مقالات وآراء

أبرهة القرمطي .. و خرافة الطير الأبابيل! .. بقلم محمد رفعت الدومي

ليس وراء اختيار هذا العنوان رغبة في امتصاص عيون أكبر عدد من القراء ، كما قد تذهب بأصحاب الحد الأدني الظنون ، فالقصة حقيقية و بطون الكتب حبلي بكل تفاصيلها ، و رائجة ..

لا أعتقد أن طفلاً وُلِدَ لعائلة مسلمة لم تكن قصة ” أصحاب الفيل ” من الإملاءات الأولي التي تلقاها في طفولته ، و القصة مشهورة ، ” أبرهة الأشرم “، أو ” أبرهة بن الصباح ” ، بني كعبة في ” الحبشة ” ، كنيسة ” القليس ” ، أراد لها أن تكون القبلة الأقليمية الوحيدة ، بالإضافة إلي عدة ذرائع أخري أفرط الرواة في العبث بعقول المؤجلين بذكرها ، لذلك ، انعقد عزمه علي هدم كعبة ” مكة ” ، دون أن يدور بباله أن للبيت رباً يحميه ، سوف يرسل عليه طيراً أبابيل ، تحمل حجارة من سجيل ، تجعله و جيشه كعصف مأكول !

و دون حتي أن يدور بباله أن فيله الورع سوف يخذله ، و يرفض المشاركة في هذه الجريمة البشعة ، و يبدو أن أفيال ذلك الزمان كانت أعقل بكثير من أفيال زماننا التي لا تعقل و لا تفرق بين ما هو حلال و ما هو حرام ، و لا ترتدي الجوارب ولا النظارات الطبية ، و هي تأكل الحشائش بخراطيمها مباشرة ، لا تستخدم الملاعق و لا الشوك و لا السكاكين!

الغريب ، أن مؤلف هذه الأسطورة خلع بكل بساطة علي فيل ” أبرهة ” اسم ” محمود ” ، و أكد في الوقت نفسه أن أول وعاء بشري في التاريخ حمل اسم ” محمد ” هو ” محمد بن عبد الله ” !

و هكذا ، يشعرنا هذا الجو الأسطوري الحار بأننا نعيش بخيالاتنا في صميم مكان مقدس ، تحميه قوي غامضة و جبارة ، و هي صورة لا ترمز إلي القداسة بل هي القداسة المجسدة ، و هي ، إذا ثبتت صحتها ، بمقدورها أن تجعل المرء يسير إلي الإسلام كما يسير إلي نبع الماء ، لكن ، لكي يحدث هذا ، يجب أن تزال عوائق كثيرة في الطريق إلي نسبة هذه القصة إلي التاريخ الحقيقي لا تاريخ الأدب !

فإن من الحماقة أن ننساق في تفسيرات قرآنية لتفاصيل هذا الحدث قبل أن نبدي الدهشة من خفوت ذكر هذه القصة في آداب العرب الموثوق في صحة نسبتها إلي الجاهليين !

و أن يمر هذا الحدث الجلل دون أن يلهب أحاسيس شعراء تلك الفترة لهو أمر يضع غابات من أشجار علامات الاستفهام المعمرة خلف سؤال بسيط ، كيف بلغ الغباء بالعرب الذين عاشوا ذلك الحدث الجلل أن يتجاهلوا حدوثه بهذا الشكل ؟ ..

إن فيلم ” الطيور ” لـ ” ألفريد هيتشكوك ” ، احتل عند ظهوره ، في عالم لم يعد فيه شئ يحتاج إلي تأويل ، كل لهجات الناس و ملأ الدنيا ضجيجاً !

من الجدير بالذكر ، أن هناك شعراء لمسوا في أشعارهم هذا الحدث علي استحياء ، و لكن ، يمكن لكل امرئ تربطه علاقة بالشعر أن يدرك ببساطة أنها أشعار حديثة العمر ، انساق قائلوها خلف رواية القرآن للحدث ، فالمفردات رخوة ، و الصور لا تعكس شيئاً من خشونة البداوة ، و الأساليب مطروقة يمكن أن نردها ببساطة إلي التماهي مع شعراء صدر الإسلام ، و من هذه الأشعار أبيات ينسبونها إلي ” عبد الله بن الزبعري ” ، يقول فيها :

تنكلوا عن بطن مكة إنها / كانت قديماً لا يُرامُ حريمُها

لم تخلق الشعرى لياليَ حُرِّمت / إذ لا عزيز من الأنام يرومُها

سائل أميرَ الجيشِ عنها ما رأى / و لسوف يُنبي الجاهلين عليمُها

ستون ألفا لم يئوبوا أرضهم / و لم يعش بعد الإياب سقيمُها

كانت بها عادٌ و جرهم قبلهم / و الله من فوق العباد يقيمها ..

