أن يرتبط الرجل بإمرأة تكبره سناً 10-المرأة العربية ملزمة أن تحافظ على عذريتها و إن فقدتها تعتبر عار على أسرتها و يجب التخلص منها.

 الجيل القديم متمسك بالعادات و التقاليد الشرقية و باللاشعور و هو يحاول أن يورثها لأبنائه يفرضها عليهم كما هي دون نقاش و دون وعي و إدراك أن الزمن قد تغير و هذا ما أدى لنفور الأبناء و جعلهم يتمردوا عليه و على المجتمع بطريقة استفزازية لأنهم اعتبروها نوع من التخلف المسيطر على عقول آبائهم بأفكار ورثوها عن أجدادهم خاصة بعد أن تفتحوا على حياة الغرب و أصبحوا بدواخلهم يعانوا من الكبت النفسي من الضغوطات المحيطة بهم و الكبت لمدة طويلة يوّلد الإنفجار.

و هذا ما أدى لولادة هذا الجيل المهجن الذي لم يجد من يرشده بفكر واعي كي يحسن اختيار سلوك يعدل فيه بحق نفسه و حق مجتمعه عليه و يتمكن من ربط الماضي بالحاضر بأسلوب عقلاني منطقي يحافظ فيه على تراثه الشرقي.

لقد تطبع هذا الجيل بالجانب السيء من نموج حياة الغرب و حاول تقليدهم على النحو التالي :1-العربي لم يعد يؤمن بالزواج عن طريق عن الأسرة 2-لم يعد يؤمن برابط الزواج بل أصبحت تحلو له إقامة العلاقات الغرامية المخلة بالعادات و التقاليد و اعتبر هذه حرية شخصية دون الإلتفات أنه يسيء لمجتمعه بها 3-لم يعد يبالي بمظهره الخارجي أمام المجتمع بل أصبح يفرض على مجتمعه لباسه الذي اختاره ليقلد الغرب 4-العادات و التقاليد أصبحت تخنقه و تقيد حريته الشخصية و جعلته يعاني من الكبت النفسي لأنها اعتبرها تخلف 5-لم يعد يبالي بالروابط الدينية المقدسة كالزواج و الطلاق 6-لم يعد يهتم بالروابط الأسرية و هذا ما جعل الأسرة الشرقية المعاصرة تعاني من التفكك الأسري 7-بدأ العربي ينفصل عن أسرته قبل استقراره العائلي بعدة أعذار كالسفر إلى الخارج أو التنقل داخل المحافظات بهدف العلم أو الوظيفة ليتخلص من الضغوطات التي يعانيها من سيطرتهم على سلوكه و تدخلهم في شؤون حياته الشخصية 8-كسر المواطن العربي حاجز الديانة و أصبح يطالب بالزواج المدني كحق من حقوق حريته الشخصية في الإرتباط 9-لم يعد يبالي المواطن العربي بفارق السن بينه و بين شريكة حياته حتى لو كانت أكبر منه لأنه اعتبر أن ما يحق له حين يختار زوجة أصغر منه يحق أيضاً للمرأة لتختار رجل يصغرها بالسن 10-بسبب معاناة المرأة العربية بالعصور الجاهلية تطبعت بالعصر الحديث بعادات الغرب السيئة و اللأخلاقية و لم تعد تحافظ على عذريتها حتى ترتبط بمن يناسبها و بدأ المال يلعب الدور الأكبر في اختيارها للزوج و أصبحت تفضل الرجل الثري على الفقير مهما كانت مواصفاته لأنها فضلت المال على حساب كل شيء حتى على حساب نفسها.

بين الماضي و الحاضر بدأت عاداتنا و تقاليدنا تنقرض شيئاً فشيئاً و السبب هو الباب الواسع التي دخلت منه وسائل التكنولوجيا المتطورة إلى وطننا العربي محملة بأفكار غربية و نموذج حياة مختلفة دون تهيئة الشعوب العربية لها فكرياً و نفسياً عن طريق نشر الوعي و التوجيه و الإرشاد ليستفيدوا من الجوانب الإيجابية فيه كالروتين و الإعتماد على النفس و القراءة و الدقة في المواعيد و تقسيم الوقت بشكل مفيد و المحافظة على نظافة بلادهم و تطويرها بل راحت الشعوب العربية تقليد الغرب بسيئاته قبل حسناته و قد لعب بعض المغتربين العائدين لأوطانهم للزيارة دورهم المؤثر بشكل مباشر على المحيطين بهم سواء بأفكارهم أو بما اكتسبوه من الغرب فمنهم من نقلها بشكل عفوي و منهم من كان ينقلها بأسلوب استفزازي مقصود ليثبت أنه متحضر و هنا بدأت الأجيال الصاعدة بالتمرد على التراث الشرقي بكل ما يحمله من قيم عريقة و بدأوا بتقليد الغرب ليثبتوا بدورهم أنهم أصبحوا متحضرين و تخلصوا من عقد مجتمعهم المتخلف.

من يراقب من بعيد الأزمة التي يعاني منها الوطن العربي بشكل عام يدرك أنها كارثة كبيرة حلّت عليه لأنها تهدد تراثنا العربي و هويتنا بالإنقراض و لكن القضاء على هذه الكارثة ليس بأمر مستحيل و لكنها تحتاج لكثير من العقل و كثير من الحب و بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية و النخب الثقافية و المدارس و الجامعات نستطيع بالعقل المفكر و الأساليب المنطقية تغذية العقول بالفكر العلماني و العروبي ليحافظوا على المبادئ و القيم الإنسانية و الأخلاقية الشرقية كي يحموا أنفسهم و مجتمعهم من الضياع و التشتت.

و لكن الدور الأساسي للقضاء على هذه الكارثة يقع على عاتق الأسرة لأنه منها يبدأ التغيير بسلوك الفرد حتى يشمل المجتمع و ما يتوجب على الأسرة هو إنشاء علاقة صداقة مع أبنائهم و إحتوائهم بحب كبير و حنية أكبر و الإصغاء لهم بصبر لمعرفة العقبات التي تواجههم و محاولة استيعاب أفكارهم و عقولهم و تطلعاتهم و إيجاد الحلول المناسبة معهم دون اللجوء لإستخدام أساليب العنف و الترهيب بالصوت العالي و الضرب لأن الأهل هم أول من سيدفع ثمن أخطائهم و ما يفعله أي فرد سينعكس على محيطه ليشمل مجتمعه و بالنهاية الوطن هو من سيدفع الثمن الأكبر و التفاهم بين الأفراد لا يتطلب علم و لا شهادات بل يتطلب قلب كبير و عقل رزين و حكمة و صبر و هدوء أعصاب و كل شيء إن زاد عن حده نقص فكثرة الضغوطات توّلد الكبت و الكبت يوّلد الإنفجار.

في مجتمعنا الشرقي أصبح الفرد منا يمارس حريته الشخصية بالسرّ كالحب و الزواج و الحمل و الإجهاض إلا جرائم القتل تكون في العلن و الأسرة تعتبر هي الخلية الأساسية بتكوين المجتمع و ما يطرأ من تغييرات على سلوك الفرد ينعكس على المجتمع و يصب بالوطن و الأزمة التي يعاني منها وطننا العربي لها علاقة كبيرة جذرية بالتشرذم الفكري و التفكك الأسري و الإنحلال الأخلاقي و الديني و الإنساني و الشذوذ العروبي و التي وصلت بنا حدّ الإستهتار بتراثنا العربي و هويتنا و حدّ الإستهتار بحياة الإنسان نفسه و بالنهاية مهما تطور مجتمعنا سنبقى شعب شرقي تتجذر بدواخلنا عادات و تقاليد عريقة و أصيلة و خصائل عروبية طيبة تشدنا لجذورنا بأرضنا مهما ابتعدنا عنها أو اغتربنا مصيرنا يبقى مصيرنا العودة إليها يوماً ما و من يتنكر لعروبيته و يرفض الإعتراف بالإنتماء لها فقط من أجل كتلة صغيرة من الخونة الذين اغتصبوا العروبة و طعنوها بسكاكين الغدر فلماذا إذاًً يتحدث باللغة العربية و لماذا يتغنى بجمال بلاده و طبيعتها الخلابة و يكتب الشعر و هو يداعب حروف الأبجدية بروحه و يتنفسها قبل أن يلفظها و يحلم بقصص الحب العذري كقيس و ليلى و يعشق الموسيقى العربية و الطرب الأصيل و يأكل ما طاب و لذ من المأكولات العربية و الحلويات الشرقية و لماذ و لماذا … أسئلة لا و لن تنتهي و لكن الجواب عنها واحد لأنه عربي أصيل عروبيته متجذرة فيه تسري في دمائه الأبية و هويته العربية يرفض أن تتهود و لن يستطيع أن يغيرها إلا عندما يثبت أن الشمس تشرق من الغرب و ليس من الشرق و ما يكرهه العربي منا هو الحال التي وصل إليها وطننا العربي بسبب بعض الخونة و العملاء عروبتنا عذراء اغتصبها الغرب بفكره و لكن بصماتها باقية على جدار الزمان و الإصلاح بالنفوس ليس مستحيل لأن كلمة مستحيل على المؤمن بالله عزّ و جلّ لأنه على كل شيء قدير و كلمة مستحيل هي لغة الضعيف و حجة الجبان و الأمل بالتغيير يبدأ بخطوة ثابتة و بقوة إرادة و تصميم و إيمان لأنه ما اكتسبه جيلنا هو تطبع عن الغرب و الطبع يغلب التطبع و لا بد للإنسان أن يعود لجذوره الأصيلة و سنبقى نتوارث تاريخنا المجيد جيل بعد جيل لأنه ماضي أجدادنا و حاضرنا و مستقبل أبناؤنا.

  سيريان تلغراف | دنيز نجم

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock