الأسرة تربي و المدرسة تعلم و القائد يبني .. و مع البشار سوا نكمل المشوار .. بقلم دنيز نجم
صدق من قال أن العلم في الصغر مثل النقش على الحجر لأن عقل الطفل يشبه الصفحة البيضاء نقية نظيفة و جاهزة لتستقبل الحروف و الكلمات ليخزنها بسرعة البديهة التي يمتلكها و المسؤول عن تنمية عقل الطفل في مرحلة الطفولة هو الأسرة .
الطفل يمر في السنة الأولى من عمره بمرحلة اللاتمايز فنراه يحاول أن يعض على أصبع قدمه أو يشد خصلة من شعره لأنه لا يميز بين أعضاء جسده و الأشياء المحيطة به و هنا يأتي دور الأسرة في إرشاده و خاصة الأم التي تلاحظ التغيير الذي يطرأ على حالته منذ الولادة.
و بعد أن يتخطى الطفل السنة الأولى من عمره يبدأ بمرحلة التمييز و يبدأ بمعرفة الأشياء و يتقن التعبير عنها بالإشارات إما بيديه أو التي يرسمها على وجهه.
بعد عمر السنتين يبدأ الطفل بتخزين كل ما يراه و ما يسمعه في عقله الصغير ويمر بمرحلة التعبير عن مواهبه و هنا يأتي دور الأسرة للإهتمام بها و تشجيعه على ميوله التي تتناسب مع ظروفهم و بيئتهم.
المراحل التي يمر بها الطفل في السنوات الأولى من عمره هي أهم المراحل التي تكون حجر الأساس في تكوين شخصيته و هذه المراحل هي ( اللاتمايز – التمييز – التخزين ) و من ثم يبدأ المجتمع بالتدخل في حياة هذا الطفل تدريجياً ليكون له الدور الثاني في تنمية عقله و تكوين شخصيته و تبدأ انعكاسات مجتمعه تظهر في طباعه من خلال الفعل و ردات الفعل و أهم دور يلعبه المجتمع في حياته هو المدرسة لأنها تعتبر المنزل الثاني لكل طفل فالأسرة تربي و المدرسة تعلم.
الحرب على سورية كانت حرب فكر احتلت العقول و جعلتها مسّيرة غير مخيّرة و وضع الصهاينة الخبراء النفسيون على مواقع الانترنيت ليدرسوا الثغرات الموجودة بالعقل العربي و نقاط ضعفه ليخترقوها فيما بعد و وجدوا أن تركيز العرب بأحاديثهم يكون معظمها عن الدين و غالباً ما تؤدي إلى تصادم فكري بوجهات النظر و أحياناً تتحول إلى واقع أليم ينتهي بارتكاب الجرائم و هذا ما استغله الصهاينة لإنجاح مخططهم بإشعال نيران الفتنة الطائفية.
الأزمة في سورية علمتنا أشياء كثيرة حين فرضت علينا واقع مؤلم و جعلتنا ندرك أن الإعمار الحقيقي الذي نحتاجه هو إعمار الفكر قبل الحجر لأن الإنسان هو العامل الأساسي في صنع النصر فاليد الضاغطة على السلاح هي من تصنع النصر و ليس السلاح و الرصاصة تقتل عدة أشخاص أما الكلمة تقتل أمة و تدمر وطن.
كثيراً ما نردد هذه الجملة ( الدين لله و الوطن للجميع ) و لكن لم نستطع تطبيقها عملياً حتى الآن لأنها تحتاج لعملية تغيير ببناء الفكر الذي يتشربه الإنسان في طفولته حتى يتسنى له تطبيقها بعد نموه و إبلاغه ليعكسها بدوره على مجتمعه.
الأسرة و المدرسة يلعبان الأدوار الأساسية في تنمية عقل الطفل و تكوين شخصيته و بناء مستقبله و التغيير بالفكر يبدأ بتغيير المنهج العلمي و الذي يتطلب إلغاء الدروس الدينية من المدارس لأن الدين هو مادة تربوية أي من اختصاص الأهل و المراكز الدينية أما المدارس فمن اختصاصها التعليم و هذا ما سيمنح الطلاب فرص كبيرة للتقارب الفكري العلماني من أجل بناء المجتمع و الإبتعاد عن الأحاديث الدينية السطحية و التي تشحن النفوس بالحقد على الآخر.
الأسرة هي المسؤول الأول عن التربية الدينية و الكنائس و المساجد هم المسؤولين بالدرجة الثانية عن التعليم الديني السليم أما المدارس فمادة التربية الدينية تعتبر ثانوية و ليست أساسية لأنها مادة تربوية و ليست تعليمية و المنهج الدراسي بسورية يجب أن يكون منهج تعليمي يثبت الطفل على قواعد أساسية في بناء فكره و مستقبله و كي يكون عضواً نافعاً في بناء سورية المتجددة و لهذا نتقدم بطلب من سيادة الرئيس بشار الأسد أن يكون الإعمار بالدرجة الأولى هو إعمار الفكر و هذا بتعديل المنهج الدارسي و المواد التدريسية التي نطالب بتعديلها هي:
1- إلغاء مادة التربية الدينية لأنها مادة تربوية ثانوية و ليست دراسية أو أساسية.
2- إدخال مادة القيم الإنسانية لنعلم فيها الجيل الصاعد الشعارات الصادقة عن الديمقراطية و الحرية السامية بمعانيها و عن حقوق الإنسان كي نسد الثغرات التي استغلها الصهاينة في احتلال العقول.
3- إدخال مادة حزب البعث العقائدي ضمن المواد الدراسية ليتشرب جيلنا الصاعد من الإرث العظيم الذي تركه لنا الأب العظيم القائد الخالد حافظ الأسد و الذي لولاه لما صمد الشعب السوري و لا انتصر الجيش العقائدي.
4- إدخال مادة تنمية المواهب لتشجيع الطفل على الإبداع و الإختراع .
بهذه التعديلات نحرك فكر الطفل نحو التقدم بما يخدم مجتمعه و ما يمنحه مستقبلاً أفضل لأن العلم نور و الجهل ظلام و بالعلم مع العمل يكتمل الإعمار الأساسي لسورية على بنية متينة و صلبة خالية من الشوائب و بهذا نبعد جيلنا الصاعد عن التدخل بشؤون الدين بأحاديثهم اليومية و التي ستشحنهم بالتوترات النفسية و تصل حد الإنفجار بعد الكبت و بهذا نحميهم من أنفسهم و نحصنهم بالعلم و المعرفة كي نصل معهم لهدفنا الأساسي بتحقيق معادلة الدين لله و الوطن للجميع.
سورية وطن الإنسان و الإيمان و وطن الديانات السماوية و الحضارات و لكن وجود بعض الثغرات بتنمية الفكر جعلت العدو يدرسها بتقنية عالية من قبل خبراء نفسيون ليوجهوا الضربة على هدفهم و يحكموا الإصابة بدقة و هذه الحرب التي تعاني منها سورية اليوم و الوطن العربي هي الحرب العالمية الثالثة و لكنها لم تكن أبداً كما تخيلها كل منا حرب نووية و صواريخ بل كانت حرب شوارع مع عصابات مافياوية همجية تنتمي لتنظيم القاعدة و هي حرب فكرية زرع فيها الغرب كل سموم أفكاره و شربها لأبناء وطننا حتى احتل عقولهم و سلط المجرمون القتلة على ارتكاب جرائم القتل بالنخب الثقافية ليدمر كل ذي عقل ليسهل عليه مهمة نشر الجهل عن طريق المتعصبين المتطرفين دينياً و الشاذين لغوياً و عروبياً و بتغيير المنهج التعليمي في المدارس سنتغلب على الغرب و نبني سورية المتجددة على أرض صلبة ليتعلم الجيل الصاعد كيف يحافظ على وطنه و يحميه و يدافع عنه و ستتشابك أيادينا من الداخل و الخارج معاً يداً لنعيد إعمار وطننا الغالي سورية الأسد فالأسرة تربي و المدرسة تعلم و القائد يبني .. و مع البشار سوا نكمل المشوار.
سيريان تلغراف | دنيز نجم
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)