سائل أمير الجيش ، و الله من فوق العباد ، كلمات تفتت نسبة هذا الأبيات إلي ” ابن الزبعري ” إلي غبار ، فأمير الجيش ، المفردتان معاً ، نكاد لا نعثر لهما علي أثر في أدب الجاهليين ، و هو مصطلح اسلاميٌّ أو يكاد!

و الله من فوق العباد يقيمها ، عجز بيت تصح نسبته إلي كل شاعر ما عدا ” عبد الله بن الزبعري ” ، فهو الشاعر الذي كرس شعره حتي النهاية لهجاء ” محمد ” ، نبيِّ الإسلام ، و هو القائل في هجائه ، في بيت من أبيات قليلة نجت من المصادرة :

أبعثٌ ثم حشرٍ ثم نشرِ / حديثُ خرافةٍ يا أم ‌عمرو !

و هناك أبيات ينسبونها إلي ” أبو قيس بن الأسلت الأنصاري ” يقول فيها :

و من صنعه يوم فيل الحبُوش / إذ كلما بعثوه رزمْ

محاجنهم تحت أقرابه / و قد شرموا أنفه فانخرم

وقد جعلوا سوطه مغولا / إذا يمموه قفاه كلم

فولى وأدبر أدراجه / و قد باء بالظلم من كان ثم ..

الحبوش ، قفاه ، انخرم ، أقسم بربات الشعر أن هذا الهذيان لا تصح نسبته حتي إلي ما قيل من شعر أيام ضعف الشعر في العصر المملوكي !

و من شعر نسب إلي ” نفيل بن حبيب ” حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته :

حمدت الله إذ أبصرت طيراً / و خفتُ حجارةً تلقى علينا

فكلُّ القومِ يسألُ عن نفيلٍ / كأنَّ عليَّ للحبشانِ دينا ..

و هناك أيضاً ، شعر يمس أسطورة الفيل منسوب إلي ” الفرزدق ” و يشبهه ، و إلي ” عبد الله بن قيس الرقيات ” ، و هي نسبة صحيحة ، لكن كلا الشاعرين من شعراء صدر الإسلام رأي كلاهما الحدث في ضوء القرآن لا أكثر ..

و نلاحظ ، علي الفور ، في كل ما وصل إلينا من الماضي ، القريب بالتأكيد ، أن الفيل هو محور الحدث ، و لا نعثر علي شئ يخص الطير الأبابيل إلا فيما نسب إلي ” نفيل ” ، و هما بيتان تلمع فيهما صناعة الشعر كالخنجر، و لعلهما يحملان بصمة ” حماد الراوية ” ، كيف ؟

و لماذا نستشهد بالأدب و هناك رواية متواترة أكثر وفاءاً ، و رواجاً ؟

مما لا شك فيه أن حدثاً عظيماً كهذا الحدث ، لولا أنه خرافة ، كان يجب أن يكون الحدث الأبرز في ألسنة العرب و مجتمعاتهم ، و يجعلون منه نقطة يلجأون إلي الانطلاق منها لتأريخ أحداثهم الهامة ، كأن يقولوا ” فلان ولد بعد عام الفيل بعام ” أو ” فلان تزوج بعد عام الفيل بعامين ” ، أو ” معركة كذا حدثت بعد عام الفيل بكذا ” ، لكن هذا لم يحدث ، إنما كانوا يؤرخون لمناسباتهم بـ ” يوم شعب جبلة ” ، و هو يوم انتصر فيه ” بنو عامر ” علي كل العرب مجتمعين تقريباً ، و هذا ثابت !

شئ آخر ، كان يجب أن ينبه وقوع ذلك الحدث نظرية القداسة لبناية ” مكة ” في عقول أهل ” الحبشة ” ، غير أن هذا لم يحدث ، ولم يحدث أن اختزنته ذاكرة أدبهم ، و لا التقطه المؤرخون في ” فارس ” المجاورة ، و أعتقد ، أن ” أبرهة ” لو أصيب بـ ” الحصبة ” في الطريق إلي ” مكة ” ، لا طيور تلقي بحجارة من نار ، و ” محمود ” دفعته التخمة بالورع و التقوي إلي أن يتذمر من هدم حجر ، و ” ألف ليلة و ليلة ، قصة كل ليلة ” ، أقول ، لو أصيب بـ ” الحصبة ” فقط ، لأقام المؤرخون الدنيا و لم يقعدوها !

لكن ، من أين استمد ” محمد ” أسطورته هذه ، ما هو النبع ؟! ، إنها أساطير اليونان بمجرد انكماش السؤال!

فكل ما ورد في مؤلف ” محمد ” من أساطير ، كتحريف اسم ” يسوع ” إلي ” عيسي بن مريم ” ، و قصة ذي القرنين هي استعارات أدبية واضحة لأصابع الأسطوريين الإغريق ، و الكاتب ” روبرت جريفز ” في كتابه ” الميثولوجيا الأغريقية ” ذكر العمل السادس الموكل إلى ” هيراكليس ” ، و هو طرد الطيور آكلة لحوم البشر المكرسة إلى الإله ” آريس ” ، إله شهوة الدم و القتل حتي جذور الأعصاب ، هذه الطيور التي كانت تملك مناقيراً و أجنحة و مخالبَ من البرونز ، كما يقول الإغريق في آدابهم ، لرعبها من ذئاب وادي الذئاب في طريق ” أوركومينوس ” ، هربت إلى مستنقع ” أستينفالوس ” ، حيث كانت تتكاثر فيه و تسبح أيضا في نهر ” أستينفالوس ” !

و من آن لآن كانت هذه الطيور تطير في جماعات لتقتل الناس و الحيوانات مصوبة نحوهم ، مثل المطر، ريشها البرونزي ، و تطلق في نفس الوقت برازها السام فتتلف و تدمر به محاصيل الحقول !

من الجدير بالذكر أن هذه الطيور كانت تعيش في صحراء ” شبه جزيرة العرب ” ، و تخترق صدور المسافرين !

و لماذا كل هذا الدوران حول أسطورة ، و تفسير الماء بالماء ، ما دامت المقاييس الحقيقية للمقدسات ، و لكل الأشياء ، لا تظهر إلا بتماسكها و صمودها في شتي الأزمنة و الأمكنة ، و ما دام هناك حدث آخر و أكثر ، في زمن آخر و أكثر ، يقتلع هذه الأسطورة من جذورها ؟!..

لقد كان ” بنو تميم ” يعيشون في مكة ، و سرقوا أشياء البيت و انتهكوا حرمته ، و بسبب ذلك ، طردوا من هناك إلي مضاربهم البعيدة ، و كان الضغط علي هذه الحادثة البعيدة هو أقسي ما يوجه من هجاء إلي شعراء بني تميم ، مثل ” جرير ” و ” الفرزدق ” ..

لكن الحدث الذي يفصح بوضوح عن أسطورية الحكاية برمتها ، كان سرقة الحجر الأسود من ” مكة ” و حمله إلي ” البحرين ” دون أن يتعرض ” القرامطة ” لأذي هذه الطيور الغريبة !

في الواقع أن أي ربط بين قصة ” أبرهة الأشرم ” و بين قصة ” أبرهة القرمطي ” ، أقصد ” أبو طاهر الجنابي ” ، يجب أن يؤدي إلي تشويه نظرة المسلم إلي ” سورة الفيل ” و الإضرار بتفسيره للقرآن ككل !

و القرامطة ، حركة شيعية شعوبية ولدت في ” إيران ” ، و ترهلت بفضل ” أبي سعيد الجنابي ” حتي احتلت ” البحرين ” و ” القطيف ” و ” الإحساء ” ، و لعل هذا يكفي بالقدر الذي يفسر غلبة المذهب الشيعي علي هذه المنطقة حتي الآن !

و تمددت تلك الحركة بفضل قائدها الفذ ” الأعصم القرمطي ” علي أرض ” الشام ” ، و كادت أن تقتحم ” مصر ” !

كانت لتلك الحركة نظرية اقتصادية تستحق التقدير ، بل انتبه ” القرامطة ” إلي أساليب اقتصادية اعتبر الإنتباه إليها فيما بعد حدثاً هاماً ، لكن ، لسوء الحظ ، لم يحدق التاريخ النظر إلا في الجوانب السيئة التي اعتمدها المنتمون إلي هذه الحركة ، ربما ، لأنهم أفرطوا في مهاجمة الحجيج و قتلهم بدم بارد و نهب أموالهم ، و سبي النساء ، حتي قيل أن ” أبا طاهر سليمان الجنابي ” قتل منهم ثلاثين ألفاً في أسبوع واحد ، و ألقي بجثثهم في بئر زمزم !

أريد قبل أن أواصل أن أترك الرحالة الفارسي ” ناصر خسرو القبادياني ” يصف لنا الأفق الذي شهد هذه الأحداث ، فرائحة المكان مهمة لاستشراف أي مشهد ، و الرائحة جزء أساسي من ذاكرة المكان ، يقول :

( في آخر سنة ” 442 هـ ” ، بعد تأدية فريضة الحج دخلت مدينة الإحساء ، وهي مدينة ذات أسوار عظيمة ، تضم المزارع و ألارياف داخلها ، و لها أربعة أسوار ، كل واحد يحيط بالآخر في شبه دائرة كاملة ، و المسافة بين السور و الآخر قرابة فرسخ ، و تكثر العيون في الإحساء ، و على كل العيون سواقي ترفع الماء تسقي المزارع ، و مدينة الإحساء تتوسط هذه الأسوار العظيمة ، و يوجد بها من الإمكانات كل ما يراه المرء في كبريات المدن ، و عدد جيش المدينة أكثر من عشرين ألف جندي ، و يزعمون أن حاكم المدينة شريف من الأشراف قد منع الناس من تأدية شرائع الاسلام و قال لهم قد رفعت عنكم الصلاة و الصيام ، و أخبرهم أن لا مرجع لهم في أمور الدين غيره ، و اسم حاكم الأحساء ” أبو سعيد ” ، و إذا سئل أحد الاحساء عن مذهبهم أجابوا : نحن ” بوسعيديون ” ، و لا يصلون و لا يصومون ، وقبر ” أبو سعيد ” في الإحساء ، و عليه مشهد كبير ، و يرابط على قبر ” أبو سعيد ” ، مؤسس الاسرة الحاكمة ، فارس على صهوة جواده ، و يتناوب الجند حراسة ذلك القبر ليلاً نهاراً ، و هم يتوقعون انبعاث ” أبي سعيد ” من القبر ، لذلك ، وضعوا على القبر فرساً مطهماً في غاية الزينة و الأبهة ليركبه الأمير إذا قدر له أن يبتعث من قبره ، و يقول أهل الإحساء أن ” أبا سعيد ” قال لأبنائه و هو على فراش الموت : إنني سأبعث و أعود إليكم بعد موتي ، فإذا لم تتعرفوا عليَّ فاضربوا عنقي بالسيف فإنني سأحيا مرة اخرى ، و قد قال ” أبو سعيد ” هذه المقولة حتى لا يجرؤ إنسان بعد موته على الإدعاء أنه ” أبو سعيد ” )

إنه يتحدث عن قوم ليس لهم صلة بالإسلام من قريب و لا من بعيد ، بل لا يقلون كفراً عن ” أبرهة الحبشي ” ، و كان لهؤلاء القوم عادة توثق كفرهم ، رواها ” محمد بن عبد الله آل عبد القادر ” في كتابه ” تحفة المستفيد بتاريخ الإحساء في القديم والجديد ” ، يقول :

” و من عوائد القرامطة القبيحة المشهورة ” ليلة الماشوش ” ، و هي ليلة عيد لهم تجتمع فيها النساء و الرجال ، فيغنون و يلعبون و يشربون الخمور ، فإذا انتشوا أخذ كل رجل امرأة ممن يليه من النساء فقضى حاجته منها ، و استمرت هذه العادة فيهم ثم زالت بزوالهم “

كأننا في محفل ماسونيٍّ ، و كأن ” جاك سونيير ” بطل رواية ” شيفرة دافينشي ” يمارس و رفاقه الجنس الجماعيَّ كطقس من طقوس العبادة !

و هذه رواية حقيقية ، فلقد ورد في شعر تلك الفترة بيت يؤكد صجتها ، أو يضيف للرواية رواية أخري علي أقل تقدير ، يقول الشاعر :

مِنَّا الذي أبطل الماشوشَ فانقطعت / آثاره و انمحى في الناس و انطمسا ..

لذلك ، إذا تجاوزنا ” الحجاج بن يوسف ” ، رائد ” أبي طاهر الجنابي ” في الاستهانة ببناية ” مكة ” و إحراقها ، لا يملك المرء إلا أن يعجب من ازدواجية معايير السماء ، إذ أرسلت ( الطير الأبابيل ) لتعصف بجيش ” أبرهة ” ، ربما لأنه أسود ، يا لعنصرية السماء ، و تركت ” أبا طاهر الجنابي ” ، الأشد منه كفراً، دون عقاب !

فكما أراد ” أبرهة ” أن يحول وجهة الحجيج إلي الحبشة ، اقتلع ” أبو طاهر الجنابي ” الحجر الأسود ” ، و نقله إلي ” البحرين ” ، ليحول وجهة الحجيج إلي هناك ، و لم تشفع توسلات الخليفة العباسي في ” بغداد ” و لا وساطة الفاطميين في المغرب لدي ” أبرهة القرمطي ” لرده ، و ظل هناك ” 22 ” سنة ، كان الحجيج خلالها يقبلون أثره !

آلهة إلا الله ..

ربما ، كان من أصداء ذكري هذه المرحلة ، أن بعض سكان قري ” مصر ” ما زالوا حتي يومنا هذا لا يأكلون ” القرموط ” ، و هو نوع من أنواع السمك ، و يزعمون أنه يحيض كما تحيض النساء ، هذه إحدي الروايات التي حفظتها عن أبي ، لا أستطيع أن أؤكد أو أنفي ..

سيريان تلغراف | محمد رفعت الدومي

(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock